عدد من المفارقات المدهشة يجعل التوقف أمام تجربة دينا صلاح ابنة مدينة الإسكندرية، مغرياً للغاية، فهي عاشقة لكل ما له علاقة بالطعام، لكنها لا تتقن أسرار طهيه، أسست واحدة من أشهر الصفحات المتخصصة بمصر في تدوين ونقد فعاليات الطعام المختلفة، باسم «ذواقة اسكندرانية»، لكنها تعترف بعدم إجادتها للطبخ.
فدينا التي درست الفلسفة، لديها عدد من الحكايات عن الطعام والبشر والمحال، والوصفات الجديدة، والأصناف الغريبة والجديدة من نوعها، ضمنتها كتابها «سفرة دايمة»، الذي سيصدر قريباً، كما حاورت عشرات من نجوم الفن والأدب حول ما يشتهون من أطعمة وما يكرهون، ومع ذلك تقول: «كل ما أعرفه عن فنون الطهي إعداد كوب من النسكافيه وسلق البيض».
في البداية تشير المُدوِنة دينا، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن فكرة إنشاء صفحتها على موقع «فيسبوك» جاءتها منذ أربعة أعوام حين قررت توثيق الأكلات المختلفة التي تتناولها في مطاعم أو مقاه عديدة ثم انتقلت إلى مرحلة تدوين نقدها لمختلف المطاعم سلباً وإيجاباً بصورة أكثر احترافية.
وتوضح دينا، أن ردود الأفعال كانت أكثر من رائعة، حيث فوجئت بحجم التفاعل مع منشوراتها وبالتالي بدأت المطاعم والفنادق الكبرى تدعوها لتذوق أصناف من الأطباق الجديدة أو تجربة صنف مطور ما والكتابة عنه، وتضيف: «ازدادت شعبيتي باعتباري (ذواقة اسكندرانية) على مستوى المجتمع المحلي أولاً، ثم على مستوى أوسع في عموم مصر».
ومع تعطّل المطاعم بسبب جائحة «كورونا»، وتوقف جميع المحال، قررت دينا تطوير فكرة صفحتها بإجراء حوارات تهتم بعلاقة البشر بالطعام بدأتها على نطاق ضيق ثم توسعت لتشمل شخصيات عامة في مجالات مختلفة أبرزها الفن والأدب والإعلام.
وتلفت إلى عديد من المواقف الطريفة التي تعرض لها كثيرون ممن حاورتهم كما حدث مع تجربة تناول الأديب مصطفى عبيد، للسلحفاة في مطعم صيني، كما تعرضت الفنانة صفاء جلال، لطرائف مضحكة أثناء تناول «الفسيخ» المعروف برائحته النفاذة ومذاقه المالح بأحد الاستوديوهات.
وحول ما لفت نظرها في علاقة الأدباء والمثقفين بالطعام، أشارت إلى إجماع عدد كبير منهم على أنواع معينة من الأطعمة مثل حلوى «البسبوسة» التي كانت اختياراً محبباً لكثيرين منهم، فضلاً عن «المعكرونة بالبشاميل» والأسماك و«السي فود» وصينية البطاطس باللحم، لكن أحياناً ما كانت تتوقع أن عشق أديب ما للطعام من خلال قراءتها لرواياته فتفاجأ به قليل في تناول الأكل للغاية، كما فاجأها أدباء يشتغلون على عوالم المهمشين والبسطاء في نصوصهم لكن في حياتهم الشخصية يعشقون أكلات أرستقراطية مكلفة مثل السوشي.
وتعترف دينا بأن علاقتها بالمطبخ «صفر كبير»، فتقول إنها لا تجيد صنع أي شيء سوى المشروبات مثل القهوة، الشاي، النسكافيه باللبن. وليس عندها أي شغف لتعلم الطهي في أي وقت قريب، مما يثير دهشة من متابعي صفحتها.
وتتابع دينا، الحاصلة على بكالوريوس في الآداب قسم فلسفة عام 2011. وسبق لها الكتابة عن فعاليات الطعام بكبرى الفنادق والأندية: «في طفولتي لم أكن أحب الطعام إطلاقاً، ولكن فجأة منذ سنوات قليلة أصابتني حالة من الشغف الشديد بالأكل خاصة الحلويات التي أصبحت ترتبط عندي بالمناسبات، فكلما التحقت بعمل جديد أهديت أصدقائي أو عائلتي طبقاً من الحلوى الشرقية أو أشتري نوعاً من الكعك أو التورتة لنجربه سوياً ونستمتع بمذاقه».
وتطرقت إلى كتابها «سفرة دايمة»، وقالت إنها تتحدث فيه عن الطعام والحياة في مشاهدات ترصد المجتمع والفن والأدب لنكتشف كيف يرتبط كل شيء بالطعام «منذ بداية الحياة والذاكرة».
وحول أشهر الأكلات التي تتميز بها مدينتها الإسكندرية، تشير دينا إلى الأكلات الشعبية مثل الكبدة الإسكندراني وحلوى «الفريسكا»، مؤكدة أن طريقة صنع الكُشري والملوخية والحواوشي تختلف لديهم عن باقي المحافظات، بالإضافة إلى تنوع الأسماك والسي فود في المدينة بشكل لافت. وتوضح دينا صلاح أن البيتزا، والدجاج المقلي، والملوخية، والبرغر من أكثر الأكلات قرباً إلى قلبها.
دينا صلاح... من دراسة الفلسفة إلى «ذواقة للطعام»
ترصد الانطباعات حول الأطباق الجديدة والأصناف الغريبة
دينا صلاح... من دراسة الفلسفة إلى «ذواقة للطعام»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة