قمة مصرية ـ صينية تُركز على «سد النهضة» والقضية الفلسطينية

السيسي وشي يتفقان على مواصلة تعزيز التعاون في «مكافحة الإرهاب»

السيسي وشي اتفقا في بكين على تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب (الرئاسة المصرية)
السيسي وشي اتفقا في بكين على تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب (الرئاسة المصرية)
TT

قمة مصرية ـ صينية تُركز على «سد النهضة» والقضية الفلسطينية

السيسي وشي اتفقا في بكين على تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب (الرئاسة المصرية)
السيسي وشي اتفقا في بكين على تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب (الرئاسة المصرية)

توافق الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والصيني شي جنيبينغ، في قمة جمعتهما في بكين أمس، على «مواصلة تعزيز التعاون في (مكافحة الإرهاب) مع التركيز على مستجدات القضية الفلسطينية واستمرار التواصل والتشاور السياسي بين بلديهما حول المواضيع الإقليمية والدولية».
وبحسب بيان رئاسي مصري، فإن «الرئيس الصيني رحب بزيارة الرئيس المصري إلى بكين، والتي من شأنها أن تسهم في تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، لا سيما فيما يتعلق بالتعاون التنموي المشترك»، مثمّناً في هذا الإطار ما تشهده الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين من تطور إيجابي على جميع الأصعدة، خصوصاً في المجالات الاقتصادية والتجارية، فضلاً عن تعزيز التواصل والتشاور السياسي بين البلدين حول المواضيع الإقليمية والدولية، ومؤكداً أن «الصين تولي لعلاقاتها مع مصر أهمية خاصة بالنظر لمحورية دور مصر في محيطها الإقليمي على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا وشرق المتوسط».
السيسي أكد «حرص بلاده للبناء على قوة الدفع الناتجة عن اللقاءات المنتظمة التي تعقد بين كبار المسؤولين في مصر والصين، سعياً نحو الوصول بالتعاون الثنائي إلى آفاق أرحب من التنسيق والتعاون المشترك في العديد من المجالات، خاصة التنموية والاقتصادية والتجارية، ولجذب المزيد من الاستثمارات الصينية، استغلالاً للفرص الاستثمارية الواعدة المتوافرة حالياً في مصر في مختلف القطاعات، أخذاً في الاعتبار ما تتمتع به الشركات الصينية في مصر من سمعة طيبة، وكونها أحد أهم مصادر الاستثمارات الأجنبية المباشرة والخبرة التكنولوجية المتقدمة في عدد من القطاعات الاقتصادية المصرية».
ووفق بيان للمتحدث الرئاسي المصري بسام راضي، أمس، فإن «اللقاء شهد التباحث حول تعزيز التعاون القائم بين البلدين في عدد من المجالات، من بينها أنشطة البحث العلمي ونقل التكنولوجيا المرتبطة بالصناعات الدوائية، وتصنيع لقاحات (كورونا)، والتقنيات الصناعية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسيارات الكهربائية، فضلاً عن تعظيم التعاون والتنسيق بين جهات تقديم الرعاية الصحية بالبلدين لنقل الخبرات الصينية في مكافحة جائحة (كورونا)».
وقال المتحدث المصري إنه تمت مناقشة سبل تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، وتوافق الرئيسان على «أهمية الدور الذي تضطلع به المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في تعزيز مبادرة الصين (الحزام والطريق) ودعم تحقيقها للأهداف المرجوة منها، خاصة من خلال المنطقة المصرية - الصينية للتعاون الاقتصادي والتجاري، والتي تسهم في دفع جهود مصر لتوظيف الموقع الاستراتيجي الهام لمحور قناة السويس، سعياً لأن يصبح مركزاً لوجيستياً واقتصادياً عالمياً».
وشهدت المحادثات «مناقشة دعم التعاون في القارة الأفريقية، والتركيز على أولويات التنمية في أفريقيا على أساس الملكية الوطنية لبرامج التنمية وأجندة التنمية الأفريقية 2063 وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، فضلاً عن التنسيق المستمر لتحقيق الاستفادة المثلى لدول القارة من التعهدات الصينية في إطار مبادرة (الحزام والطريق).
وتطرقت القمة إلى تطورات ملف «سد النهضة»، ومستجدات القضية الفلسطينية، والأزمات في ليبيا وسوريا واليمن، حيث اتفق الجانبان على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور بين البلدين على المستوى الثنائي، وفي إطار المنظمات والمحافل الدولية، فضلاً عن تعزيز التعاون المتبادل في مجال (مكافحة الإرهاب)».
وتتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا بشكل متقطع منذ أكثر من 10 سنوات، من دون نتيجة، على أمل الوصول إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل «سد النهضة». وكانت آخر جلسة للمفاوضات بين الدول الثلاث في أبريل (نيسان) الماضي. وأكد السيسي قبل أيام على «أهمية التوصل إلى اتفاق (قانوني عادل ومتوازن وملزم) ينظم عملية ملء وتشغيل (السد) وفقاً لقواعد القانون الدولي ومخرجات مجلس الأمن في هذا الشأن، وذلك في إطار زمني مناسب ودون أي (إجراءات منفردة)».
وكان السيسي شارك في حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الرابعة والعشرين في العاصمة الصينية بكين، إلى جانب الرئيس الصيني، ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ، وعدد من رؤساء الدول والحكومات.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.