الرئيس المصري يعلن حالة الطوارئ في مناطق بسيناء للمرة الثالثة

محافظ شمال سيناء لـ {الشرق الأوسط}: نتفهم غضب البعض لكن فوائد حظر التجول أكثر من أضراره

عملية أمنية للجيش المصري في سيناء (أ.ب)
عملية أمنية للجيش المصري في سيناء (أ.ب)
TT

الرئيس المصري يعلن حالة الطوارئ في مناطق بسيناء للمرة الثالثة

عملية أمنية للجيش المصري في سيناء (أ.ب)
عملية أمنية للجيش المصري في سيناء (أ.ب)

أصدر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قرارا بفرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر اعتبار من اليوم (الأحد)، في مناطق بشمال سيناء التي تواجه موجة شرسة من العمليات الإرهابية، كما قرر فرض حظر التجول في تلك المناطق.
وبينما أعرب أهالي في شبه جزيرة سيناء لـ«الشرق الأوسط» عن انزعاجهم من القرار، قال اللواء عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، لـ«الشرق الأوسط»، إن «فوائد حظر التجول أكثر من أضراره».
وتزامن الاحتفال بعيد تحرير سيناء، أمس، مع انتهاء حالة الطوارئ المعلنة في مناطق بالمحافظة الحدودية منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتقرر تمديد حالة الطوارئ في يناير (كانون الثاني)، في مسعى لبسط سيطرة القوى الأمنية على المناطق التي تشهد عمليات إرهابية. ويسمح الدستور المصري بإعلان حالة الطوارئ لمدة 3 شهور، وتجديدها لمدة واحدة مماثلة.
وقالت المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقا، إن «القرار يتفق مع الإجراءات الدستورية لأنه لا يعد تمديدا لحالة الطوارئ، وإنما إعلانها في مناطق بعينها، وبشكل عام في غيبة الحالة الطبيعية وفي وجود ضرورة ملحة وخطر على الأمن القومي يملك الرئيس سلطة تقديرية».
ولم يحدد بيان الرئاسة المناطق التي أعلنت فيها حالة الطوارئ؛ لكنّ مسؤولين أكدوا لـ«الشرق الأوسط»، أن المدن الثلاث التي أعلنت فيها حالة الطوارئ من قبل وهي «العريش ورفح والشيخ زويد» تدخل ضمن المناطق التي أعلنت فيها حالة الطوارئ مجددا.
ويقوم الجيش المصري بعمليات مداهمة لمراكز العناصر المتشددة بمشاركة طائرات عمودية. وقتل منذ مطلع مارس (آذار) الماضي وحتى 19 أبريل (نيسان) الحالي 152 من العناصر المتشددة بحسب أرقام استقتها «الشرق الأوسط» من الموقع الرسمي للمتحدث العسكري باسم الجيش العميد محمد سمير. كما قتل عشرات الضباط والجنود خلال سلسلة عمليات إرهابية.
ويرتبط حظر التجول بحالة الطوارئ المعلنة في المحافظة. وقال حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن «أي تمديد لحظر التجول أو لحالة الطوارئ مخالف للدستور»؛ لكنه أضاف: «هذا وضع صعب جدا.. نلتمس العذر للحكومة لوجود حالة اشتباك على الأرض، وقد يعني رفع الحظر تعريض القوات للخطر».
ويثير استمرار حظر التجول غضبا وسط أهالي تلك المناطق. وقال اللواء حرحور الذي اجتمع بعدد من قيادات وشيوخ القبائل والنشطاء قبل أيام، إن «هناك بالطبع من يشعر بالضيق من الأهالي خصوصا في العريش.. وهناك من يتفهم الوضع»، مضيفا أن المحافظة «تواجه وضعا أمنيا يتطلب اتخاذ تدابير خاصة، فهناك عمليات عدائية مستمرة، وندرك أن فوائد حظر التجول أكثر من أضراره».
من جانبه، قال عمرو سليم، أحد سكان مدينة العريش، لـ«الشرق الأوسط»: «صدمنا حين أبلغنا محافظ شمال سيناء اللواء حرحور بتمديد حظر التجول، رغم الحديث عن تقليص عدد الساعات».
وأضاف سليم، وهو أحد قيادات نقابة المهندسين بالمحافظة، أن «حالة من الاحتقان بين سكان المدينة سادت بسبب القرار.. لم يفلح الحظر طوال الستة شهور الماضية في تأمين القوات ومعظم العمليات تمت أثناء الحظر، فلماذا يتم تمديده»، على حد قوله.
في حين، قال منظور رمضان، وهو عضو حركة شباب شمال سيناء لـ«الشرق الأوسط»، إن «رجال الأعمال والمستثمرين هربوا تقريبا جميعهم من العريش، الآن الموظفون فقط ظلوا في المدينة، بسبب حظر التجول».
وقال بيان الرئاسة المصرية، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن الرئيس السيسي أصدر «قرارا رئاسيا بتفويض إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، في اختصاصات الرئيس المنصوص عليها في القانون بشأن حالة الطوارئ».
واحتفلت مصر أمس (السبت) بعيد تحرير سيناء الذي يتزامن مع انسحاب آخر جندي إسرائيلي منها، باستثناء مدينة طابا التي استردت لاحقا بالتحكيم الدولي في 15 مارس عام 1989.
وأشار اللواء حرحور، إلى أن المحافظة ألغت احتفالات العيد القومي لها حدادا على أروح ضحايا الإرهاب؛ لكنه لفت إلى تحسن ملحوظ في تحقيق الأمن بشمال سيناء، مع بقاء التحديات قائمة في مواجهة عدو وصفه بـ«الخسيس والجبان».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.