باكستان تعتمد على «طالبان» الأفغانية لمواجهة التهديد الإرهابي

محادثات أمنية في كابل مع كبار قادة الحركة الحاكمة

استنفار أمني ونقطة تفتيش عقب تصاعد أعمال العنف إثر مقتل كاهن مسيحي في مدينة بيشاور الحدودية نهاية الأسبوع (إ.ب.أ)
استنفار أمني ونقطة تفتيش عقب تصاعد أعمال العنف إثر مقتل كاهن مسيحي في مدينة بيشاور الحدودية نهاية الأسبوع (إ.ب.أ)
TT

باكستان تعتمد على «طالبان» الأفغانية لمواجهة التهديد الإرهابي

استنفار أمني ونقطة تفتيش عقب تصاعد أعمال العنف إثر مقتل كاهن مسيحي في مدينة بيشاور الحدودية نهاية الأسبوع (إ.ب.أ)
استنفار أمني ونقطة تفتيش عقب تصاعد أعمال العنف إثر مقتل كاهن مسيحي في مدينة بيشاور الحدودية نهاية الأسبوع (إ.ب.أ)

تعتمد استراتيجية باكستان الأمنية للتعامل مع تهديد موجة الإرهاب المتصاعدة في أراضيها على «طالبان» الأفغانية. ويتوقع الباكستانيون من «طالبان» الأفغانية تحييد حركة «تحريك طالبان» الباكستانية، وفصلها عن الاعتماد على الذراع المحلية لتنظيم «داعش». وكان وفد باكستاني برئاسة مستشار الأمن القومي «معيد يوسف» قد زار كابل، الأسبوع الماضي، وأجرى محادثات مع كبار قادة «طالبان» الحاكمة.
وظل التركيز في هذه المحادثات منصباً على المناقشات المتعلقة بالهياكل المستقبلية للبنية الأمنية التي يتعين صياغتها لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وقال مسؤول كبير في الحكومة الباكستانية: «من المهم للغاية انتقال (طالبان) من مستوى الميليشيات المسلحة إلى مستوى الحكومة التي يتعين عليها العناية بالشواغل الأمنية لجيرانها». إن روابط «طالبان» مع تنظيم «القاعدة» من جهة، و«حركة طالبان» الباكستانية من جهة أخرى، معروفة وموثقة جيداً.
إن تنافسها مع الذراع المحلية لتنظيم «داعش» حقيقة من الحقائق المعروفة. لكن الأمر غير المعروف أن «طالبان» الأفغانية كانت تحاول فطام «طالبان» الباكستانية عن الاعتماد على تنظيم داعش - الذي كان في طور تحديد خطواته في المنطقة على نحو متزايد. وأعادت حركة طالبان الباكستانية تجميع صفوفها وإحياء قوتها في المناطق الحدودية الباكستانية الأفغانية، وتتمركز قيادتها في المدن والبلدات الأفغانية القريبة من الحدود.
وأنهت حركة طالبان الباكستانية وقف إطلاق النار الذي دام شهراً كاملاً، والذي أعلنت عنه بتملق من «طالبان» الأفغانية، كما أحيت الهجمات على أفراد الأمن الباكستانيين ومنشآتهم.
ويربط المسؤولون الباكستانيون بين جميع الهجمات الإرهابية في الأجزاء الشمالية من البلاد وبين فرق مختلفة من «طالبان» الباكستانية. وترتبط الهجمات في بلوشستان بالجماعات الانفصالية البلوشية، التي أغلقت «طالبان» الأفغانية، مؤخراً، معسكراتها التدريبية في الأراضي الأفغانية القريبة من الحدود، والتي نقلت الآن عملياتها ومعسكراتها إلى منطقة الحدود الباكستانية الإيرانية. وهناك تقارير تشير إلى أن انفجار قنبلة «لاهور أناركالي» قد نفّذته جماعة انفصالية بلوشية.
تعتمد الأجهزة الأمنية الباكستانية بشكل متزايد على «طالبان» الأفغانية لمساعدتها في التعامل مع التهديدات الناشئة من الأراضي الأفغانية. وفي الأسابيع الأولى التي تلت الاستيلاء على كابل، ردت حركة طالبان الأفغانية الجميل الذي منحته إياها قوات الأمن الباكستانية، في أثناء الوجود الأميركي في أفغانستان، وذلك ببساطة من خلال إغلاق معسكرات الإرهاب التي يديرها الانفصاليون البلوش على الأراضي الأفغانية. وتفيد الأنباء بأن هذه المعسكرات انتقلت الآن إلى الأراضي الإيرانية، وأن متمردي البلوش يعملون الآن انطلاقاً من المناطق الحدودية الباكستانية الإيرانية. والنتيجة هي ارتفاع معدل الهجمات في بلوشستان.
هناك دلائل متزايدة على أن باكستان عادت إلى الوضع الذي يتعين عليها فيه مواجهة حركتين من حركات التمرد - الأولى في الشمال الغربي بقيادة «طالبان» الباكستانية والأخرى في الجنوب بقيادة الانفصاليين البلوش. وتسهم حركة طالبان الأفغانية في موجات التمرد والهجمات الإرهابية في الشمال والجنوب، على حد سواء. وتقول بعض التقارير إن أجهزة الأمن الإيرانية تساعد الباكستانيين في التعامل مع التهديد الذي يشكله الانفصاليون البلوش. وقال أحد الخبراء من إسلام آباد إن هناك تنسيقاً قائماً بين الاستخبارات الإيرانية والباكستانية حول كيفية التعامل مع الانفصاليين البلوش، الذين يختبئون الآن في المناطق الحدودية الباكستانية الإيرانية. لكن الانفصاليين البلوش سيواصلون العمل لفترة طويلة في المستقبل المنظور في ظل حالة الفراغ الأمني في أفغانستان - حيث لا تفتقر «طالبان» فحسب إلى القدرة على السيطرة على جميع الأراضي الخاضعة لقيادتها، وإنما بسبب غياب الأجهزة الأمنية المدربة جيداً، فلن تكون الحركة في وضع يمكّنها من تلبية جميع الطلبات الواردة من باكستان.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.