بعد ساعات قليلة من إعلان «حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد)» ما سماه «أسبوع الاغتيال»، ودعوته إلى تنظيم وقفة احتجاجية بعد غد الأحد، بمعية مجموعة واسعة من الأحزاب التونسية اليسارية والقومية والمنظمات الوطنية، دعت من جانبها «حركة النهضة»؛ المعارضة توجه الرئيس التونسي قيس سعيد، رفقة بعض الأحزاب المؤيدة لها؛ في مقدمتها «حزب ائتلاف الكرامة»، و«حزب قلب تونس»، و«حراك مواطنون ضد الانقلاب»، إلى تنظيم مظاهرات احتجاجية في اليوم نفسه، وهو ما فجر مخاوف حقيقية من إمكانية انفلات الوضع الأمني والاجتماعي في حال إصرار هذه الأحزاب والمنظمات على تنظيم وقفتين احتجاجيتين متعارضتين خلال اليوم نفسه، وفي الفضاء العام نفسه، وما قد يترتب على ذلك من تصادم بين الطرفين المتعارضين.
ففي حين تطالب قيادات حزب «الوطد» اليساري، الذي أسسه القيادي اليساري شكري بلعيد، بفتح ملف الاغتيالات السياسية التي تتهم فيها «حركة النهضة» وجهازها الأمني السري، وبمحاسبة كل الأطراف التي ساهمت في الاغتيالات السياسية وعرقلت المرفق القضائي، وجعلت المذنبين يفلتون من العقاب، على حد تعبير زياد الأخضر رئيس حزب «الوطد»، تطالب قيادات «حركة النهضة» ومؤيدوها، في المقابل، بالتضامن مع نور الدين البحيري، الذي يخضع للإقامة الإجبارية منذ 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بقرار من وزير الداخلية، وتتمسك بضرورة الإفراج الفوري عنه، مؤكدة أنها ستنزل إلى الشارع للمطالبة أيضاً بإطلاق سراح كل المحتجزين قسراً، ورفض الانتهاكات التي طالت الحقوق والحريات، خصوصاً خلال المظاهرات الاحتجاجية التي نظمت في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي، بمناسبة إحياء الذكرى الـ11 لإسقاط النظام السابق؛ على حد تعبيرها.
وحسب مراقبين؛ فإن «حركة النهضة» تخلط بين «الملف الحقوقي والملف الاجتماعي، في محاولة للجمع بين السياسي والاجتماعي؛ إذ إنها حملت رئيس الجمهورية وحكومة نجلاء بودن المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع المعيشية، واتهمتها باللامبالاة في مواجهة موجة الزيادات في الأسعار، والنقص الكبير في أهم المواد الأساسية، وتأخر صرف رواتب الموظفين».
كما استنكرت الحركة بشدة «محاولات السلطة التنصل من المسؤولية عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتعميق الأزمة السياسية»، قائلة إنها «تبحث عن شماعة تعلق عليها عجزها في إدارة البلاد، وفشلها في تحقيق الوعود بالإنقاذ، رغم إلغاء البرلمان وتعليق الدستور، وتجميع كافة السلط»؛ على حد قولها.
في السياق ذاته، دعا حراك «مواطنون ضد الانقلاب»، الذي يتزعمه جوهر بن مبارك؛ المعارض خيارات للرئيس سعيد، إلى تنظيم وقفة احتجاجية بعد غد الأحد وسط العاصمة، رفضاً لما وصفها بـ«الانتهاكات الجسيمة للحقوق والحريات، وتصدياً للاحتجاز القسري، الذي تعرض له النائب والوزير الأسبق والقيادي في (حركة النهضة) نور الدين البحيري».
ويؤكد ممثلو «الحراك» أيضاً على تمسكهم بضرورة «الكشف عن حقيقة كل الجرائم الإرهابية، التي مثلت (حسبهم) استهدافاً واضحاً للثورة ومسار البناء الديمقراطي»، منددين بـ«الانقلاب وبالملاحقات الأمنية، والتوقيفات التي تستهدف النشطاء والمدونين، وكذلك دعماً للمجلس الأعلى للقضاء، وتنديداً بالتضييق على القضاء ومحاولة تركيعه واستهداف مسار استقلاليته».
في غضون ذلك، أكدت مصادر نقابية تونسية أن عدد المترشحين لـ«المؤتمر الانتخابي»، المنتظر عقده منتصف هذا الشهر، بلغ أكثر من 40 مترشحاً، سيتنافسون على 15 مقعداً في «المكتب التنفيذي لنقابة العمال»، وذلك في ظل دعوات لإبطال هذا المؤتمر، بعد اتهام القيادات النقابية بانتهاك القانون الأساسي للاتحاد، وإقرار العمل بالفصل «20» الذي يمنع الترشح لأكثر من دورتين متتاليتين. ومن المنتظر أن يحسم القضاء هذه القضية في 7 فبراير (شباط) الحالي؛ أي قبل عقد المؤتمر أواسط الشهر الحالي.
دعوات الاحتجاج تفاقم مخاوف التونسيين من انهيار الوضع الأمني
دعوات الاحتجاج تفاقم مخاوف التونسيين من انهيار الوضع الأمني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة