تصعيد بين تركيا و«قسد» في شمال شرقي سوريا

TT

تصعيد بين تركيا و«قسد» في شمال شرقي سوريا

استمر التصعيد المتبادل بين القوات التركية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا في ظل الاستهدافات المكثفة من جانب تركيا والفصائل الموالية لها لمواقع «قسد» خلال الأيام الأخيرة.
ووقع انفجار عنيف قرب مدينة الدرباسية الحدودية مع تركيا، شمال غربي الحسكة، استهدف مركبة عسكرية داخل الأراضي التركية، في الجهة المقابلة لقرية جطل الواقعة على بُعد كيلومتر واحد غرب الدرباسية، أمس (الخميس). وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن جنوداً من القوات التركية هرعوا إلى موقع الانفجار، وهو ما رجّح وقوع قتلى أو إصابات.
في الوقت ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان، أنه تم القضاء على 9 من عناصر الوحدات الكردية، أكبر مكونات «قسد»، عقب إطلاقهم النار باتجاه منطقة «نبع السلام» الخاضعة لسيطرة تركيا والفصائل السورية الموالية لها المنضوية فيما يسمى «الجيش الوطني السوري».
واعترفت وزارة الدفاع التركية، أول من أمس، بمقتل جندي من قواتها جراء قصف لـ«قسد» بقذيفة مدفعية على مخفر تركي داخل الأراضي التركية على الحدود مع سوريا.
وصعّدت القوات التركية هجماتها على مناطق سيطرة «قسد» في شمال شرقي سوريا. وطال القصف نحو 20 قرية وموقعاً في منطقة عين ديوار، وقرى تل تمر وأبو راسين في ريف الحسكة، ومناطق شمال محافظة الرقة. كما نفّذت القوات التركية قصفاً بالمدفعية الثقيلة على قرى زنوبية والعريضة والهوشان والدبس بالقرب من طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4) شمالي الرقة.
وفي محافظة الحسكة، أُصيب عنصر في قوات النظام، وسيدة ورجل، جراء قصف القوات التركية من داخل الأراضي التركية ومن قاعدتي باب الخير وداودية ضمن منطقة «نبع السلام» على قرى ريف الحسكة.
وطال القصف قرى دادا عبد آل والأسدية والغوالية والنويحات وكولية والكوزلية وتل شنان والطويلة وتل جمعة وتل كيفجي الآشورية وقرية أم الكيف في ريف تل تمر بريف الحسكة الشمالي الغربي. كما قصفت القوات التركية بعنف قرى بريف ناحية أبو راسين، شمال غربي الحسكة.
وأفاد «المرصد السوري» عن حركة نزوح كبيرة للأهالي من المنطقة، كون القصف يستهدف منازل المدنيين بشكل مباشر، مشيراً إلى أن منطقة عين ديوار، في أقصى شمال شرقي سوريا، شهدت استهداف القوات التركية المتمركزة على الشريط الحدودي مع سوريا، منازل المدنيين بالرشاشات والمدفعية الثقيلة في القرية الواقعة بريف مدينة المالكية، ما أدى إلى نزوح عدد كبير من الأهالي إلى مناطق أكثر أماناً، تزامن ذلك مع قصف القوات التركية بقذائف صاروخية على سد «كري فرا» الذي يغذّي المالكية بالمياه.
كان «المرصد» قد أشار إلى مقتل 4 أشخاص على الأقل جراء الاستهداف الجوي التركي لمحطة الكهرباء الرابعة قرب مدينة المالكية بريف الحسكة، والذي طال مبنى يوجد فيه حرس المحطة والعاملون فيها، حيث إن القتلى من العسكريين والعاملين هناك.
وذلك ضمن عملية عسكرية أعلنت وزارة الدفاع التركية تنفيذها ليل الثلاثاء - الأربعاء في مناطق في شمال العراق وشمال شرقي سوريا، سُميت عملية «نسر الشتاء».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.