شاشة الناقد

The Assault
The Assault
TT

شاشة الناقد

The Assault
The Assault

The Assau‪lt‬ ****
> إخراج: عادل خان يرجانوف
> كازاخستان (2022)
> النوع: تشويق سياسي | عروض: {مهرجان روتردام السينمائي}

هذا ثالث فيلم من جمهورية كازاخستان من إخراج عادل خان يرجانوف. في عام 2020 شاهدنا «رجل داكن جداً» (Dark Dark Man) الذي سرد حكاية شرطي اسمه بكزات (دانيار ألشينوف) منصرف للتحقيق في جريمة قتل لكن كعادته في مثل هذه المهمّات التي ترتكبها عصابات المنطقة الريفية البعيدة لا يبحث الشرطي عن القاتل الفعلي بل عن البريء المناسب لاتهامه وقبض الثمن. عندما يجده يقرر الامتناع عن قتل المتهم البريء (تيومان خوز)، مما يدفع بضابط المنطقة المرتشي لمحاولة قتله وينتهي الفيلم بصراع حياة بينهما.
في العام التالي قدّم يرجانوف «قطّة صفراء»: رجل عصابات (أزمات نيغامانوف) يريد طلاق حياة العصابات والهرب من المنطقة التي تسيطر عليها مع صديقته إيفا (كاميلا نوغمانوفا). حلمه بناء صالة سينما في بلدة بعيدة من الريف لكن تحقيق ذلك صعب بسبب ماضيه.
هنا يوفر فيلماً آخر عن العصابات لكنه يقدّمها بضوء مختلف. هي ما زالت خارجة عن القانون (والقانون في تلك البلدات الكازاخستانية البعيدة ما بين السهوب والجبال بعيد) لكنها الآن تواجه مجموعة إرهابية تقتحم مدرسة بلدة جبلية وتحتلها. فقط عصابات البلدة تستطيع مواجهة تلك المجموعة الإرهابية. الصراع من هنا كر وفر، إنما حسب إيقاعه المتمهل والنافذ معاً. لا يستعجل المخرج فتح الملفات. يدفع بالإرهابيين لدخول المدرسة واحتجاز صف من التلاميذ. أحد المدرّسين (عظمات نيغامانوف) يتسلل هارباً. ينتظر مع أهل البلدة وصول البوليس لكن الثلوج الهاطلة تؤخر وصوله. الحل هو أن ينضم المدرّس إلى خارجين عن القانون والتخطيط لاقتحام المدرسة وإطلاق الرهائن.
بروس ويليس - والحمد لله - ليس بينهم. على العكس، مما يجعل العمل مستساغاً وطازجاً حقيقة أن الجميع جديد علينا كمشاهدين. كذلك حقيقة أن الأحداث تقع في منطقة جميلة رغم وحشية طبيعتها. إلى ذلك، هذا الفيلم لا يعمل على منوال مطروق نجد فيه الساقطين من المجتمع ينجزون المهام الصعبة مدافعين عن الأبرياء تساعدهم امرأة مسلحة تملك القدرة على اتخاذ القرارات والشجاعة لتنفيذها.
كباقي أبطال المخرج، شخصياته الرئيسية غير بطولية والأحداث الواقعة لا تنجح في دفعهم إلى هذا الاتجاه. هم مجموعة من البشر في أحداث غير متوقعة تقودهم ولا يقودونها. بطل الفيلم درامياً، ذلك الأستاذ، لديه تاريخ اجتماعي يعتبره مشيناً بسبب قضية طلاق خسرها وهو هرب بمفرده من دون محاولة تهريب تلاميذ صفّه. أي نوع من الأبطال هذا؟
يؤلّف المخرج من هذا المناخ مضموناً ساخراً لا يظهره بسهولة ولا يحاول استنفاذه. الوضع الذي يرغب في سرده مأسوي بقدر ما هو، ضمنياً، كوميدي. وهو يحقق ذلك جيداً.

The Last Ride of the Wolves ***
> إخراج: ألبرتو دي ميكيل
> إيطاليا (2022)
> النوع: تشويق | عروض:
{مهرجان روتردام السينمائي}
في الأيام الخوالي كانت سرقة المال في الغرب أسهل منها اليوم. في البداية جياد تلاحق عربة وتوقفها وتسطو على ما تحمله. أو عصابة أخرى تقتحم قطاراً منطلقاً وتسرق محافظ المسافرين. وفي البلدات المنعزلة يكفي دخول اثنين أو ثلاثة لأحد المصارف لسرقته. لا أجراس إنذار ولا حرس داخل المصرف.
في القرن العشرين بقيت سرقة المصارف عملية هيّنة نوعاً إذا ما قيست بعمليات سرقة المصارف اليوم. بعض العصابات كانت تحفر نفقاً تحت الأرض بغية الوصول إلى المصارف (أو محلات المجوهرات) وتفريغ محتوياتها. بعضها الآخر كان يخطف رئيس المصرف وبعضها الثالث كان ينتحل شخصية امتهنت التزييف.
اليوم المسألة بالغة الصعوبة. حرس وكاميرات وأزرار خفية لخطوط تواصل مع الشرطة وبالطبع خزائن تعمل على الكومبيوتر.
هذا الوضع لن يوقف عصابة إيطالية يرأسها رجل محترف اسمه الحركي باسكال، لكن على الجميع أن ينفذوا تعليماته بدقة. لا مجال للخطأ والعملية ليست مجرد دخول وخروج من المصرف بالغنيمة أو من دونها. هي أكثر تعقيداً ولأنها كذلك هي أيضاً مادة مشوّقة.
يكاد الفيلم أن يكون عن باسكال وتاريخه وخطته. هذا الرجل خريج سجن وله ماضٍ مع المافيا. له كذلك مشاكله العائلة التي باتت وراءه. العملية التي هو بصددها عليها أن تنجح ويؤكد لرجاله أنها، لو نجحت، ستجعل كل منهم قادراً على الإقلاع عن الجريمة ثرياً.
خطّة المخرج ألبرتو دي ميكيل (الذي يلعب دور سائق سيارة باسكال) هي توفير فيلم يكشف كيفية القيام بسرقة ناجحة. هذا الناقد لم ينتبه إلى هذه الحقيقة إلا من بعد فوات الأوان وإلا لكان كتب الخطّة وغيّر وظيفته أو أبقاها ستاراً. التفاصيل التي ترد واقعية وجديدة والشخصيات التي يضعها باسكال تحت الاختبار مخلصة رغم أن بعضهم أكثر التزاماً بحرفية وتفاصيل الدروس التي يتعلمونها من رئيسهم. يجعلك هذا في موقع التساؤل حول ما إذا كانت السرقة ستتم بنجاح أو أن شيئاً ما غير متوقع سيقع ويجد باسكال نفسه وراء القضبان من جديد.
كل هذا جزء من التشويق، لكن الفيلم، رغم جهوده الحثيثة لدخول نادي الأفلام الجادة في هذا الشأن يُثير بعض الملل. إنه هو ذاته الملل الذي كان يصيبنا ونحن نتابع درس الفيزياء في الصفوف الثانوية.

The Territory ***
> إخراج: أليكس بريتز
> البرازيل، الدنمارك (2022)
> النوع: تسجيلي | عروض: {مهرجان صندانس}
أول لقاء بين مواطني ولاية روندونيا، في الأمازون، مع البيض من برازيليين وسواهم، وقع سنة 1981: «منذ ذلك الحين وأحوالنا صعبة»، كما يقول أحد أفراد قبيلة أور إيو واوو واوو التي تقطن، مع قبائل أخرى أرجاء تلك الولاية.
يرد ذلك في فيلم «المُقاطعة» مدعوماً بالوثائق والمقابلات والشعور بأن على أصوات أفراد تلك القبيلة أن تصل إلى العالم. والفيلم، هذا الفيلم تحديداً، هو أفضل وسيلة. لن يضمن المرء محطات التلفزيون فهذه قد تكون مأجورة أو تحت الوصاية أو ربما ستحاول إرضاء كل الأطراف. فيلم أليكس بريتز بريء من كل هذا وعرضه في مهرجان صندانس (وما قد يليه من محافل) قد يكون أفضل ما يمكن لقضية عادلة أن تصل إليه إعلامياً.
زبدة القول، بالنسبة للفيلم، أن أفراد هذه القبيلة وما يجاورها من قبائل أخرى يجدون أنفسهم في رحى معركة بقاء. الغابة بأنهارها وأشجارها وحيواناتها وطيورها هي حياتهم. أي تغيير أو تبديل سيعرّضهم للفناء وليس هناك من شعب حول العالم يرضى بأن يُفنى.
يذكّرنا هذا بمصير ما حدث لهنود أميركا الشمالية والوسطى والجنوبية منذ أن حط كريستوفر كولمبوس على أرضها. جحافل البيض تقدمت ومع كل تقدّم قضمت أرضاً وأفنت شعباً ومن بقي حيّاً يعيش على هامش بعيد محتفظاً بموقع فُرض عليه بعدما كانت الأرض كلها ملكاً له.
الذي يحدث في الأمازون هو صورة مطابقة لما حدث من قبل: الانتشار الأبيض يحوّل الغابة إلى مناطق زراعية وصناعية ويقضم الأراضي. وانتخاب رئيس الجمهورية ياير بولسونارو سنة 2018 كان بداية تحوّل حاسم لصالح الراغبين في تغيير معالم الأرض والبيئة ومن يعيش فيها وعليها. أحد أشهر قراراته كانت حرق الغابات التي جلبت عليه انتقاد حماة البيئة ومنظماتها، لكن الرجل نفّذ ما نوى والآن بات الأمر واقعاً أكثر مما كان عليه بالأمس.
يوضح الفيلم أن أفراد القبائل، وقد لملموا بعضهم في لجان بعضها ساهم في صنع هذا الفيلم، تدرك أن الأمر هو حرب بقاء. وأن الأمر لم يعد يتحمّل خسارة المزيد. قد لا يغيّر الفيلم طبيعة تلك المعركة لكنه بالتأكيد يشرح خطورة ما يدور لمن يريد أن يتفهم المصير الحالك الذي ينتظر أهل الأمازون.
يعرض الفيلم وجهة نظر الآخرين الذين يدافعون عن قرار الرئيس ويتحدثون عن حق موازٍ لهم في أرض ليست مسجلة باسم أحد. أصعب مشاهد الفيلم هي تلك التي ترينا الدمار والتدمير الحاصلين. هنا لا يسع أحد إلا وتذكّر الصراع الذي يخوضه الفلسطينيون دفاعاً عما بقي لهم من أرض وتاريخ.
يدعو الفيلم عملياً للمقارنة في أحد المشاهد والتعليق المصاحب له. في مواجهة مشاهد تدمير البيئة هناك مشاهد موحية بالجمال الطبيعي الغريب للمكان. لقارة من الغابات الكثيفة وحيواناتها وطيورها وأناسها. كلهم أمام مفترق طرق: الحياة أو الموت.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز