علماء بريطانيون يجرون تجربة تتعمد إصابة الشباب بـ«كورونا»

نصف المشاركين الذين تلقوا جرعة منخفضة من الفيروس لم يصابوا بالعدوى

أفاد المشاركون الذين أصيبوا بالفيروس عن أعراض خفيفة إلى معتدلة (إ.ب.أ)
أفاد المشاركون الذين أصيبوا بالفيروس عن أعراض خفيفة إلى معتدلة (إ.ب.أ)
TT

علماء بريطانيون يجرون تجربة تتعمد إصابة الشباب بـ«كورونا»

أفاد المشاركون الذين أصيبوا بالفيروس عن أعراض خفيفة إلى معتدلة (إ.ب.أ)
أفاد المشاركون الذين أصيبوا بالفيروس عن أعراض خفيفة إلى معتدلة (إ.ب.أ)

وجدت دراسة فريدة من نوعها لـ«كورونا» أن الشباب الأصحاء الذين تعرضوا عن قصد للفيروس عانوا من أعراض خفيفة إن وجدت على الإطلاق. وتقدم مثل هذه التجارب فرصة جديدة لدراسة الالتهابات الفيروسية بالتفصيل من البداية إلى النهاية، ولكنها مثيرة للجدل بسبب المخاطر التي تشكلها على المشاركين.
وبحسب مجلة «nature»، أظهرت الدراسة التي أجريت في المملكة المتحدة على 34 فرداً، تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً، أن مثل هذه التجارب يمكن إجراؤها بأمان، كما يقول العلماء، وتضع الأساس لمزيد من الدراسات المتعمقة عن اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات والاستجابات المناعية لعدوى «كورونا».
وكشفت الدراسة أن ما يقرب من نصف المشاركين الذين تلقوا جرعة منخفضة من الفيروس لم يصابوا بالعدوى، في حين أن بعض المصابين لم تظهر عليهم أعراض. وأفاد المشاركون الذين أصيبوا بالفيروس عن أعراض خفيفة إلى معتدلة، بما في ذلك التهاب الحلق وسيلان الأنف وفقدان الرائحة والتذوق.
وقال اختصاصي المناعة في جامعة «نيو ساوث ويلز» بأستراليا مايلز دافنبورت (لم يشارك في الدراسة) إن «الدراسة تمثل تقدماً مهماً محتملاً في كيفية تقييم فاعلية اللقاح والأدوية في المستقبل»، مضيفاً: «هذا يفتح عدداً من الاحتمالات المهمة لدراسة المناعة في بيئة خاضعة للرقابة».
ومع ذلك، يتساءل بعض الباحثين عما إذا كانت خلاصات الدراسة حتى اليوم مهمة بما يكفي لتبرير المخاطر التي يتعرض لها المشاركون، بما في ذلك احتمال حدوث آثار جانبية طويلة المدى. وقالت اختصاصية أخلاقيات علم الأحياء في مستشفى «لوري» للأطفال في شيكاغو سيما شاه: «من غير الواضح تماماً ما إذا كانت هذه الدراسات مبررة من الناحية الأخلاقية، وأنا في انتظار رؤية ما وجدوه أيضاً».



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».