«الأعلى للدولة» الليبي يشترط «قاعدة دستورية» للانتخابات لتمرير إقالة الدبيبة

تزامناً مع تصاعد «الحرب الكلامية» بين «النواب» و»حكومة الوحدة»

رئيس مجلس النواب مستقبلاً سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا (المكتب الإعلامي لرئيس المجلس)
رئيس مجلس النواب مستقبلاً سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا (المكتب الإعلامي لرئيس المجلس)
TT

«الأعلى للدولة» الليبي يشترط «قاعدة دستورية» للانتخابات لتمرير إقالة الدبيبة

رئيس مجلس النواب مستقبلاً سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا (المكتب الإعلامي لرئيس المجلس)
رئيس مجلس النواب مستقبلاً سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا (المكتب الإعلامي لرئيس المجلس)

تصاعدت أمس وتيرة «الحرب الكلامية» والإعلامية بين مجلس النواب الليبي وحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تزامنا مع إعلان المجلس الأعلى للدولة أنه لا يمانع في تغييره، شريطة التوافق على «قاعدة دستورية» لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة.
وكان عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب، قد صرح مساء أول من أمس بأنه سيخصص جلسته المرتقبة الاثنين المُقبل بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد، للاستماع للمرشحين لمنصب رئيس الوزراء، فيما ستخصص جلسة الثلاثاء المُقبل لاختيار رئيس الوزراء.
وبينما بدأ مجلس النواب في تسلم طلبات المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، طالبتهم «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» بتعبئة إقرار الذمة المالية الخاصة بهم بمقرها في العاصمة طرابلس، اعتبارا من اليوم.
وقال عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، الذي التقى في مدينة القبة مع سفير الاتحاد الأوروبي، خوسيه ساباديل: «إننا نريد رئيس حكومة لكل الليبيين»، مشيراً إلى استمرار المشاورات مع مجلس الدولة في عدد من المسارات، وأهمها مسار تعديل الإعلان الدستوري والحكومة الجديدة.
وجدد صالح رفضه ما وصفه بالإملاءات الخارجية والتدخل الخارجي، مشددا على الاستمرار في دعم العملية الانتخابية، وإجراء الانتخابات كونها الحل الأمثل للأزمة الليبية عقب إزالة العوائق، التي قدمتها المفوضية العُليا للانتخابات.
ونقل بيان لصالح عن خوسيه تأكيده على دعم الاتحاد الأوروبي لإرادة الشعب الليبي، ودعم قرارات مجلس النواب.
بدوره أكد السفير الجزائري، سليمان شنين، في لقائه أمس مع صالح على موقف بلاده الداعم لمجلس النواب، بصفته السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة في البلاد، واحترامها لحق الشعب الليبي في اختيار من يمثله، ودعم كافة قرارات مجلس النواب الليبي.
في المقابل، وجه المجلس الأعلى للدولة في العاصمة طرابلس رسائل متناقضة بشأن مستقبل الدبيبة، حيث اعتبر في بيان له، مساء أول من أمس، أن ما صدر عن مجلس النواب في جلسته الأخيرة بخصوص الانطلاق فقط في مسار تغيير السلطة التنفيذية، قبل اتخاذ خطوات عملية وموازية بشأن تعديل الإعلان الدستوري، والمضي قدما نحو اتفاق نهائي بشأن خريطة الطريق بمسارها الدستوري والتنفيذي والأمني والمصالحة الوطنية، «مخالفة جذرية».
ودعا مجلس الدولة مجلس النواب إلى التقيد بما تم الاتفاق عليه، مشيرا إلى أنه يرفض السير قدما في أحد المسارات، دون بقية المسارات الأخرى، ويعتبر ذلك إجراء أحاديا مرفوضا، وغير قابل للتكرار، كما حث مجلس النواب على التعاون لإنهاء المرحلة الانتقالية، والذهاب بأسرع وقت للاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات المرتقبة.
لكن محمد عبد الناصر، الناطق باسم المجلس الأعلى للدولة، قال في المقابل إنه لا يمانع تغيير الحكومة، لكنه يرفض توجه البرلمان في مسارات انفرادية، مؤكدا أن مجلس الدولة لا يرفض تغيير الدبيبة، وغير متمسك بحكومة معينة.
وتابع عبد الناصر، في تصريحات تلفزيونية موضحا أن «تغيير الحكومة ليس أولوية. المهم لدينا هو الالتزام بما تم التوافق عليه من إجراء الانتخابات على قاعدة دستورية»، وقال بهذا الخصوص إن «الاستفتاء على الدستور يستغرق وقتا طويلا، ونحن نرفض الذهاب إلى تغيير الحكومة بهذه الطريقة».
في المقابل، أكدت حكومة «الوحدة» على لسان الناطق الرسمي باسمها، محمد حمودة، في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، دعمها للمساعي الرامية لإنجاح العملية الدستورية، وصولا إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة وشفافة ونزيهة.
واعتبر حمودة أن محاولات تشكيل حكومة جديدة من خلال ما وصفه بمسارات أحادية بعيدا عن الاتفاق السياسي «هي محاولات ستعيد البلاد إلى المربع الأول، وتبعدها عن بلوغ أهداف المرحلة»، على حد قوله.
من جانبه، وجه الدبيبة في بيان مقتضب على موقع «تويتر»، مساء أول من أمس، الشكر للجنة إعداد جدول المرتبات الموحد بتسليمها المقترح النهائي للجدول للجنة المالية بمجلس النواب، وديوان المحاسبة، لافتا إلى أن هذه الخطوة «كانت منتظرة منذ سبع سنوات، ومن حق الليبيين مرتبات مجزية وعادلة».
وبحث الدبيبة مع عبد الحميد الكزة، رئيس الهيئة البرقاوية، خلال اجتماعهما مساء أول من أمس بطرابلس، مستجدات الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد.
كما أكد الدبيبة لدى اجتماع عقده مجلس إدارة مصرف الادخار والاستثمار العقاري على ضرورة وضع خطة ناجحة، وقابلة للتنفيذ وفق الظروف الحالية، والبدء في تقييم أصول المصرف والمشاريع السكنية قيد الإنشاء، بهدف معالجة مشكلة الإسكان، التي تواجه شرائح مختلفة من المجتمع وأهمها الشباب.
كما حث الدبيبة إدارة المصرف المتعثر منذ 10 سنوات على تفعيله مجددا، وقال إن هذه مسؤولية وطنية تتطلب مثابرة وجدية.
من جهتها، واصلت المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز، زيارتها إلى مدينة بنغازي (شرق)، حيث ناقشت مساء أول من أمس مع أكاديميين من جامعة بنغازي دراستهم المشتركة للمقترح الدستوري لعام 2017، بالإضافة إلى إمكانية التعاون المحتمل في المضي قدماً.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».