تحشد مجموعة من الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية التونسية لتنظيم وقفات احتجاجية الأحد المقبل، للمطالبة بالكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية التي شهدتها البلاد، خصوصاً اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد ومحمد البراهمي، النائبين البرلمانيين اللذين اُغتيلا سنة 2013 دون أن يتم الكشف عمّن دبّر هذين العمليتين، اللتين كان لهما أثر كبير على المشهد السياسي في تونس. كما يطالب المحتجون، وفق تصريحات عدد من السياسيين، بإجلاء الحقيقة وعرضها على الشعب التونسي، في إشارة إلى اتهامات بتحميل المسؤولية لقيادات حركة «النهضة»، التي كانت تتزعم المشهد السياسي خلال تلك الفترة.
وتسعى هذه الأطراف السياسية، الرافضة لمشاركة ممثلي الإسلام السياسي في السلطة، إلى التنديد بسياسة الإفلات من العقاب، والدعوة للمحاسبة وفتح الملفات الفعلية وتوجيه الاتهام إلى المذنبين.
ووفق ما تسرب من معطيات حول الأطراف المشاركة في هذا الاحتجاج، فإن «حركة الشعب»، التي تتزعم قائمة الداعمين للتوجه السياسي الذي أعلنه الرئيس قيس سعيد قبل نحو ستة أشهر، هي التي ستقود هذا التحرك الاحتجاجي، مدعومةً بالتيار الشعبي و«حركة البعث»، وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد)، وهو الحزب الذي أسسه وترأسه شكري بلعيد قبل اغتياله، و«حركة تونس إلى الأمام»، و«ائتلاف صمود». بالإضافة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) ونقابة الصحافيين التونسيين، وهيئة المحامين الشبان، والهيئة التونسية للمحامين، واتحاد طلبة تونس، وهيئة الدفاع عن شكري بلعيد، ومنظمة 10 - 23 لدعم مسار الانتقال الديمقراطي في تونس.
ومن المنتظر أن يشارك «حراك 25 يوليو»، الداعم للرئيس سعيد، في تحرك يوم الأحد للمطالبة بـ«تطهير القضاء»، وحل المجلس الأعلى للقضاء، وهو ما سيزيد من منسوب الضغط على السلطة القضائية، التي وجّه لها الرئيس انتقادات حادة، متهماً بعض القضاة بالفساد.
وتأتي هذه التجمعات رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمجابهة خطر انتشار فيروس «كورونا»، ومن بينها منع جميع التجمعات والمظاهرات، وحظر الجولان ليلاً، وتطبيق إجبارية استخدام الجواز الصحي، وهو ما سيطرح تحديات إضافية على منظمي هذا التحرك والفضاء الذي سينظم فيه.
يُذكر أن مجموعة كبيرة من الأحزاب المناهضة لتوجهات الرئيس، وهي في مجملها أحزاب مدعومة من حركة «النهضة»، قد خرجت للاحتجاج في عدة مناسبات، غير أن قوات الأمن واجهتها بخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع، ومنعتها من الوصول إلى الشارع الرئيسي بالعاصمة، بدعوى تحدي قرار الحكومة بمنع المظاهرات والتجمعات، وهو ما ترك انتقادات حادة لمؤسسة الرئاسة، واتهامها بانتهاك الحقوق والحريات. ووقعت أبرز هذه الاحتجاجات في 14 من يناير (كانون الثاني) الماضي، تاريخ إسقاط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وفي حال سماح السلطات بمظاهرات الأحد، فإن ذلك سيفتح الباب لانتقادات حادة للرئيس، واتُّهم وزارة الداخلية بسياسة المكيالين. وفي هذا الشأن قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن تزامن هذا التحرك الاحتجاجي مع الذكرى التاسعة لاغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد قد يضفي زخماً إضافياً على هذه الاحتجاجات، خصوصاً أنها تجمع المطالبين بالكشف عن ملابسات الاغتيالات السياسية بأنصار الرئيس، المطالبين بحل المجلس الأعلى للقضاء.
ورأى العرفاوي أن دعوة «اتحاد الشغل» لإيجاد حل تشاركي لتجاوز الأزمة السياسية قد يكون هو الأفضل من ناحية الكلفة السياسية والاقتصادية، على اعتبار أن مختلف هذه التحركات لن تحل المشكل، بل قد تزيد من تعميق الهوّة بين مكونات المشهد السياسي، على حد تعبيره.
على صعيد آخر شكّك ناجي جلول، وزير التربية السابق، في إمكانية إجراء الانتخابات التشريعية التي أقرها الرئيس يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، معتبراً أنه «موعد أقرب إلى المستحيل، لأن هذه الانتخابات تتطلب شروطاً ضرورية حتى يتم إجراؤها في ظروف معقولة، ومن أهمها القيام بإصلاحات دستورية، وإرساء منظومة انتخابات جديدة وقانون انتخابي جديد، وقانون للأحزاب والجمعيات، وهي عمليات تتطلب الكثير من الجهد والخبرة والوقت».
وكشف جلول عن صعوبة الالتزام بهذا الموعد، مؤكداً أن هذه الإجراءات لا يمكن تنفيذها خلال سنة واحدة. وأضاف في تصريح إعلامي، أنه لا يساند الرئيس، بل «مسار 25 يوليو» الهادف إلى إرساء إصلاحات سياسية، تخلص المشهد السياسي من أدرانه المختلفة، على حد قوله.
أحزاب تونسية تحشد للكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية
تزامناً مع إحياء الذكرى التاسعة لمقتل بلعيد والبراهمي
أحزاب تونسية تحشد للكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة