حملة إلكترونية سورية تدفع «عتاة الموالين» للتراجع عن انتقاد «حكم العسكر»

TT

حملة إلكترونية سورية تدفع «عتاة الموالين» للتراجع عن انتقاد «حكم العسكر»

بعد تراجع الممثل السوري عباس النوري عن انتقاداته لـ«حكم العسكر»، أمام حملة شرسة شنّها الموالون ضده عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تراجع الاقتصادي شادي أحمد عن دعوة وجهها للسوريين إلى التظاهر سلمياً أمام مجلس الشعب (البرلمان) الأحد المقبل؛ احتجاجاً على قرار استبعاد شرائح واسعة من السوريين من دعم المحروقات وبعض المواد التموينية الذي شرعت الحكومة في تنفيذه أول من أمس (الثلاثاء).
وأعلن شادي أحمد عبر حسابه في «فيسبوك» حذف منشور المتضمن الدعوة إلى التظاهر وعزمه الحصول على ترخيص من الجهات المعنية وفق القانون؛ وذلك لتعرض منشوره إلى «هجمة كبيرة من قِبل ذباب إلكتروني» مع تأكيده على حقه في «ممارسة التعبير والمطالبة بحقوقي المنصوص عليها قانونياً». وعلى غرار عباس النوري الذي أكد عدم تعرضه لأي ضغط كي يتراجع عن تصريحاته، قال أحمد «لم أتلق أي ضغط من أي شخص إطلاقاً».
وشهد الشارع السوري حالة من القلق فور بدء الحكومة تنفيذ برنامج تبليغ المستبعدين من الدعم عبر تطبيق «وين» الخاص بالبطاقة الإلكترونية التي يتم بموجبها توزيع حصص المواد المدعومة (بنزين، غاز، مازوت، سكر، رز، شاي) وبلغ عدد البطاقات العائلية المستبعدة من الدعم 612154 بطاقة، في حين بلغ عدد بطاقات آليات البنزين المستبعدة 381999 بطاقة، أما عدد بطاقات آليات المازوت المستبعدة فبلغ 73111 بطاقة. وقدّر عدد الأشخاص الذين شملهم الحرمان بنحو ثلاثة ملايين شخص، في الوقت الذي يعاني فيها أكثر من 90 في المائة من السوريين في الداخل من الفقر، 60 في المائة منهم يحتاجون إلى المساعدات.
وجاء تنفيذ القرار متزامناً مع حملة إلكترونية شديدة شنّها الموالون للنظام على الفنان عباس النوري لانتقاده في حوار مع إذاعة محلية حكم البعث في سوريا الذي بدأ عام 1963، وحكم العسكر الذي أطاح بالحريات والتأسيس للديموقراطية في سوريا منذ أول انقلاب عسكري عام 1949. ولرد الهجوم اضطر عباس النوري إلى التراجع والإعلان أن كلامه تعرض للاجتزاء، وذلك في حوار جديد مع الإذاعة ذاتها التي قامت بحذف الحوار الأول من حساباتها في الإنترنت.
ولم يمنع تضامن بعض الفنانين، وفي مقدمتهم أيمن زيدان تصاعد حملة التحريض ضد النوري وعائلته؛ ما زاد المخاوف في الشارع من القمع، كوسيلة في تكميم الأفواه، التي بدت واضحة مع بدء تنفيذ قرار الاستبعاد من الدعم، فرغم قساوته وما سببه من فوضى بسبب توافد آلاف المستبعدين على الدوائر الرسمية والوزارات لتصحيح بياناتهم الشخصية وملكياتهم (سيارات وعقارات)، لم يجرؤ سوى القلة على انتقاد هذا القرار صراحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في حين طغت على الشارع واقعياً لغة الشتائم المقذعة في ظل حالة من الوجوم العام. وبينما توقعت بعض مكاتب السفريات موجة هجرة جديدة عقب هذا القرار، اتهم الصحافي والنائب السابق نبيل صالح المعروف بولائه للنظام، اتهم وزير التجارة الداخلية الذي وصفه بـ«وزير الفسبكة الذي يزعم معرفته بالمعلوماتية» باستخدام «بيانات الفوضى لتأليب من لم يثر بالثورة مجدداً»، معترفاً لأول مرة وبشكل غير مباشر بأن ما حصل في سوريا كان «ثورة»، مع التحذير من سيطرة الإسلاميين الذين يشاركون في قيادة الدولة، «ألم نقل أن الإسلاميين قد ركبوا قطار الدولة وهم يشاركون في قيادته نحو قعر الهاوية». كما اتهم صالح «الأوصياء» في النظام بإنتاج الفوضى التي «تهدد مرتكزات سلطتهم» وتنظيم حصة الناس من البؤس «هذا مواطن مدعوم بنصف بؤس وذاك عليه أن يدفع ثمن كامل الذل والبؤس»، وعلى سبيل السخرية من قرار رفع الدعم، قال صالح «قريباً سوف يتساوى الجميع أمام عدالة الحرمان»، ووجّه دعوة للسوريين كي يواجهوا مصيرهم «من دون صراخ، بعدما فقدتم كل شيء».
الأستاذة في كلية الإعلام بجامعة دمشق نهلة عيسى التي يلقبها طلابها بـ«الأستاذة المقاومة» لتأييدها قمع المعارضة، كانت أول المنتقدين لقرار رفع الدعم بعد تسلمها رسالة الاستبعاد من الدعم لامتلاكها سيارة وكتبت في «فيسبوك»: «راتبي الهزيل صار ما بيكفي حق بنزيني!؟ وما ضل غير أفتح تمي للهوا»، وأضافت مخاطبة الحكومة «ما هكذا تورد الإبل، وملء خزينة الدولة ما بيصير على حساب كرامات الناس».
بدوره، النائب في مجلس الشعب وأبرز الموالين من «المدعومين» خالد عبود كتب في «فيسبوك» وصف آلية توزيع الدعم، والاستبعاد بأنه «فعل غير دستوري وغير وطني وغير أخلاقيّ، وهو هروب من مشكلٍ عانت وتعاني منه بعض المؤسسات المسؤولة».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.