عزام الأميركي داعية «القاعدة» كان يبيع الإرهاب بالإنجليزية

المتحدث الأميركي الأبرز باسمها قتل في ضربة بـ«الدرون» على الحدود الباكستانية الأفغانية

آدم غادان (عزام الأميركي) (نيويورك تايمز)
آدم غادان (عزام الأميركي) (نيويورك تايمز)
TT

عزام الأميركي داعية «القاعدة» كان يبيع الإرهاب بالإنجليزية

آدم غادان (عزام الأميركي) (نيويورك تايمز)
آدم غادان (عزام الأميركي) (نيويورك تايمز)

إذا كان أسامة بن لادن هو مؤسس «القاعدة» فآدم غادان أو عزام الأميركي قد يكون هو المتحدث الأميركي الأبرز باسمها.
كان ينظر لغادان، المولود في كاليفورنيا الذي اعتنق الإسلام، لفترة طويلة على أنه داعية مهم لأفكار «القاعدة» حيث لعب، بوصفه عضوا في مؤسسة «السحاب»، الذراع الإعلامي للشبكة الإرهابية، أدوارا محورية كمترجم ومنتج فيديو ومفسر ثقافي.
قال الرئيس أوباما يوم الخميس إن غادان وقائدا آخر في القاعدة، أميركي المولد، يدعى أحمد فاروق قد قتلا في يناير (كانون الثاني) في هجمات منفصلة، لم تكن تستهدفهما على وجه الخصوص، حيث جاءت ضد أهداف إرهابية على المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان. وترددت إشاعات عدة مرات من قبل عن تعرض غادان للقتل ولكنه كان يعاود الظهور بعدها.
وظهر غادان، 36 عاما، في الكثير من المرات في مقاطع فيديو من إنتاج «القاعدة» منذ 2004 وما بعدها حيث كان يهدد الولايات المتحدة في خطب نارية يحث فيها المسلمين في أميركا على شن هجمات.
لم يكن غادان قائدا ميدانيا على العكس من الشيخ الأميركي المولد، أنور العولقي، الذي قتل في 2011 في هجوم أميركي بطائرة من دون طيار في اليمن ولكنه كان يعمل على نقل رسالة «القاعدة» إلى المتحدثين بالإنجليزية حول العالم.
وقال تقييم صدر يوم الخميس من شركة «ستراتفور»، المختصة بتحليل المخاطر الجيوسياسية: «إنه نظرا لأن غادان كان المتحدث الرسمي، ولم يكن قائدا ميدانيا فإن مقتله لن يشكل أثرا كبيرا من الناحية العملية على عمليات تنظيم القاعدة الإرهابي ولكن يبدو أن تأثيره الإعلامي كبير نظرا لالتزام مؤسسة السحاب الإعلامية الصمت على غير العادة في 2015،
وترعرع غادان في مزرعة جديان بلغت مساحتها 40 فدانا في جنوبي كاليفورنيا حيث كانت تعيش عائلته حياة اتسمت بالتقشف والانعزال فلم يكن هناك مصدر مياه جارية في منزله الذي كان يعتمد على الطاقة الشمسية كمصدر للكهرباء».
واعتنق غادان الإسلام عندما بلغ 17 عاما وقيل إنه غادر الولايات المتحدة في أواخر التسعينات أثناء فترة ترددت فيها تساؤلات في ذهنه حول معتقدات عائلته الدينية والنظام السياسي الأميركي.
ووصفه أقارب له بأنه داعية سلام مخلص يسعى لعيش حياة أقل مادية عما كانت عليه حياته في كاليفورنيا. وقال أبو غادان، وهو مربي جديان ونجار في مقاطعة ريفرسايد الريفية، في 2014 إنه لم ير ابنه منذ 5 سنوات كما أنه لم يتحدث إليه منذ أكثر من عامين.
وفي وقت لاحق من ذلك الخريف، وفي أول فيديو له، ظهر غادان مرتديا نظارات شمسية سوداء وغطاء رأس ملفوفا حول وجهه حيث عرف نفسه بأنه «عزام الأميركي» معلنا عن علاقته بـ«القاعدة» ومحذرا بغضب من أن «أنهارا من الدماء ستسيل في شوارع أميركا».
وبعد مرور عامين، وفي الذكرى الخامسة لهجمات سبتمبر (أيلول) 2011. كشف غادان الذي أطلق عليه بين المتطرفين اسم «عزام الأميركي» هذه المرة عن وجهه حينما ظهر في مقطع فيديو عن هذه المناسبة، حيث قال «كل الإخوان الذين شاركوا في الغارات على أميركا تميزوا بالإخلاص وقوة الإرادة والطموح الكبير والحماس المتقد لنصرة الإسلام والمسلمين».
وفي غضون شهور، وُجهت اتهامات لغادان، الذي كانت تراقبه السلطات لسنوات، بالخيانة وتقديم دعم مادي لإرهابيين كما عرضت وزارة الخارجية مكافأة وصلت إلى مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه.
وعلى مدى السنوات القليلة اللاحقة، ظهر غادان في الكثير من مقاطع الفيديو، متحدثا في بعض الأحيان باللغة العربية ولكنه كان يتحدث بالإنجليزية في أغلب الأوقات.
وفي يونيو (حزيران) 2010 ظهر في مقطع فيديو وهو يسخر من أوباما واصفا إياه بـ«الرئيس الأميركي المخادع المراوغ صاحب الأساليب الملتوية والذي يحمل اسما مسلما».

* خدمة «نيويورك تايمز»



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.