المفوضية الأوروبية تمنح الغاز والطاقة النووية «علامة خضراء»

المفوضة الأوروبية للخدمات المالية مايرد ماغينيس (إ.ب.أ)
المفوضة الأوروبية للخدمات المالية مايرد ماغينيس (إ.ب.أ)
TT

المفوضية الأوروبية تمنح الغاز والطاقة النووية «علامة خضراء»

المفوضة الأوروبية للخدمات المالية مايرد ماغينيس (إ.ب.أ)
المفوضة الأوروبية للخدمات المالية مايرد ماغينيس (إ.ب.أ)

أعلنت المفوضية الأوروبية أنها وضعت «علامة خضراء» مثيرة للجدل في تصنيفها لمشاريع الغاز الطبيعي والطاقة النووية، في اعتراف مشروط لدورهما في مكافحة التغير المناخي.
وواجه إطلاق الاتحاد الأوروبي معايير جديدة لوضع «علامة خضراء» على المشاريع الاستثمارية لمكافحة تغير المناخ ردود فعل غاضبة من معارضي الاعتماد على الغاز والطاقة النووية. وتعد المعركة بشأن تصنيف الاتحاد الأوروبي لمصادر الطاقة الحلقة الأخيرة ضمن سلسلة خلافات تتخلل النقاشات بين الدول الأعضاء الـ27 بشأن كيفية الوصول إلى اقتصاد بصفر انبعاثات كربونية بحلول العام 2050.
وخلال اجتماع أسبوعي عقد صباح اليوم الأربعاء، أقرت المفوضية الأوروبية قائمة معايير لتصنيف الاستثمارات في الغاز والطاقة النووية لتوليد الكهرباء على أنها «مستدامة»، وهي ميزة كانت سابقا تقتصر على مصادر الطاقة المتجددة فحسب. ومن شأن الخطوة أن تفتح المجال للاستفادة من تمويل خاص للأنشطة التي تخفف انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة.
وذكرت المفوضة الأوروبية للخدمات المالية، مايرد ماغينيس، «نحدد اليوم كيف يمكن للغاز والطاقة النووية أن يساهما في التحول الصعب إلى الحياد» الكربوني. وأضافت «علينا استخدام كافة الأدوات المتاحة إذ لدينا أقل من 30 عاما لتحقيق ذلك».
وتأمل بروكسل أن يساعد «تصنيف الطاقة» في وضع معيار عالمي بشأن تحديد المشاريع المستدامة وتوجيه أموال وول ستريت باتجاه إنقاذ الكوكب. لكنها غارقة حاليا في جدل جراء تصنيف مشاريع الغاز والطاقة النووية على أنها مستدامة، إذ يحذر معارضو المصدرَين المفوضية الأوروبية من أن العلامة تفتقد إلى المصداقية.
ويتباين مزيج الطاقة المستخدم في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشكل واسع. فعلى سبيل المثال، تتباهى فرنسا باعتمادها على الطاقة النووية، ذات الانبعاثات الكربونية الضئيلة للغاية فور بناء المحطات، في سد احتياجاتها من الكهرباء. في المقابل، تعتمد ألمانيا بشدة على الغاز الطبيعي الذي يصل من روسيا وتقود مجموعة صغيرة من الدول التي تعتقد أن الطاقة النووية غير آمنة، وأنه بإمكان الغاز مساعدة اقتصادات تحتاج للفحم؛ مثل بولندا على إيجاد بديل.
وأصرت برلين وباريس على أن قطاع الطاقة الذي اختارته كل منهما يستحق «العلامة الخضراء» فيما أوكلت المفوضية الأوروبية مهمة سياسية غاية في الصعوبة تتمثل بالتوفيق بين كافة الأطراف. وتبنت المفوضية الأوروبية المقترح اليوم بعدما أجرت مشاورات مكثفة مع الدول الأعضاء وجهات معنية أخرى تواصلت لمدة قصيرة.
وسيتم فرض قيود على مشاريع الغاز والطاقة النووية التي سيتعين إقرارها بحلول العامين 2030 و2045 على التوالي، إضافة إلى الإيفاء بقائمة طويلة من المعايير المصممة خصيصا للقطاع. وانتقدت أربع دول أخرى في الاتحاد الأوروبي بشدة، أمس الثلاثاء، إدراج مشاريع الغاز، معتبرة أنه يقوض التعهد بأن يحدد التصنيف «معيارا ذهبيا» للمستثمرين.
وجاء في رسالة إلى المفوضية صادرة عن الدنمارك والسويد والنمسا وهولندا أنه حتى مع فرض شروط، فإن اعتبار الغاز مستداما «يتنافى إلى حد كبير» مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ. في الأثناء، أكد رئيس مصرف الاستثمار الأوروبي، ورنر هوير، الشهر الماضي أن البنك قد يلتف على تصنيف التكتل؛ نظرا إلى المعارضة الواسعة للغاز والطاقة النووية في أوساط المستثمرين المهتمين بالبيئة. وأفاد هوير «إذا خسرنا ثقة المستثمرين عبر بيع مشروع على أنه صديق للبيئة، ليثبت لاحقا بأنه عكس ذلك، فسنكون قضينا على الأسس التي نقف عليها عندما يتعلق الأمر بتمويل أنشطة المصرف».
وفي يناير (كانون الثاني)، أفادت «مجموعة المستثمرين في المؤسسات من أجل تغير المناخ»، التي تضم الأذرع الاستثمارية لـ«جي بي مورغان» و«غولدمان ساكس» بأن إدراج الغاز «سيقوض طموحات الاتحاد الأوروبي لتحديد عتبة دولية للمعايير ذات المصداقية والقائمة على العلم في تصنيف الأنشطة الاقتصادية المستدامة».
وعلى الصعيد الدولي، واجهت مقترحات التصنيف، كما أطلق عليها، معارك مشابهة. في كوريا الجنوبية، واجهت الحكومة انتقادات الشهر الماضي لإدراجها الغاز ضمن مشاريع تحمل «العلامة الخضراء»، وفق وكالة «بلومبرغ»، التي ذكرت أن الطاقة النووية لم تُدرج لكنها ستخضع لمراجعة.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.