نوال الزغبي في «حبر سري» تحبط الخيبات بالضحكات

استضافتها الإعلامية أسماء إبراهيم في حلقة مرحة

نوال الزغبي في «حبر سري» تحبط الخيبات بالضحكات
TT

نوال الزغبي في «حبر سري» تحبط الخيبات بالضحكات

نوال الزغبي في «حبر سري» تحبط الخيبات بالضحكات

أمضى مشاهدو قناة «القاهرة والناس» حلقة مسلّية من جزأين، استضاف فيها برنامج «حبر سري» النجمة اللبنانية نوال الزغبي. حين يملأ الضوء أعماق المرء، يوزّع الدفء حوله، ولو كانت الأيام عزَّ الصقيع. تحمل الضيفة نورها الداخلي معها أينما تحل، ولا تترك مجالاً لتسلل عتمة الحياة. جاهزة للتصدي بأشرس أسلحة المرأة، ضحكتها وثقتها بنفسها. بين المزح واللعب، تشارك الدروس من تجاربها. لا يُستهان بما مرّت به: الغدر، والظلم، وأزمات الثقة، فظلت مصرّة على الفرح، مؤمنة بأقدار الله، تنظر إلى الماضي بانتصار، تكمل الطريق ولا تلتفت إلى الوراء.
الحلقة ترفيهية تقدّمها الإعلامية أسماء إبراهيم، السعيدة بالضيفة المطلّة بـ«اللوك» الأبيض والأحمر اللافت. من الترفيه، تُفهم شخصية النجمة وملامح سنواتها. تبدو تجربة حياة نوال الزغبي أكبر من الأسئلة المعدّة لحوارها، لكنّ نوع البرنامج ميّال إلى التسالي.
ترافقها المرأة القوية في خطواتها، فكانت غنّت لها «أنا اللي ما فيك تجرحا، قوية قبلك سمّوني، أنا دموعي ما بمسحا، أنا بمسح اللي بكّوني»، ولعلها عاهدتها على البقاء إلى جانبها في الانكسارات والخيبات. قد يحلو للمرأة ترجمة قوتها بلمسات على مظهرها. بعضهن يختار تسريحة شعر جريئة، وبعضهن -كنوال الزغبي- يحضر إلى حلقة «حبر سري» بأحمر شفاه حاد، يحمل معاني ودلالات، كالصلابة والتحدي والاستقلالية والإقدام بشجاعة كل النساء.
يضع البرنامج أسئلته في خلاط ويخفقها فلا يكترث الحوار لترتيب الأفكار. في خلاصته تثبت نوال الزغبي قدرتها على ضبط مشاعرها. تحتمي بمنطقتها الآمنة؛ العائلة بالدرجة الأولى، فالأبوان وقلة من الأصدقاء. تشعر بحب الكلاب، تربّيها وتهتم بها، فإن غابت أو سافرت، سلّمت المهمّة لوالدتها. تراها على عكس القطط التي تصفها بـ«الغدارة» وتتجنب رفقتها. نوال توّاقة للوفاء.
تحاول أسماء إبراهيم الخروج بتصريح «صادم» من النجمة. فبعض الأسئلة يهتم بما قيل ويُقال، ويركز على الشائعات والمقارنات، وأي نجمة كانت لتحقق حضوراً أضخم في حفلها، هي أم إليسا؟ نوال الزغبي صاحية، تملك مهارة تجنّب الفخ. تعلّمها الحياة قراءة النيات وإمساك الشاردة والواردة. تردّ على ما ينبغي الرد عليه وتتفادى المفترض تفاديه، مرة بشكل مباشر، كأن ترفض الإجابة عن سبب حذفها تغريدة متعلقة بإحدى الإعلاميات، «حفاظاً على مستوى الحلقة» وفق قولها؛ ومرة بشكل غير مباشر، مختبئة خلف الدعابة والمزاح.
يُدخل البرنامج عناوين الحياة العريضة ضمن ألعابه، فتسيطر الأجواء المرحة. وبينما نوال الزغبي في لعبة التنجيم، أمام «بصارة» تحاول فتح قلبها وكشف أسراره، تؤكد للجميع أنّ الأمر شاق وهي محصّنة من الداخل بجدران يصعب اختراقها. تحاول «البصارة» جرّها إلى الاعتراف بحجم الخفقان، فتلفّ وتدور حول مواصفات رجل الأحلام المستعد للزواج منها. قهقهة، مع استنكار بالمصرية: «أتجوِّز تاني؟ أكيد لأ. شايلاها من دماغي»، مغازلة حرية العزوبية بتحفة «الستّ»: «أعطني حرّيتي أطلق يديّ». تحاول محاورتها إعادتها إلى الماضي وفتح الدفاتر القديمة، فتردّها خائبة. تتذكر طيبتها الزائدة وثقتها المفرطة بالأشخاص الخطأ، توصل العبرة من اللوعة، وتُنهي الحديث.
تؤكد في الحلقة أن لا شيء يهزّها، ما دامت هي والعائلة بصحة جيدة. حتى الخسارة المادية، تُعوّض. تكاد تُذهل أسماء إبراهيم وضيفتها تخبرها بشيء من برودة الأعصاب بأنّ حسابها المصرفي البالغ 17 مليون دولار تحوّل إلى صفر! لبنانيون نُهبت ودائعهم على امتداد الـ10452 كيلومتراً مربعاً، فتعبّر النجمة عن غضبها بكونها واحدة منهم، مع دروس في الإيمان بالله: «سيعوّض كل شيء. الصحة ثم المال. أشكره حين يعطي وحين يأخذ».
تقول لكل امرأة: لا تفرّطي بكرامتكِ، وتصف بـ«أشباه الرجال» مَن يحاربون النساء ويجهضون أحلامهن، لإحساسهم بالنقص وقلة ثقة في النفس. لا تخفي حلمها بشريك العمر، يكون الحنان والسند فتعتمد عليه في المواقف، ثم يسافران ويضحكان ويلهوان في دروب الحياة كطفلين، «إنما الحب الحقيقي غير موجود»، تعود إلى الواقع بخلاصة أليمة.
يؤدي شقيقها مارسيل الزغبي دور رجل الثقة اليوم، بمساندتها كأخ ومدير أعمال. الآخرون، خارج دائرتها الضيقة، تكشفهم على الفور، إن بالغوا في الإطراء وأفرطوا في الكرم. «الحل الوسط رجل طبيعي»، لا زائد ولا نقصان.
تُخان فتغادر، ومن يخون مرة يكررها مرات، فالكرامة قبل الخبز. يمر شريط «الناس العزاز اللي طلعوا أنذال بامتياز» أمام عينيها، وإصراراً على النسيان ترفض ذكر الأسماء. لا تخفي ريبتها من الحسد فتتذكر آلاماً مفاجئة أصابتها في سوريا قبيل حفلها بثلاث ساعات. رغم المحن، تحافظ نوال الزغبي على أعصاب من حديد. من صفاتها المكابرة وتأجيل فورة الغضب. «كونترول» على الحياة، كلّفها بلوغه غالياً، واليوم يمنحها سلاماً داخلياً. «نقطة انتهى»، تغني لما فات بلا أسف.
يذكّرها البرنامج بأغنية من جماليات الفن اللبناني، جمعتها مع صديقها المقرّب وائل كفوري قبل 25 سنة، فأعادت في الحلقة غناءها: «مين حبيبي أنا؟ ردّي عليّ وقولي»، فتجيبه: «إنتَ لبحبه أنا». وغنّت: «ما اندم عليك، دمع الندم غالي». نوال الزغبي تحوّل ندمها إلى جمال.



مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
TT

مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)

«زهوري اليانعة في داخل خميلة»... كلمات للشاعر الجاغريو، وهي نفسها الكلمات التي اختارها الفنان التشكيلي السوداني صلاح المر، لوصف السنوات التي قضاها في مصر، والأعمال الإبداعية التي قدّمها خلالها، وضمنها في البيان الخاص بأحدث معارضه بالقاهرة «احتفالية القرد والحمار».

تنقل المر خلال 15 عاماً قضاها في مصر ما بين حواري الحسين، ومقاهي وسط البلد، وحارات السبتية، ودروب الأحياء العتيقة، متأثراً بناسها وفنانيها، ومبدعي الحِرف اليدوية، وراقصي المولوية، وبائعي التحف، ونجوم السينما والمسرح؛ لتأتي لوحاته التي تضمنها المعرض سرداً بصرياً يعبّر عن ولعه بالبلد الذي احتضنه منذ توجهه إليه.

لوحة لرجل مصري مستلهمة من صورة فوتوغرافية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول المر لـ«الشرق الأوسط»: «أعمال هذا المعرض هي تعبير صادق عن امتناني وشكري البالغين لمصر، ويوضح: «جاءت فكرة المعرض عندما وقعت عقد تعاون مع إحدى الغاليريهات المعروفة في الولايات المتحدة، وبموجب هذا العقد لن أتمكن من إقامة أي معارض في أي دول أخرى، ومنها مصر التي عشت فيها أجمل السنوات، أردت قبل بدء الموعد الرسمي لتفعيل هذا الاتفاق أن أقول لها شكراً وأعبّر عن تقديري لأصحاب صالات العرض الذين فتحوا أبوابهم لأعمالي، والنقاد الذين كتبوا عني، والمبدعين الذين تأثرت بهم وما زلت، وحتى للأشخاص العاديين الذين التقيت بهم مصادفة».

اللوحات تقدم مشاهد مصرية (الشرق الأوسط)

استلهم الفنان 25 لوحة بخامة ألوان الأكريلك والأعمال الورقية من مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية والـ«بوستال كارد» المصرية القديمة، التي تعكس بدورها روعة الحياة المصرية اليومية، ودفء المشاعر والترابط المجتمعي فيها وفق المر: «لدي نحو 5 آلاف صورة مصرية، جمعتها من (الاستوديوهات) وتجار الروبابكيا، ومتاجر الأنتيكات، ومنا استلهمت لوحاتي».

ويضيف: «مصر غنية جداً باستوديوهات التصوير منذ عشرات السنين، ولديها قدراً ضخماً من الصور النادرة المُلهمة، التي تحكي الكثير عن تاريخها الاجتماعي».

الفنان صلاح المر (الشرق الأوسط)

يستطيع زائر المعرض أن يتعرف على الصور الأصلية التي ألهمت الفنان في أعماله؛ حيث حرص المر على أن يضع بجوار اللوحات داخل القاعة الصور المرتبطة بها، ولكن لن يعثر المتلقي على التفاصيل نفسها، يقول: «لا أقدم نسخة منها ولا أحاكيها، إنما أرسم الحالة التي تضعني فيها الصورة، مجسداً انفعالي بها، وتأثري بها، عبر أسلوبي الخاص».

لوحة مأخوذة عن صورة لطفل مصري مع لعبة الحصان (الشرق الأوسط)

تأتي هذه الأعمال كجزء من مشروع فني كبير بدأه الفنان منذ سنوات طويلة، وهو المزج ما بين التجريد التصويري والموضوعات ذات الطابع العائلي، مع الاحتفاء بالجماليات الهندسية، والرموز التراثية، والاستلهام من الصور، ويعكس ذلك ولعه بهذا الفن، تأثراً بوالده الذي عشق الفوتوغرافيا في شبابه.

يقول: «بدأ تعلقي بالفوتوغرافيا حين عثرت ذات يوم على كنز من الصور في مجموعة صناديق كانت تحتفظ به الأسرة في مخزن داخل المنزل بالسودان، وكانت هذه الصور بعدسة والدي الذي انضم إلى جماعة التصوير بكلية الهندسة جامعة الخرطوم أثناء دراسته بها».

لوحة مستلهمة من صورة قديمة لعروسين (الشرق الأوسط)

هذا «الكنز» الذي عثر عليه المر شكّل جزءاً مهماً من ذاكرته البصرية ومؤثراً وملهماً حقيقياً في أعماله، والمدهش أنه قرر أن يبوح للمتلقي لأول مرة بذكرياته العزيزة في طفولته بالسودان، وأن يبرز دور والده في مشواره الفني عبر هذا المعرض؛ حيث يحتضن جدران الغاليري مجسماً ضخماً لـ«استوديو كمال»؛ وهو اسم محل التصوير الذي افتتحه والده في الستينات من القرن الماضي.

لوحة تعكس تفاصيل مصرية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول: «أقنع والدي جدي، بإنشاء استوديو تصوير بمحل الحلاقة الخاص به في (سوق السجانة) بالخرطوم، وتم تجهيز الاستوديو مع غرفة مظلمة من الخشب للتحميض، وذلك في الجزء الخلفي من الدكان».

وجوه مصرية (الشرق الأوسط)

وداخل المجسم تدفع المقتنيات الخاصة المتلقي للتفاعل مع ذكريات المر، والمؤثر الفني الذي شكل أعماله؛ ما يجعله أكثر تواصلاً، وتأثراً بلوحات المعرض؛ فالمتلقي هنا يستكشف تفاصيل تجربة الوالد في التصوير، بل يمكنه التقاط صور لنفسه داخل محله القديم!

وأثناء ذلك أيضاً يتعرف على جانب من تاريخ الفوتوغرافيا، حيث المعدات، وهي عبارة عن الكاميرا YASHIKA التي تستخدم أفلام مقاس 621 وEnlarger والستارة التي تعمل كخلفية وأدوات أخرى للتحميض والطباعة، وتجفيف الفيلم والصور بواسطة مروحة طاولة، وقص الصور بمقص يدوي: «استمر العمل لمدة سنة تقريباً، وأغلق الاستوديو قبل أن أولد، لكن امتد تأثير هذه التجربة داخلي حتى اللحظة الراهنة».

مجسم لاستوديو والد الفنان في الغاليري (الشرق الأوسط)

«احتفالية القرد والحمار» هو اسم «بوستال كارد» عثر عليه الفنان لدى تاجر روبابكيا، ويجسد مشهداً كان موجوداً في الشارع المصري قديماً؛ حيث يقدم أحد الفنانين البسطاء عرضاً احتفالياً بطلاه هما القرد والحمار، ومنه استلهم الفنان إحدى لوحات معرضه، ويقول: «تأثرت للغاية بهذا الملصق؛ وجعلت اسمه عنواناً لمعرضي؛ لأنه يجمع ما بين ملامح الجمال الخفي في مصر ما بين الفن الفطري، والسعادة لأكثر الأسباب بساطة، وصخب المدن التي لا تنام».