«انكسار القلب»... لماذا يسبب الانفصال ألماً عاطفياً وجسدياً؟

الوقوع في الحب يحفز أجزاء الدماغ المسؤولة عن إنتاج هرمونات التوتر (رويترز)
الوقوع في الحب يحفز أجزاء الدماغ المسؤولة عن إنتاج هرمونات التوتر (رويترز)
TT

«انكسار القلب»... لماذا يسبب الانفصال ألماً عاطفياً وجسدياً؟

الوقوع في الحب يحفز أجزاء الدماغ المسؤولة عن إنتاج هرمونات التوتر (رويترز)
الوقوع في الحب يحفز أجزاء الدماغ المسؤولة عن إنتاج هرمونات التوتر (رويترز)

عندما هجرها زوجها بعد أكثر من 25 عاماً معاً، تقول الكاتبة العلمية فلورنس ويليامز إنها شعرت وكأن جسمها موصول بمقبس كهربائي. وتوضح: «يمكنني وصف الأمر كإصابة في الدماغ... لم أكن أنام على الإطلاق. شعرت بالغضب حقاً».
أرادت ويليامز فهم رد فعلها الجسدي على الانفصال، لذلك بدأت في التحدث إلى العلماء في الولايات المتحدة وإنجلترا حول العلاقة بين الألم العاطفي والجسدي. يبحث كتابها الجديد «هارتبيرك: إي بيرسونال آند ساينتيفك جورني»، في الطرق التي يمكن أن يؤثر بها الألم العاطفي الشديد على القلب والجهاز الهضمي والجهاز المناعي وغير ذلك، وفقاً لموقع «إن بي آر» الأميركي.
وتلاحظ ويليامز أن الوقوع في الحب يحفز في الواقع أجزاء الدماغ المسؤولة عن إنتاج هرمونات التوتر - ربما كطريقة للاستعداد لمشاعر الألم والخسارة.
وأوضحت أن الدماغ ينتج هرمونات التوتر هذه «لذلك عندما يغادر شريكنا أو يختفي نوعاً ما، نشعر بالغضب لدرجة أننا نتحفز للبحث عنه أو نشعر بالامتنان الشديد عند عودته... بعبارة أخرى، نحن مستعدون بيولوجياً منذ البداية للشعور بالتوتر عندما تنتهي العلاقة».
https://twitter.com/flowill/status/1451595351887122456?s=20&t=o_F1Qo_ck3hDtn70CsCumw
*كيف ترتبط أجسام الأزواج معاً؟
تتعاون الأجسام حقاً عندما تعيش بالقرب من بعضها البعض كثيراً. في الواقع، يتم تنظيم دقات قلب الأزواج بطريقة مماثلة خلال النوم، كما تتجانس مستويات الكورتيزول لديهم - مستويات الكورتيزول في الصباح والمساء، وهذا ينطبق على معدلات التنفس أحياناً أيضاً. هناك الكثير من الدراسات التي تظهر أنه عندما تضع زوجين في ماسح ضوئي للدماغ وتكلفهما بمهمة، فإن موجات دماغهما تتزامن في الواقع بالطريقة نفسها. بينما إذا وضعت أحد هؤلاء الأشخاص في ماسح ضوئي مع شخص لا يعرفه جيداً، فلن يحدث ذلك.
*ماذا يحدث من الناحية الفسيولوجية عندما يغادر الشريك؟
يلاحظ عقلك وجسمك ذلك على مستوى اللاوعي. ترتفع مستويات الكورتيزول لديك كثيراً، وتنطلق أنظمة الإنذار هذه في جسمك، لأن جهازك العصبي يشعر فجأة وكأنه تحت التهديد لأنك بمفردك. البشر حيوانات اجتماعية، لذلك عندما نكون بمفردنا لا نشعر بالأمان. نحن نعلم أن الوجود بمفردنا في الغابة يعني أنه من المرجح أن نواجه حيواناً مفترساً، أي نصبح أكثر عرضة للإصابة. في النهاية يمكننا أن نشعر بالراحة مع فكرة الوحدة، ولكن عندما يكون هناك تحول دراماتيكي، فإننا نشعر على مستوى ما بعدم الأمان.
* العلماء يدرسون أدمغة «منكسري القلب»
في مجال علم النفس، كان الباحثون ينظرون إلى الطلاق و«القلب المنكسر» في بعض الطرق المثيرة للاهتمام. يقوم بعض الباحثين بوضع الأشخاص الذين يعانون من الحزن في أجهزة مسح الدماغ ورؤية ما يحدث مع موجات الدماغ. الآن هناك علماء يبحثون عن الوحدة. نحن نعلم أن الشعور بالوحدة هو عامل خطر رئيسي لعدد من الأمراض والموت المبكر، ونعلم أيضاً أن الطلاق وفقدان العلاقة يعتبران عامل خطر رئيسياً للوحدة.
* اعتلال تاكوتسوبو القلبي
يعتقد الكثير منا أن «القلب المكسور» مجرد استعارة، لكن الناس بدأوا في ملاحظتها بعد وقوع زلزال كبير في اليابان (في عام 2011) حيث كان الكثير من الناس يأتون إلى المستشفى مصابين بنوبات قلبية. لم يكن هؤلاء أشخاص لديهم عوامل خطر للإصابة بالنوبات القلبية. لم يكن لديهم أي انسداد في الشرايين عندما تم تصوير قلوبهم. لم تكن هناك علامات على انسداد أو تحرر اللويحات. كان هناك شيء ما حول الأحداث الصادمة لهذا الزلزال الذي أطلق الكثير من هرمونات التوتر لدرجة أن قلوب الناس كانت في الواقع «مندهشة» نوعاً ما. وتغير شكل القلب بحيث كان هناك شحمة منتفخة وغير قادرة على الضخ بكفاءة عالية - وتسمى هذه الحالة اعتلال تاكوتسوبو القلبي.
ونعلم الآن أن معدلات هذه الحالة المرضية تزداد بعد الكوارث الطبيعية، وهي شائعة بشكل خاص عند النساء بعد سن اليأس اللائي عانين من أزمة عاطفية كبيرة. وهناك بعض الأمثلة لرجال يعانون من المرض بعد هزيمة فرقهم الرياضية إذا كانوا مستثمرين للغاية في فرق كرة القدم مثلاً، على وجه الخصوص. واعتلال تاكوتسوبو القلبي يمثل فقط حوالي 5 في المائة من جميع النوبات القلبية، لكننا نعلم الآن أن هناك رابطاً عاطفياً واضحاً بين ما يحدث في حياة الشخص، وما يحدث في قلبه.


مقالات ذات صلة

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».