قال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن الأميركيين كانوا قلقين من أن يتخذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرارات «تصعيدية» في جلسة «المجلس المركزي» المرتقبة الأحد المقبل، «لذلك طلبوا منه التريث وإعطاء فرصة لدفع جهود السلام في المنطقة».
الطلب مرره وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى أبو مازن في الاتصال الذي جرى بينهما، في وقت متأخر الاثنين، قبل أن يتصل لاحقاً بوزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، ضمن حراك سياسي تصاعد في المنطقة قبل جلسة «المركزي»، وشمل كذلك لقاء أمين سر «اللجنة المركزية لحركة فتح»، جبريل الرجوب، بوزير الخارجية المصري سامح شكري، واتصالاً بين عضو «مركزية فتح» الوزير حسين الشيخ ومبعوث الرئيس للشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية الروسية، ميخائيل بوغدانوف.
وأضاف المصدر الفلسطيني أن الإدارة الأميركية قلقة من مخرجات «المجلس المركزي» المقبلة، وأن لديهم تخوفات من أن يقدم الرئيس عباس على قرارات تصعيدية «في ظل انعدام الأفق السياسي». و«لذلك طلبوا منه إعطاءهم فرصة. ليس للأميركيين فقط. بل لكل الأطراف ذات الصلة. لقد طلبوا من القيادة التريث، وعدم اتخاذ قرارات أو تفعيل القرارات السابقة للمركزي». وأوضح المصدر أن اتصال بلينكن بعباس كان يهدف لإعطاء الانطباع «بأن الإدارة الأميركية ملتزمة بعملية السلام، وأنه لا داعي للتصعيد فلسطينياً، لكن عملياً لا يوجد أي اختراق أو وعود محددة».
ورد عباس على طلب بلينكن بأن تصرفات إسرائيل قد لا تسمح بانتظار التحرك الأميركي البطيء. وقال عباس للوزير الأميركي، بحسب بيان رئاسي رسمي، إن «الوضع الحالي غير قابل للاستمرار»، مؤكداً على «ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، ووقف النشاطات الاستيطانية واعتداءات وإرهاب المستوطنين، وأهمية احترام الوضع التاريخي في الحرم الشريف، ووقف طرد السكان الفلسطينيين من أحياء القدس، ووقف التنكيل بالأسرى واحتجاز الجثامين، ووقف اقتطاع الضرائب وخنق الاقتصاد الفلسطيني».
كما شدد عباس على ضرورة وقف الممارسات الإسرائيلية أحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين، والانتقال لتطبيق الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، وعقد اجتماعات اللجنة الرباعية الدولية على المستوى الوزاري، من أجل البدء بعملية سياسية حقيقية وفق قرارات الشرعية الدولية. وأضاف أن «المجلس المركزي سيقوم بتقييم الأوضاع، واتخاذ القرارات اللازمة لحماية حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني».
ونقل البيان الرسمي عن بلينكن تأكيده على التزام الولايات المتحدة الأميركية بحل الدولتين وأهمية خلق أفق سياسي، وقوله لعباس إن إدارة الرئيس بايدن تدرك الصعوبات السياسية والاقتصادية التي تمر بها السلطة الفلسطينية، مؤكداً رفضها الاستيطان واعتداءات المستوطنين، والاجتياحات في مناطق السلطة الفلسطينية، ورفض طرد السكان وهدم البيوت، مؤكداً التزام الإدارة الأميركية بإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية.
وأوضح بلينكن أنه سينقل إلى الرئيس بايدن والمسؤولين في إدارته، التحديات والصعوبات التي تواجه الفلسطينيين، وأنه سيقوم بإجراء الاتصالات مع جميع الأطراف المعنية، والعمل المشترك مع الجميع للمضي قدماً لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. وفي حين تجاهل البيان الرسمي الفلسطيني حديث بلينكن عن إصلاحات، قالت الخارجية الأميركية إن بلينكن ناقش ضرورة الإصلاح داخل السلطة الفلسطينية خلال مكالمته مع عباس.
ولم ينتظر بلينكن كثيراً بعد اتصاله بعباس، واتصل في الليلة نفسها بلبيد، وناقش معه العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، وشجعه على مزيد من الإجراءات. والمبادرة الأميركية لامتصاص حرارة «المركزي»، جاءت في ظل أن لـ«المركزي» أسبقيات في اتخاذ قرارات مصيرية وإن كانت لم تر النور.
و«المركزي» أعلى هيئة تشريعية فلسطينية في حال انعقاده، بوصفه مرجعية المؤسسات الفلسطينية؛ المنظمة والسلطة على حد سواء.
وكان «المجلس المركزي الفلسطيني» قد قرر سابقاً إنهاء التزامات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية كافة تجاه اتفاقاتها مع سلطة الاحتلال (إسرائيل)، بما يشمل تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل، إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود 4 يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما قرر وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة، والانفكاك الاقتصادي، باعتبار أن المرحلة الانتقالية؛ ضمنها «اتفاق باريس»، لم تعد قائمة، وخول «المجلس المركزي» الرئيس محمود عباس واللجنة التنفيذية، متابعة تنفيذ ذلك وضمان تنفيذه.
ويعقد «المركزي» جلسته في السادس من الشهر الحالي. وقال عضو اللجنتين «التنفيذية» لمنظمة التحرير و«المركزية» لحركة «فتح»، عزام الأحمد، إن التحضيرات لدورة «المجلس المركزي» الأحد المقبل قد انتهت، وإن الدعوات وجهت للجميع، كما جرى الانتهاء من إعداد أجندة أعمال دورة «المجلس».
وسيكون على جدول أعمال «المجلس المركزي» العلاقتان مع أميركا وإسرائيل، وكذلك الانقسام، وقضية تطوير وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير... وغيرها، إضافة إلى انتخاب أعضاء آخرين لـ«المجلس الوطني» وأعضاء اللجنة التنفيذية، ورئيس «المجلس الوطني» ونوابه وأمين سر المجلس، بعد أن استقال وتوفي بعضهم.
وشدد الأحمد على أن هناك قرارات تتعلق بالعلاقة مع إسرائيل وأميركا، تجب مراجعتها، وأنه قد تم وضعها على جدول أعمال دورة «المجلس المركزي»، مؤكداً: «إن كل ما يجري من انتهاكات، يأتي بهدف تصفية القضية الفلسطينية، وسنبقى نناضل بكل الأساليب المتاحة وفق المواثيق الدولية. كل الخيارات مفتوحة أمام (المركزي)، وستكون القرارات مقرونة بآليات تنفيذ».
وفي الوقت الذي أراد فيه الأميركيون التأكد من أن عباس لم ييأس من إطلاق عملية سياسية ولن يلجأ إلى التصعيد، دخلت دول أخرى على خط النقاشات حول «المركزي» وعملية السلام. واتصل عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، بمبعوث الرئيس للشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية الروسية، ميخائيل بوغدانوف، على ضوء الاتصال الهاتفي بين عباس وبلينكن، وكذلك في ضوء مؤتمر «المجلس المركزي» لمنظمة التحرير الفلسطينية. وطلب الشيخ عقد لقاء للجنة الرباعية. كما بحث وزير الخارجية المصري سامح شكري المسألة مع الفريق جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح»، الذي التقاه في مقر الخارجية بالقاهرة، أمس.
وقال السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن الرجوب أحاط وزير الخارجية بآخر المستجدات في الأراضي الفلسطينية، وما تشهده الساحة الفلسطينية من تحديات واستحقاقات خلال الفترة المقبلة؛ وإنه تم تناول الرؤي حول فرص تحريك مسار العملية السياسية والاتصالات مع الأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية. وأكد شكري ضرورة تهيئة المناخ الملائم لإحياء مسار المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
اتصال بلينكن بعباس يستبق «قرارات تصعيدية» لـ«المركزي»
أطراف أخرى على الخط... والأحمد أكد أن «كل الخيارات مفتوحة»
اتصال بلينكن بعباس يستبق «قرارات تصعيدية» لـ«المركزي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة