«النواب» الليبي لتعديل الإعلان الدستوري... ورئيس الحكومة يؤكد بقاءها

الدبيبة قال إن ما يقوم به صالح «محاولة يائسة لعودة الانقسام»

جانب من جلسة مجلس النواب الليبي أمس (المركز الإعلامي لرئيس المجلس)
جانب من جلسة مجلس النواب الليبي أمس (المركز الإعلامي لرئيس المجلس)
TT

«النواب» الليبي لتعديل الإعلان الدستوري... ورئيس الحكومة يؤكد بقاءها

جانب من جلسة مجلس النواب الليبي أمس (المركز الإعلامي لرئيس المجلس)
جانب من جلسة مجلس النواب الليبي أمس (المركز الإعلامي لرئيس المجلس)

علق مجلس النواب الليبي أمس جلسته إلى الأسبوع المقبل لاختيار رئيس وزراء جديد للبلاد، وفي غضون ذلك أكد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، استمرار حكومته في السلطة حتى إنجاز الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المعلقة.
وقرر مجلس النواب في جلسته أمس تشكيل لجنة بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، الذي يتخذ من العاصمة طرابلس مقراً له، على أن يكون غالبيتها من الخبراء لتقديم مقترح بتعديل الإعلان الدستوري، وإحالته لمجلس النواب للتصويت عليه، واعتماده باعتباره مشروعاً للدستور وإحالته للمفوضية العُليا للانتخابات قصد الاستفتاء عليه.
وقال عبد الله بليحق، الناطق باسم المجلس، إن الاجتماع خلص أيضاً إلى التأكيد على إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بوقف التدخل الأجنبي في الشأن الليبي، موضحاً أنه يتوجب على وزارة الخارجية اتخاذ ما يلزم لاحترام سفراء الدول الأجنبية للقانون الليبي والأعراف الدبلوماسية.
وأوضح بليحق أنه تقرر خلال جلسة أمس العمل على إعادة النظر في رؤساء الأجهزة الرقابية ووكلائهم، بالإضافة إلى مطالبة لجنة المالية بالمجلس بضرورة إحالة قانون المحافظ الاستثمارية في أسرع وقت ممكن.
في المقابل اعتبر الدبيبة أن «ما يقوم به عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، «هو محاولة يائسة لعودة الانقسام»، وأكد أن «الحكومة مستمرة في أداء مهامها حتى إنجاز الانتخابات».
وأضاف الدبيبة في تصريح صحافي أن «مخرجات الاتفاق السياسي واضحة بشأن المجلس الرئاسي والحكومة، ونحن نعمل وفقاً له»، في إشارة إلى اتفاق (ملتقى الحوار السياسي الليبي)، الذي رعته الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية العام الماضي.
كما أبلغ الدبيبة وكالة «رويترز» للأنباء رفضه هذه الخطوة، وأكد أن حكومة «الوحدة» ستواصل عملها لحين إجراء انتخابات جديدة.
وبعدما اعتبر أن الحكومة أنجزت كافة استحقاقاتها تجاه ملف الانتخابات دون تقصير»، قال الدبيبة إن جميع الأطراف الدولية، التي تواصل معها، ضد محاولات صالح فرض مرحلة انتقالية جديدة، لافتاً إلى أن 2.5 مليون ناخب ليبي كانوا في انتظار خريطة طريق، تدعم مشروع الانتخابات وتصبح واقعاً يعيشه الليبيون.
وأوضح الدبيبة في تغريدة له عبر «تويتر»، مساء أول من أمس، أنه «كلما ابتهج الليبيون بابتعادهم عن شبح الانقسام وتوحيد المؤسسات، نجد اليوم محاولات فردية يائسة لعودته».
وواصل الدبيبة أنشطته الاعتيادية، حيث شارك مساء أول من أمس في فعاليات الحفل الختامي لجائزة ليبيا المحلية لتحفيظ القرآن الكريم، كما أكد في فعاليات اليوم الثاني للبرنامج التدريبي «روافع 2» أن الاهتمام بالشباب يعد هدفاً أساسياً لحكومته، مؤكداً على دوره في رسم ملامح ليبيا الجديدة، التي تهدف للبناء وتنبذ الحرب والانقسام.
بدوره أكد محمد حمودة، الناطق باسم الحكومة في تصريحات تلفزيونية أمس، أن «التعنت الحاصل حالياً قد تنتج عنه حكومة غير قادرة على العمل، وبلا شرعية».
وكان حمودة قد اعتبر في تصريحات له مساء أول من أمس أن الحكومة «غير معنية» بما وصفه بالمسار الأحادي لرئيس مجلس النواب وبعض أعضائه، وقال إنه «لن يثمر عن حكومة معترف بها دولياً أو محلياً».
من جهته دعا حسين القطراني، نائب الدبيبة، رئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة ولجنة خريطة الطريق، المشكلة من المجلس للجلوس معاً، بهدف وضع خريطة طريق واضحة المعالم ومحددة الزمن، يتم من خلالها معالجة كافة العراقيل، وحلحلة الإشكاليات، وطي صفحة الخلافات.
وطالب القطراني في كلمة مسجلة الدبيبة بتوحيد الجهود لوضع الحلول المناسبة، والتركيز على توفير الغذاء والدواء والكهرباء، ومجابهة خطر الوضع الوبائي، الذي يهدد الجميع، وتهيئة المناخ ليكون مناسباً لإجراء انتخابات حرة نزيهة، والقبول بنتائجها.
وخلص القطراني إلى أن «المرحلة التي تمر بها البلاد حساسة ومفصلية، وتتطلب من جميع القوى الوطنية تقديم التنازلات وإنكار الذات، ووضع الخلافات جانباً»، لافتاً إلى أن الجميع «سئم من التشظي الذي تعيشه البلاد، وقد آن الأوان للسير قدماً بإرادة حقيقية نحو التنمية والاستقرار، والمصالحة الوطنية الشاملة».
في شأن آخر، دعا مجلس حكماء وأعيان صبراتة أهالي المدينة، الواقعة على بعد 60 كيلومتراً غرب طرابلس، لعصيان مدني شامل بسبب اعتداء مجموعة خارجة عن القانون من مدينة الزاوية على مستشفى مدينة صبراتة.
وطالب بيان للمجلس، مساء أول من أمس، أجهزة الدولة والحكومة وحكماء الزاوية بالتدخل لكبح جماح الفئة المارقة من أبناء الزاوية، وحذر من العواقب حال تكرر الأمر.
وأعلنت إدارة مستشفى صبراتة تعليق الخدمة بالمستشفى لحين إشعار آخر، نظراً لما وصفته بعزوف الأطباء والتمريض، وخصوصاً العنصر النسوي، بعد الاعتداء بالسلاح وتكسير عدة أجزاء بالمستشفى وسيارات المواطنين، واقتحام الكاميرات وتهديد المناوبين والأطباء.
وطالبت الجهات الأمنية والمجلس البلدي بضرورة توفير حماية للمستشفى حتى يستمر في تقديم الخدمات الطبية بالصورة المطلوبة.
وتحدثت وسائل إعلام محلية عن وقوع اشتباكات مسلحة في منطقة تقاطع الذئب بمدينة الزاوية، ما أدى إلى وفاة طفلة، كما تسبب سقوط قذيفة على أحد المنازل في سقوط 9 جرحى.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.