حرائق متكررة تجدد المخاوف على آثار القاهرة التاريخية

السلطات المصرية لكشف ملابسات أحدثها في حي الحسين

لحظة اندلاع النيران في محيط مسجد الحسين التاريخي  (الشرق الأوسط)
لحظة اندلاع النيران في محيط مسجد الحسين التاريخي (الشرق الأوسط)
TT

حرائق متكررة تجدد المخاوف على آثار القاهرة التاريخية

لحظة اندلاع النيران في محيط مسجد الحسين التاريخي  (الشرق الأوسط)
لحظة اندلاع النيران في محيط مسجد الحسين التاريخي (الشرق الأوسط)

جدد الحريق الذي نشب بأحد العقارات المجاورة لمسجد الحسين، (وسط العاصمة المصرية القاهرة)، مساء أول من أمس، المخاوف على المباني والمساجد والوكالات الأثرية، بالقاهرة التاريخية.
وتشتهر هذه المنطقة بكثافة عدد سكانها ومتاجرها، وشوارعها الضيقة التي تقف في بعض الأحيان حائلاً أمام دخول سيارات المطافئ لإخماد النيران.
وتواصل النيابة العامة بالقاهرة تحقيقاتها في حريق العقار رقم 3 بشارع الباب الأخضر، أمام مسجد الحسين، وأتى على 3 طوابق من العقار، وتسبب في إصابة 11 شخصا باختناق.
ويسعى عناصر المعمل الجنائي، لكشف لغز الشرارة الأولى للحريق، وتحديد السبب الحقيقي لاشتعال النيران (انفجار أسطوانة غاز)، أو (ماس كهربائي).

وشددت وزارة الأوقاف المصرية في بيان لها أمس، أن مسجد الحسين لم يتعرض لأي ضرر جراء هذا الحريق.
وسيطرت قوات الحماية المدنية على الحريق بسرعة لعدم مصادفة وجود زحام في المنطقة في تلك الليلة، بجانب نشوب الحريق في عقار يقبع بشارع يسمح بمرور سيارات إطفاء، بحسب شيماء جلهوم، صحافية مصرية، مقيمة بمنطقة الحسين، والتي تضيف لـ«الشرق الأوسط» «أنه نشب حريق منذ فترة بشوارع الموسكي القريبة من الحسين، لم تتمكن سيارات الإسعاف من الدخول إليها بسبب ضيق شوارعها، ما تسبب في امتداد النيران إلى عدة عقارات»، لافتة إلى أن «هذه المنطقة مكتظة بمتاجر بيع المنسوجات والأقمشة والعطور، وهي مواد سريعة الاشتعال.
ووفق جلهوم، فإن غياب أدوات الحماية المدنية بهذه المنطقة المزدحمة، يعرضها للخطر بشكل مستمر، مشيرة إلى أن «المنطقة المجاورة لمسجد الحسين، تخضع حاليا للتطوير، حيث سيتم إزالة عدد من العقارات المجاورة لصالح هذا التطوير».
وشهدت منطقة الأزهر التي تضم الكثير من المباني والوكالات والمساجد الأثرية، والتي تعاني من تنازع الاختصاصات بين وزارتي الأوقاف والآثار، حريقاً بـ«خان الزراكشة» في عام 2019.
ورغم أن النيران لم تمس «خان الزراكشة الأثري، وقتئذ، فإنها دقت ناقوس الخطر حول تلك المباني، التي تحيط بها المتاجر والوصلات الكهربائية من كل اتجاه.

ويحذر أثاريون مصريون من خطورة التوصيلات الكهربائية العشوائية والمخالفة، بالمنطقة، وطالبوا بتزويد تلك المباني بأجهزة إطفاء حريق حديثة، نظراً لصعوبة وصول سيارات الإطفاء إلى بعض الحارات الضيقة.
وتطالب أمنية عبد البر، عضو المؤسسة المصرية لإنقاذ التراث، بتفعيل كود أمان منطقة الأزهر العتيقة، على غرار المناطق الأثرية القديمة بالدول الأخرى»، موضحة لـ«الشرق الأوسط» قائلة إن «المتاجر لا تطبق عوامل الأمان والسلامة من مخاطر الحرائق التي تعد أكبر مشكلة تواجهها المباني الأثرية بالقاهرة التاريخية».
وتضم منطقة الأزهر التاريخية عشرات المباني الأثرية، والتي تعود للعصر الفاطمي والأيوبي والمملوكي والعثماني والأسرة العلوية، على غرار باب الفتوح، ومسجد الحاكم بأمر الله، ومسجد وسبيل وكتاب سليمان آغا السلحدار، ومنزل مصطفى جعفر السلحدار، وجامع الأقمر، وسبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا، وقصر الأمير بشتاك، وحمام إينال، والمدرسة الكاملية، وسبيل محمد علي، ومسجد ومدرسة الظاهر برقوق، ومجموعة السلطان محمد بن قلاوون، ومدرسة وقبة نجم الدين أيوب، وسبيل خسرو باشا، ومسجد ومدرسة الأشرف برسباي، ومجموعة السلطان الغوري، وجامع المؤيد، ووكالة وسبيل نفيسة البيضا، وباب زويلة، وجامع الأزهر، وجامع الحسين وغيرها.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2020 نشب حريق بإحدى غرف الجامع الأزهر التاريخي، بسبب ماس كهربائي، ورغم أنه لم يسفر عن وقوع أضرار وخسائر لنقوش وزخارف ومبنى الجامع الأثري، فإنه سلط الضوء على أهمية مراجعة التوصيلات الكهربائية بالمباني الأثرية بشكل دوري، نظراً لاحتواء هذه المباني على نسب كبيرة من الخشب وخصوصاً الأسقف المزخرفة، والتي قد تتعرض للتلف جراء إطفاء الحرائق بالمياه، في حالة تعطل أنظمة الإطفاء الحديثة وأجهزة إنذار الحرائق.
وقررت الحكومة المصرية في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2019 تطوير منطقة مسجد الحسين، ضمن خطة تطوير مشروع «القاهرة التاريخية» الذي يهدف لاستعادة مدينة القاهرة لرونقها مرة أخرى.
وتشمل خطة ترميم وتطوير المسجد، ترميم الأجزاء المتهالكة منه، وتوسعة ساحته والمساحات الداخلية لاستيعاب أعداد كبيرة من المصلين، والحفاظ في الوقت نفسه على المظهر الجمالي والزخرفي لمبنى المسجد.
وترتكز فكرة تطوير الساحة الخارجية للمسجد التي تستقبل آلاف السياح سنوياً، على وجود ساحة مركزية مغطاة للصلاة، مع توجيه كل العناصر الممكنة من ممرات الحركة الخاصة بالمشاة، والمناطق الخضراء، ووسائل الحركة الرأسية إلى اتجاه القبلة، مع توفير ساحات أمام المداخل الخاصة بحرم المسجد من أجل تسهيل عملية الدخول والخروج.
ويشمل مشروع التطوير كذلك إضافة عناصر معمارية داخلية، وعناصر أخرى زخرفية، مع تزويد المسجد بأنظمة إضاءة جديدة خارجية وداخلية، وأنظمة تكييف مركزي، وأنظمة أخرى لمكافحة الحرائق، بالإضافة إلى ترميم الأجزاء والأسقف الخشبية المتهالكة بالمسجد، وترميم الواجهات الحجرية، وترميم المآذن والقبة بجميع مكوناتها الزخرفية، وترميم النجف الأثري، والأعمدة الرخامية.



التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
TT

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لوكالة «ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة غامرة. وقالت عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، البروفيسورة كاثرين هيمانز، لـ«بي بي سي»: «أحبُّ المجرّة البراقة والمتألِّقة بأضواء عيد الميلاد، كأنّ هذه ما كان عليه الكون وهو يبلغ من العمر 600 مليون عام فقط». تُظهر الصورة 10 كرات من النجوم بألوان مختلفة، تبدو مثل زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون. وهذه المرّة الأولى التي شاهد فيها العلماء كتلاً من النجوم تتجمَّع لتُشكل مجرّة مثل «درب التبانة»، فأطلقوا على المجرّة البعيدة اسم «اليراعة المتألّقة»، لتشابُهها أيضاً مع سرب من اليراعات متعدِّد اللون.

من مداره في الفضاء، من دون عوائق من الغلاف الجوّي للأرض، أظهر لنا أقوى تلسكوب على الإطلاق، مزيداً من المجرّات الأبعد، وبالتالي الأقدم؛ لكنها ليست مثل مجرّتنا في المراحل المُبكرة من التشكيل. ووفق الدكتورة لاميا ماولا، من كلية «ويليسلي» في ماساتشوستس، المُشاركة في قيادة البحث، فإنّ «البيانات الخاصة بما حدث في هذه المرحلة من الكون ضئيلة جداً». وأضافت: «هنا نُشاهد مجرّة وهي تتشكَّل حجراً بحجر. فالمجرّات التي نراها عادة حولنا تشكَّلت بالفعل، لذا فإنها المرّة الأولى التي نشهد فيها هذه العملية».

ووصفت البروفيسورة هيمانز، عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، والمستقلّة عن فريق البحث، الاكتشاف بأنه «رائع، ومهمّ علمياً وبالغ الاحتفاء»؛ وقالت: «مدهش أن يبني البشر منظاراً يتيح التطلُّع إلى الماضي البعيد جداً، فنرى هذه المراحل الوليدة جداً من المجرّة بطريقة احتفالية جميلة كهذه».

لغز الكون وعجائبه (ناسا)

وتختلف ألوان العناقيد النجمية باختلاف مراحل تكوينها، وفقاً للدكتورة ماولا: «إنها جميلة لأنّ الحياة الباكرة للمجرّة نشطة جداً. نجوم جديدة تولد، ونجوم ضخمة تموت، وكثير من الغاز والغبار حولها، وكثير من النيتروجين والأكسجين... بسبب الحالة التي هي فيها، تتراءى هذه الألوان الجميلة». عندما صادفت ماولا المجرّة، لم ترَ قط كتلاً من النجوم بمثل هذه الألوان الزاهية والمتنوّعة. قادها ذلك للاعتقاد بأنّ ثمة شيئاً مختلفاً حول هذا النظام، لذا تحقّقت من مدى بُعد ذلك. لدهشتها تبيَّن أنه يبعد أكثر من 13 مليار سنة ضوئية.

النور الآتي من «اليراعة المتألّقة» استغرق أكثر من 13 مليار سنة ليصل إلينا. صغير جداً وبعيد جداً، حدَّ أنه لم يكن بإمكان تلسكوب «جيمس ويب» رؤيته، لولا حظوظ المصادفة الكونية. وكان هناك تجمّع من المجرّات بين «اليراعة المتألّقة» وتلسكوب «جيمس ويب»، شوَّهت الزمكان لتمدُّد الضوء من المجرّة البعيدة، وتعمل بفعالية مثل عدسة مكبرة عملاقة.

يٌسمّي علماء الفلك هذه العملية «عدسة الجاذبية»، التي، في هذه الحالة، مكَّنت الباحث المُشارك الدكتور كارثيك أيير من جامعة «كولومبيا» في نيويورك، وأعضاء آخرين من الفريق، من أن يروا للمرّة الأولى، تفاصيل مذهلة لكيفية تكوُّن المجرّات الأولى مثل مجرتنا «درب التبانة». وقال: «إنها تأخذ الضوء الآتي من اليراعة وتثنيه وتضخّمه حتى نتمكن من رؤيته بتفاصيل رائعة».