طمعاً بالكهرباء والإنترنت... اللبنانيون يلجأون إلى المقاهي لمواجهة أزمتهم

رجل يستخدم الحاسوب المحمول في أحد مقاهي بيروت (أ.ف.ب)
رجل يستخدم الحاسوب المحمول في أحد مقاهي بيروت (أ.ف.ب)
TT

طمعاً بالكهرباء والإنترنت... اللبنانيون يلجأون إلى المقاهي لمواجهة أزمتهم

رجل يستخدم الحاسوب المحمول في أحد مقاهي بيروت (أ.ف.ب)
رجل يستخدم الحاسوب المحمول في أحد مقاهي بيروت (أ.ف.ب)

داخل أحد مقاهي شارع مخايل في بيروت، تبدو الموسيقى الهادئة المخيمة على المكان أقرب إلى أجواء مكتبة جامعية مما هي إلى حانة أو مكان يُقبل عليه اللبنانيون أكثر فأكثر هرباً من تداعيات الأزمة الاقتصادية.
وتتخذ ماريا بو روفايل (32 عاماً) من مقهى «Aaliya's Books» (كتب عالية) مقراً تنجز منه عملها اليومي عن بعد لصالح منظمات غير حكومية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتروي كيف أنها تستفيد من مقومات الراحة المتوفرة وكذلك من خدمة الإنترنت «واي فاي». وتقول إن مكوثها في المقهى ساعات طويلة «يعود إلى أن التيار الكهربائي غير مؤمن» في منزلها.
فمنذ أن بدأت الأزمة المتعددة الوجوه تعصف بلبنان قبل عامين، تضاءل إلى حد شبه معدوم عدد ساعات التغذية من مؤسسة كهرباء لبنان الرسمية. وبات توافر التيار الكهربائي يقتصر على ساعة واحدة يومياً، وفي أفضل الأحوال يتوفر في اثنتين.
وأصبح الاشتراك في المولدات الخاصة التي تعتمد على المازوت، مكلفاً، منذ رفع الحكومة الدعم عن استيراد المحروقات، في بلد أدى فيه تراجع قيمة الليرة اللبنانية إلى انهيار القدرة الشرائية، وصار الحد الأدنى للأجور البالغ 675 ألف ليرة بالكاد يساوي 29 دولاراً، وفق سعر الصرف في السوق السوداء.
كذلك، تراجعت نوعية الاتصال بشبكة الإنترنت في وقت ازدادت حاجة الناس إليها نظراً إلى اعتماد كثير منهم على العمل عن بُعد خلال جائحة «كوفيد - 19».
ويلجأ اللبنانيون إزاء هذا القصور في الخدمات العامة الحيوية، إلى المقاهي التي تتغذى كهربائياً من مولدات خاصة وتملك بطاريات «يو بي إس» تزودها بالتيار مؤقتاً عند انقطاعه.

وتقول مديرة المقهى نِيام فليمينغ فاريل: «بعض الأشخاص يأتون يومياً إلى المقهى في أوقات عملهم» على غرار ماريا التي تقصد المكان أيضاً لخصوصيته الثقافية «في وقتٍ فقد لبنان كثيراً من الأماكن الثقافية».
ويستمد المقهى الذي تمتلئ رفوفه بالكتب، اسمه من عالية صالح، الشخصية الرئيسية في رواية «امرأة لا لزوم لها» للكاتب اللبناني الأميركي الشهير ربيع علم الدين التي تحكي قصة امرأة لجأت إلى منزلها لتكون محاطة بكتبها، فيما الحرب الأهلية مستعرة في الخارج.
ويشكل «كافيه يونس» الذي تنتشر فروعه خصوصاً في بيروت نموذجاً يعكس بوضوح الإقبال المتزايد على المقاهي.
وتوضح إدارة المقهى لوكالة الصحافة الفرنسية أن الزبائن «باتوا خلال الأزمة والجائحة يخصصون الجزء الأكبر من وقت وجودهم فيه للعمل، ويفضلون من أجزائه، تلك التي توفر لهم أكبر قدر من الراحة». وحرص المقهى على أن يخصص «صالة مذاكرة» تضم طاولات كبيرة وتكثر فيها المقابس الكهربائية في فرع جديد افتتحه قبل نحو عام في شارع الحمراء في بيروت يعج بطلاب الجامعات الموجودة على مقربة منه.

ويوفر مقهى «برزخ» الذي يقع في الطبقة الأولى من أحد الأبنية لرواده رؤية على شارع الحمراء الذي لطالما شكل شريانا حيويا في العاصمة اللبنانية.
ويقول الطالب في مجال تصميم الأزياء مصطفى السوس بينما يتصفح دفتر رسومه: «أستطيع أن أرى كل شيء من حيث أنا جالس، وأتفرج على المارة في الشارع، لكنني في مكان تتوافر فيه الخصوصية ويتيح الاسترخاء» في الوقت ذاته.
وبات هذا الهدوء عملة نادرة في خضم انعدام الاستقرار في البلد ككل.
ويروي مؤسس «برزخ» منصور عزيز أن «التوجه الأساسي كان عدم السماح باستخدام أجهزة الكومبيوتر المحمولة» في المقهى، لكن تم صرف النظر عن ذلك في نهاية المطاف، إذ إن «الناس يحتاجون إلى العمل» على حواسيبهم.
وتختلط أجهزة شحن الهواتف والحواسيب بالفناجين والأكواب ودفاتر الملاحظات على الطاولات الواسعة في المقهى الذي فتح أبوابه قبل أربعة أشهر.
وتمتلئ كل طاولات المقهى أحياناً، ما يشكل لزبائنه فرصة لنسج علاقات جديدة، بعدما باتت خيارات الخروج محدودة في ظل الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب الذي يثني غالبية اللبنانيين عن ارتياد أماكن الترفيه والسهر.
ويصف مصطفى نفسه بأنه «شخص شديد الانفتاح اجتماعياً» ويهوى «لقاء الناس والتحادث معهم».
ويضيف «أحب عندما يأتي الناس ليروا ما أفعل... هذا ليس من قبيل الاعتداد بالنفس، بل نابع من شعور المرء في هذه الحال بأنه لا يعمل عبثاً ومن أجل لا شيء».
بينما ينهمك بإجراء تنقيح رقمي لصورة على جهاز الكومبيوتر، يقول المصور كريم صقر: «عملت طويلاً من منزلي، ثم سألت نفسي لم لا أعمل من هذه المقاهي التي اعتدت على ارتيادها سابقا؟».
ويرى أن هذا الأمر «يتيح إحياء ثقافة المقهى»، في إشارة إلى زمن كانت فيه بعض المقاهي مكانا يلتقي فيه الأصدقاء للعب الورق أو الطاولة، والمثقفون وأحيانا السياسيون، للنقاش والتبادل.
ويرى صقر أن اللجوء إلى المقاهي اليوم «يعكس قدرة اللبناني على الصمود والاستمرار، ولهذا حسنات وسيئات في آن واحد».
ويضيف «نحاول الهروب من الوضع من خلال الخروج من منازلنا، ومقابلة الناس، والعمل في المقهى. هذه الإرادة متأصلة فينا، إنها في دمنا».



الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
TT

الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)

أعلنت جماعة «الحوثي» اليمنية، الخميس، أنها فخخت ثم فجرت ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجموها في البحر الأحمر، ما تسبب باندلاع حرائق عدة على متنها.

وفي 21 أغسطس (آب)، تعرّضت السفينة التي ترفع علم اليونان، لهجوم نفّذه الحوثيون وأدى، بحسب هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، إلى اندلاع حريق على متنها وفقدان قوة محرّكها. ودفع ذلك مهمة الاتحاد الأوروبي في المنطقة إلى إجلاء طاقمها المؤلف من 25 شخصاً.

ونشر الحوثيون على وسائل إعلام تابعة لهم، مساء الخميس، مقطع فيديو يُظهر شخصاً ملثماً ومسلحاً يعدّ جهاز تفخيخ على متن «سونيون». وسرعان ما يتمّ تفجيرها فتندلع حرائق عدة على متنها وتتصاعد أعمدة الدخان الأسود منها.

أحد عناصر جماعة «الحوثي» على سطح ناقلة النفط «سونيون» في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، في خطابه الأسبوعي، الخميس، إن قواته نفذت «عملية جريئة وشجاعة» هذا الأسبوع عبر «اقتحام» السفينة سونيون «وتدمير ما فيها من الشحنات واستهداف السفينة نفسها وتفخيخها وتفجيرها».

وأشار، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن الناقلة «كانت تخالف قرار الحظر وتحمل شحنات للعدو الإسرائيلي».

وبحسب سلطة الموانئ اليونانية، فإن السفينة مملوكة لشركة «دلتا تانكرز» اليونانية للشحن، وقد أبحرت من العراق وكانت متجهة إلى ميناء قريب من أثينا.

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأظهر الفيديو أيضاً أضراراً في هيكل السفينة، إضافة إلى أغراض مبعثرة داخل غرفة القيادة.

يأتي ذلك غداة إعلان بعثة إيران لدى «الأمم المتحدة» موافقة الحوثيين على إنقاذ الناقلة سونيون، التي تحمل 150 ألف طن من النفط، «نظراً للمخاوف الإنسانية والبيئية».

وكتب المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، على منصة «إكس»، في وقت متأخر الأربعاء: «بعد تواصل جهات دولية عدة معنا، خصوصاً الأوروبية، تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة سونيون».

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأفادت مهمة «أسبيدس» الأوروبية في البحر الأحمر، الخميس، أن «(سونيون) مشتعلة منذ 23 أغسطس (آب)» مع «رصد حرائق في مواقع عدة على السطح الرئيسي للسفينة».

وأشارت إلى «عدم وجود تسرب نفطي، وأن السفينة لا تزال راسية ولا تنجرف». وأكدت، على منصة «إكس»، أنها تستعدّ «لتسهيل أي مسارات عمل، بالتنسيق مع السلطات الأوروبية والدول المجاورة، لتجنب أزمة بيئية كارثية».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني)، يستهدف الحوثيون سفناً تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، ما يعدّونه دعماً للفلسطينيين في قطاع غزة، في ظل الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس».

وأثّرت هجمات الحوثيين على حركة الشحن في المنطقة الاستراتيجية، التي يمرّ عبرها 12 في المائة من التجارة العالمية.