أوروبا تسعى إلى تفويض دولي من أجل التدخل عسكريًا ضد مهربي المهاجرين

القادة الأوروبيون يقرون مضاعفة الموارد المخصصة لإنقاذ ضحايا «قوارب الموت»

مهاجرون جرى نقلهم إلى ميناء كاتانيا بجزيرة صقلية الإيطالية أمس بعدما تم إنقاذهم من الغرق في البحر المتوسط (إ.ب.أ)
مهاجرون جرى نقلهم إلى ميناء كاتانيا بجزيرة صقلية الإيطالية أمس بعدما تم إنقاذهم من الغرق في البحر المتوسط (إ.ب.أ)
TT

أوروبا تسعى إلى تفويض دولي من أجل التدخل عسكريًا ضد مهربي المهاجرين

مهاجرون جرى نقلهم إلى ميناء كاتانيا بجزيرة صقلية الإيطالية أمس بعدما تم إنقاذهم من الغرق في البحر المتوسط (إ.ب.أ)
مهاجرون جرى نقلهم إلى ميناء كاتانيا بجزيرة صقلية الإيطالية أمس بعدما تم إنقاذهم من الغرق في البحر المتوسط (إ.ب.أ)

في أول رد فعل على نتائج القمة الأوروبية الاستثنائية التي التأمت في بروكسل مساء أول من أمس حول موضوع الهجرة غير الشرعية، قال رئيس المفوضية جان كلود يونكر، إنه كان يتوقع أن تخرج القمة بنتائج أكثر طموحا، بينما أبدى رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك عن تخوفه بأن «يأتي الصيف صعبا وتزداد الأمور صعوبة»، بشأن تدفق أعداد أكبر من المهاجرين غير القانونيين واحتمال غرق قواربهم في البحر المتوسط.
وكان القادة الأوروبيون قد اتفقوا على أن يضاعفوا ثلاث مرات الموارد المخصصة لإنقاذ ضحايا «قوارب الموت» في البحر المتوسط، وعلى استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يجيز التحرك عسكريا ضد المهربين في ليبيا، لكنهم لم يتمكنوا من الاتفاق على موضوع استضافة المهاجرين لدى وصولهم إلى أوروبا وكيفية التعامل معهم، مرجئين قراراتهم في هذا الشأن إلى وقت لاحق.
وكان توسك حرص قبيل بدء القمة على خفض سقف التوقعات. وقال: «يجب ألا يكون لدى أحد أية أوهام. المشكلات لن تحل اليوم». وفي قمتهم التي تداعوا إلى عقدها إثر مصرع نحو 800 مهاجر غير شرعي بعد غرق سفينتهم التي انطلقت من ليبيا، اتفق القادة الأوروبيون على أن يضاعفوا ثلاث مرات الموازنة المخصصة لعملية «تريتون»، مهمة البحث والإنقاذ الأوروبية في المتوسط. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في ختام القمة «نريد أن نتصرف بسرعة وهذا يعني أننا سنضاعف ثلاث مرات الموارد المالية لعملية تريتون».
من جانبه، قال رئيس وزراء فنلندا ألكسندر ستيوب لـ«الشرق الأوسط» إن «رسالتنا واضحة للرأي العام الأوروبي وهي الموافقة على المقترحات العشرة التي قدمتها المفوضية ونحن نعمل على حل جذور المشكلة وإيجاد الحل من خلال مبادرات جدية». وبدوره، قال رئيس وزراء لوكسمبرغ اكسافير بيتيل لـ«الشرق الأوسط»: «من المهم الآن إظهار أن المساعدات التنموية لها دور مهم، خاصة بعد أن كثر الحديث عن حلول عسكرية وما يحدث مشكلة دولية وليست أوروبية. نحن نحتاج إلى الدول العربية والأفريقية لإيجاد حل طالما أن الحل تكون فيه فائدة للجميع». وكشفت شهادات الناجين الـ28 من الكارثة الأخيرة عن وقائع مروعة. وصرح أحدهم ويدعى عبد الرزاق بأنه نجا لأنه كان في الطبقة العليا من المركب، مؤكدا أن «الذين دفعوا مالا أقل كانوا محتجزين في داخل المركب». وبقي مئات المهاجرين من بينهم نساء وأطفال داخل الزورق الغارق حيث لم يتمكن عناصر خفر السواحل من انتشال أكثر من 24 جثة.
وخلال القمة تعهدت فرنسا بوضع سفينتين وثلاث طائرات في تصرف «تريتون»، في حين تعهدت ألمانيا بالمساهمة بسفينتين بينما تعهدت السويد والنرويج والدنمارك وبلجيكا بأن يساهم كل منهما بسفينة واحدة. و«تريتون» هي عملية تديرها فرونتكس، الوكالة الأوروبية المكلفة بمراقبة الحدود الخارجية لفضاء شنغن الذي يضم 22 من دول الاتحاد الأوروبي الـ28 إضافة إلى سويسرا وآيسلندا والنرويج وليشتنشتاين. أما بريطانيا التي ليست عضوا في هذا الفضاء فقد أعلنت من جهتها عن المساهمة في عمليات البحث والإنقاذ بسفينة «إتش إم إس بولوورك» التي تعتبر إحدى أكبر سفنها الحربية، إضافة إلى سفينتي دوريات وثلاث مروحيات، لكن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حذر من أن مشاركة بريطانيا في هذه العمليات لا تعني بأي شكل من الأشكال أنها ستمنح اللاجئين الذين ستنقذهم قطعها البحرية حق اللجوء في بريطانيا. وقال «ليس واردا أن يتمكنوا من طلب حق اللجوء إلى بريطانيا». وحاليا تشارك 21 دولة في عملية تريتون بسبع سفن وأربع طائرات ومروحية ونحو 65 عنصرا. بالمقابل فإن العمليات العسكرية الرامية إلى تحديد وضبط وتدمير السفن المستخدمة في تهريب المهاجرين، قبل أن يتم تحميلها بهؤلاء، طرحت مشكلة.
وفي هذا الإطار اتفق القادة الأوروبيون على وجوب استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يجيز هذا التدخل العسكري. وتعهدت فرنسا وبريطانيا، العضوتان الدائمتان في المجلس، بتقديم مشروع قرار بهذا الخصوص، كما أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في ختام القمة.
وحذر دبلوماسيون وخبراء من أن عملية عسكرية ضد المهربين هي «معقدة وتستغرق وقتًا وتستوجب تفويضا من الأمم المتحدة وموافقة من الحكومة الليبية واستخدام وسائل عسكرية وتقبل وقوع خسائر بشرية». ومقابل هذه المواضيع التي تم الاتفاق عليها فشلت القمة بالمقابل في الاتفاق على الشق الثالث من خطة العمل وهو استضافة المهاجرين غير الشرعيين وكيفية التعامل معهم بعد وصولهم إلى أوروبا. وكانت الخطة تقترح على الدول استضافة «خمسة آلاف شخص على الأقل» ممن حصلوا على صفة لاجئ، وذلك في إطار برنامج مخصص بالدرجة الأولى للاجئين السوريين بهدف ثنيهم عن محاولة عبور المتوسط. غير أن البيان الختامي للقمة خلا من أي إشارة إلى هذا الرقم أو إلى أي رقم آخر «لأننا نعتقد أن خمسة آلاف ليست كافية»، كما أوضحت المستشارة الألمانية، علما بأن مشاركة دول الاتحاد في هذا البرنامج طوعية وليست إجبارية.
من جهته قال هولاند إن «فرنسا ستتحمل قسطها» أي أنها ستستضيف «ما بين 500 إلى 700 لاجئ سوري». وأبدى يونكر أسفه لهذا الواقع. وقال: «كنت آمل لو كان هناك طموح أكبر»، علما أن رئيس المفوضية الأوروبية كان يدفع باتجاه أن يشمل البرنامج استضافة 10 آلاف لاجئ على الأقل.
ويدعو الاقتراح الدول الأعضاء في الاتحاد إلى مساعدة إيطاليا واليونان ومالطة، الدول الثلاث الرئيسية التي تستقبل مهاجرين ينطلقون من السواحل الليبية، على تسجيل الوافدين وفرز من يمكن من بينهم الاستفادة من حق اللجوء ومن سيعاد إلى بلاده. لكن هذا الأمر دونه اتفاق «دبلن 2» الذي يوكل هذه المهمة إلى الدولة التي يصلها المهاجرون.
واعترف رئيس الوزراء الإيطالي ماريو رينزي أن «كثيرين يقولون إنهم مستعدون للمساعدة ولكن لا أحد يمكنه إجبار دولة على القيام بذلك». وقد حاول رينزي، الذي كان هو من طلب عقد هذه القمة، أن يخفي خيبة أمله إزاء هذا الواقع. وقال: «للمرة الأولى لدينا نهج منظم. المفوضية الأوروبية ستقدم أجندتها للهجرة في 13 مايو (أيار)، والموضوع سيبحث مجددا خلال القمة المقبلة في يونيو (حزيران). هذا الأمر يتيح المجال أمام حصول مبادرات». وأضاف «سنرى في الأسابيع المقبلة والأشهر المقبلة ما إذا كنا قادرين على الانتقال من الأقوال إلى الأفعال».
من جهته أعلن رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات أن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي سيعقدان قمة في مالطة للبحث في مسألة الهجرة غير الشرعية. وقال موسكات إن القمة تعقد «في وقت لاحق من هذا العام» وسيشارك فيها رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي و«دول أساسية»، بينما لفت هولاند إلى أن هذه القمة المشتركة قد تعقد «في الأسابيع المقبلة للعمل سويا». من ناحيتها دعت السلطات الليبية المعترف بها دوليا، وتلك غير المعترف بها، الاتحاد الأوروبي إلى تقديم الدعم للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية.



بوتين: الغرب يدفع روسيا نحو «خطوط حمراء» تضطرها للرد

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
TT

بوتين: الغرب يدفع روسيا نحو «خطوط حمراء» تضطرها للرد

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب، اليوم (الاثنين)، بدفع بلاده نحو «خطوط حمراء» مما يجعلها مضطرة للرد، في إشارة إلى مواقف أوضحت موسكو علنا أنها لن تتسامح بشأنها.

وقال بوتين في اجتماع لمسؤولي الدفاع إن روسيا تراقب بقلق تطوير الولايات المتحدة ونشرها المحتمل لصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى. وأضاف أن روسيا سترفع جميع القيود التي فرضتها طوعاً على نشرها للصواريخ إذا مضت الولايات المتحدة قدما ونشرت هذه الصواريخ.

وأشار بوتين إلى أن القوات الروسية في أوكرانيا سيطرت على 189 منطقة سكنية منذ بداية العام، وأضاف أن الهدف من وجود الأسلحة النووية الروسية هو الردع.

جندي أوكراني من «لواء العمليات الخاصة الـ12 (آزوف)» يقف عند مدخل خندق بمكان غير معلن بالقرب من مدينة توريتسك (إ.ب.أ)

وفي سياق متصل، قال الجيش الروسي، اليوم، إنه سيطر على قرية بمنطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا حيث تتقدّم قواته بشكل مطرد في الأشهر الأخيرة. وأوضحت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن قواتها «حرّرت» قرية يليزافيتيفكا الواقعة على مسافة نحو 10 كيلومترات جنوب كوراخوف الغنية بالموارد والتي كانت القوات الروسية تحاول أيضاً السيطرة عليها.

ومع عدد أكبر من القوات والأسلحة، حقق الجيش الروسي مكاسب ميدانية عبر منطقة دونيتسك خلال عام 2024. وعلى مدى الشهرين الماضيين، تتقدم روسيا بوتيرة سريعة مع سعي موسكو إلى تحسين وضعها في ساحة المعركة قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في يناير (كانون الثاني) المقبل.

من جهتها، قالت أوكرانيا، اليوم، إن قواتها قتلت وأصابت ما لا يقل عن 30 جندياً كوريّاً شماليّاً نشرتهم روسيا في منطقة كورسك (غرب) التي تسيطر كييف على جزء منها. وأوضح جهاز الاستخبارات الأوكراني على «تلغرام»: «في 14 و15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تكبدت وحدات من جيش جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية خسائر كبيرة قرب قرى بليخوفو وفوروجبا ومارتينوفكا بمنطقة كورسك الروسية... قُتل وجُرح ما لا يقل عن 30 جندياً». وأضاف أن هذه الوحدات «يجري إمدادها بعناصر جدد» من كوريا الشمالية، التي يقدر مسؤولون غربيون أنها أرسلت ما لا يقل عن 10 آلاف جندي لمساعدة موسكو. ورفض الناطق باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، اليوم الاثنين، التعليق على سؤال بشأن هذه الخسائر في صفوف القوات الكورية الشمالية.