مؤشرات لانفراجة في ملف الإفراج عن المعتقلين الأميركيين لدى إيران

مسؤول أميركي: نناقش القضية عبر قنوات عدة

زكا أمام مقر المحادثات النووية في فيينا الأسبوع الماضي (الشرق الأوسط)
زكا أمام مقر المحادثات النووية في فيينا الأسبوع الماضي (الشرق الأوسط)
TT

مؤشرات لانفراجة في ملف الإفراج عن المعتقلين الأميركيين لدى إيران

زكا أمام مقر المحادثات النووية في فيينا الأسبوع الماضي (الشرق الأوسط)
زكا أمام مقر المحادثات النووية في فيينا الأسبوع الماضي (الشرق الأوسط)

أبدت الإدارة الأميركية تحفظاً كبيراً في الكشف عن تفاصيل محادثات ملف الرهائن الأميركيين مزدوجي الجنسية المعتقلين في سجون إيران، وسط تقارير عن وساطة قطرية لإبرام صفقة تؤدي إلى إطلاق سراحهم مقابل 10 مليارات دولار تحصل عليها إيران من الأموال المجمدة لها لدي كوريا الجنوبية واليابان والعراق.
وقال مسؤول كبير بالبيت الأبيض للصحافيين مساء الأحد إن اجتماع بايدن والشيخ تميم بن حمد آل ثاني سيتطرق إلى المفاوضات الجارية في فيينا ومراجعة بعض المواقف، وقال: «قطر مثل العديد من شركائنا الآخرين في المنطقة تتابع المناقشات عن كثب». وفي إجابته عن الدور الذي تلعبه قطر في المناقشات مع إيران حول المحتجزين مزدوجي الجنسية في السجون الإيرانية، وما إذا كان سيتم الإفراج عنهم في إطار تبادل الأسرى، قال المسؤول الكبير: «ليس لدي شي محدد حول تفاصيل الرهائن وهذه القضية يتم التعامل فيها عبر عدة قنوات».
وكانت تقارير قد أشارت إلى أن مشاورات وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مع نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان في طهران الخميس الماضي، لتستبق محادثات الرئيس بايدن مع أمير قطر بالبيت الأبيض. وسرت تسريبات قبل ساعات قليلة من لقاء بايدن وأمير قطر إلى احتمالات أن يعلن الشيخ تميم عن «نتائج إيجابية» في المحادثات القطرية الإيرانية لإطلاق سراح المعتقلين الأميركيين.
وأشار نزار زكا، الأميركي من أصل لبناني الذي اعتقل في إيران خلال عام 2015، وعضو منظمة مساعدة الرهائن في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المناقشات جارية لإبرام تسوية تحصل بمقتضاها إيران على الأموال المجمدة مقابل الإفراج عن المعتقلين الأميركيين، وما نطلبه هو ألا يكون هناك اتفاق نووي إلا بعد الانتهاء من ملف الإفراج عن المعتقلين، ولا نريد ربط الملفين (المحادثات النووية وملف المعتقلين) وإنما إنهاء هذه الأزمة»، مشيراً إلى أن «قطر قادرة على إبرام صفقة والتوسط بين الجانبين».
وحول الانتقادات لـ«تساهل» إدارة بايدن واستعدادها لتقديم فدية للإفراج عن الرهائن، قال زكا: «كانت هناك فرص كثيرة أمام الإدارة الأميركية للضغط على إيران للإفراج عن المعتقلين الأميركيين دون دفع فدية، لكن عائلات المعتقلين لا تريد الانتظار وتطلب الإفراج عنهم ثم مناقشة إجراءات صارمة تمنع إيران من خطف مزيد من الرهائن للحصول على أموال». وأضاف زكا أن «حصول إيران على عشرة مليارات دولار لن يؤدي إلى تحسين الوضع الاقتصادي المنهار وإنما سيحفز إيران للاستجابة للمفاوضات ومطالب مجموعة 5+1 حتى تحصل على 340 مليار دولار خلال عامين إذا تم التوصل إلى اتفاق لإحياء الصفقة النووية».
وفيما استبعدت إيران وضع أي شروط مسبقة للمفاوضات قال مسؤولون إن طهران مستعدة للتوصل إلى اتفاق دائم على كلا المسارين (محادثات فيينا النووية وتبادل الأسرى) إذا توافرت لدى الطرف الآخر الإرادة السياسية. وفيما تنفي طهران احتجاز معتقلين لأسباب سياسية، توجه للعديد من مزدوجي الجنسية والأجانب في سجونها تهم التجسس.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».