مخطط ترحيل بدو النقب وضعه موشيه دايان قبل 70 عاماً

العراقيب التي هدمت 197 مرة «ملف استراتيجي قومي»

إسرائيليون عرب أمام مقر الحكومة في القدس احتجاجاً على سياساتها حيال قرى النقب (أ.ف.ب)
إسرائيليون عرب أمام مقر الحكومة في القدس احتجاجاً على سياساتها حيال قرى النقب (أ.ف.ب)
TT

مخطط ترحيل بدو النقب وضعه موشيه دايان قبل 70 عاماً

إسرائيليون عرب أمام مقر الحكومة في القدس احتجاجاً على سياساتها حيال قرى النقب (أ.ف.ب)
إسرائيليون عرب أمام مقر الحكومة في القدس احتجاجاً على سياساتها حيال قرى النقب (أ.ف.ب)

كشف باحث في جامعة تل أبيب أن إصرار الحكومة الإسرائيلية على هدم قرية العراقيب البدوية في النقب، المبنية من الخيام والزنك، لم يأتِ صدفة وهدفه أكبر بكثير من المعلن أنه لغرض إقامة حديقة قومية أو منع التواصل بين بئر السبع ورهط، بل هو «ملف استراتيجي قومي»، يتلاءم والخطة الأولى التي وضعها موشيه دايان، أحد كبار زعماء الصهيونية، لترحيل العرب وتطهير النقب منهم.
وحسب تقرير لصحيفة «هآرتس» العبرية، فإن النيابة العامة الإسرائيلية أكدت هذه الحقيقة خلال البحث في دعوى قضائية قدمها سكان قرية العراقيب مسلوبة الاعتراف في النقب. واعتبرت النيابة أن انتصارها في هذا الملف سيؤدي إلى وضع حد ونهاية للدعاوى التي رفعها بدو النقب، مطالبين باسترداد أراضيهم التي عاشوا فيها مئات السنين، قبل قيام إسرائيل، واليوم مهددون بالترحيل من جديد. ولذلك تصر النيابة العامة على اعتبارها «مسألة أمن قومي استراتيجي».
والمعروف أن المواطنين البدو في النقب، خسروا معظم أراضيهم بسبب سياسة المصادرة والترحيل، ورفعوا كثيراً من دعاوى الملكية، خلال العقود الماضية، ولكن المحاكم الإسرائيلية رفضتها. ورفع سكان قرية العراقيب دعوى جديدة، تطالب بإبقائهم على أرضهم، وخلال المداولات، طرحت دراسة أكاديمي، من إعداد الناشط السياسي التقدمي والمحاضر في قسم التاريخ بجامعة تل أبيب، بروفسور غادي إلغازي.
وفي هذه الدراسة يكشف إلغازي، عدة وثائق، تبين أن قادة إسرائيل خططوا طيلة الوقت لترحيل عرب النقب بالقوة، ابتداء من موشيه دايان، الذي كان يشغل يومها منصب قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي. وبينت إحدى الوثائق التي تكشف لأول مرة، أن العملية العسكرية التي قادها دايان، في نوفمبر (تشرين الثاني) 1951، كانت بغرض طرد البدو من أراضيهم ونقلهم إلى منطقة أخرى في النقب، بمصادقة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، يغآل يادين.
وقال إلغازي إن «الدراسة تثبت حدوث ما نفاه (رئيس الحكومة حينذاك) دافيد بن غوريون، أي تنفيذ نقل منظم لمواطنين بدو من شمال غربي النقب شرقاً، إلى مناطق مقفرة بهدف السيطرة على أراضيهم. حدث ذلك بمزيج من التهديدات، والعنف، والرشوة والاحتيال». وأضاف أن الدراسة تبين كيفية سير العملية العسكرية، وأيضاً من خلال قصاصات ورق تبادلها ضباط الحكم العسكري فيما بينهم، وأن الضباط الكبار كانوا يعلمون أن هذه عملية عسكرية غير قانونية. ولذلك، كانت هناك أهمية لتسليم البدو أوامر «انتقال» خطية.
وأشار إلغازي إلى حقائق أخرى، بينها «معارضة البدو واحتجاجاتهم، وإصرارهم على محاولة التمسك بأراضيهم، إلى جانب تهديدات وعنف الجيش». وأضاف أنه «بالإمكان أن نرى كيف تم منع النشر وتنظيف التقارير، مرحلة بعد أخرى، إلى حين المصادقة على الصيغة التي بموجبها انتقل البدو (طواعية)».
وأفاد الباحث، وهو ناشط في نضال المواطنين البدو، بأنه بدأ دراسته في أرشيفات وزارة الأمن والكيبوتسات في النقب. وقال: «وجدت ثراء (الوثائق) في أرشيفات الكيبوتسات، ووجدت نفسي أحياناً مع أرشيفات تحتاج إلى جهد سنوات من أجل تجميع وترتيب المواد. وأحياناً تم إرسالي للبحث في خزانة قديمة. ولم أتخيل أن هذا الأمر سيتحول تدريجياً إلى دراسة تُشغلني ثماني سنوات».
وعثر الباحث على رسالة بعثها دايان إلى هيئة الأركان العامة للجيش، في 25 سبتمبر (أيلول) عام 1951. كتب فيها، أنه «بالإمكان الآن نقل معظم البدو المتواجدين قرب (كيبوتس) شوفال، إلى أراضٍ جنوب شارع الخليل - بئر السبع. وبذلك، سيتم إخلاء 60 ألف دونم كي نزرعها ونقيم عليها بلدات. وبعد هذا النقل، لن يكون هناك بدو شمال شارع الخليل - بئر السبع».
وكتب دايان في رسالته أن «نقل البدو إلى أراضٍ جديدة سيلغي حقهم كأصحاب الأرض، وسيكونون مستأجرين لأراضي الحكومة». وقال دايان قبل ذلك بسنة، خلال اجتماع لحزب مباي الحاكم، في يونيو (حزيران) عام 1950، إن «سياسة الحزب يجب أن تكون موجهة بحيث نرى هذا الجمهور، 170 ألف عربي، كأنه لم يتم بعد حسم مصيرهم. وآمل أن تتوفر في السنوات القريبة، إمكانية أخرى لتنفيذ ترانسفير (طرد) لهؤلاء العرب من أرض إسرائيل». وبعد سنة نفذ هذه السياسة في النقب، إلا أن المواطنين البدو بقوا في البلاد.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.