مقدسيون يهدمون منازلهم بأيديهم

إسرائيل تجبر الشقيقين داود ومحمود شقيرات على هدم منزليهما في جبل المكبر قرب القدس (وفا)
إسرائيل تجبر الشقيقين داود ومحمود شقيرات على هدم منزليهما في جبل المكبر قرب القدس (وفا)
TT

مقدسيون يهدمون منازلهم بأيديهم

إسرائيل تجبر الشقيقين داود ومحمود شقيرات على هدم منزليهما في جبل المكبر قرب القدس (وفا)
إسرائيل تجبر الشقيقين داود ومحمود شقيرات على هدم منزليهما في جبل المكبر قرب القدس (وفا)

أجبرت السلطات الإسرائيلية عائلتين في مدينة القدس على هدم 4 منازل يملكونها في أحياء مختلفة، باعتبار أنها بنيت بدون ترخيص.
واضطرت عائلة عبيد، إلى هدم منزلين قيد الإنشاء في حي عبيد في بلدة العيسوية شرق القدس، كما اضطرت عائلة شقيرات، على هدم شقتين في جبل المكبر جنوب القدس، بعد قرار بالهدم النهائي، أصدرته بلدية القدس.
وقالت عائلة شقيرات إن 12 فرداً يعيشون في الشقتين، فيما قال عايش عبيد إنهم اضطروا لهدم 200 متر مربع، بتكلفة إجمالية 100 ألف دولار، رغم أن المنزلين قائمان على أرض تملكها العائلة أباً عن جد.
وعائلتا عبيد وشقيرات ليستا أول من يضطر إلى هدم منزله بيده أو تهدمه له إسرائيل في مدينة القدس بحجة البناء من دون ترخيص. وعادة لا يستطيع عدد كبير من الفلسطينيين في المدينة استيفاء الإجراءات الصعبة والمعقدة التي تطلبها بلدية الاحتلال، مقابل منحهم رخص البناء، وهي إجراءات تحتاج إلى سنوات وتكلف عشرات آلاف الدولارات. ويلجأ البعض إلى هدم منزله بيديه، حتى يتجنب خسائر أخرى تفرضها البلدية كرسوم كبيرة مقابل هدمها المنازل المخالفة.
وقال مستشار ديوان الرئاسة لشؤون القدس أحمد الرويضي، إن بلدية الاحتلال التي تقبل بعطاءات المستوطنين، هي ذاتها من يرفض طلبات الترخيص للفلسطينيين، ما يجبرهم على البناء دون ترخيص، حتى يحافظوا على إقامتهم في القدس.
وأكد الرويضي أن «22 ألف منزل مهدد بالهدم بالقدس وفقاً للمعطيات التي تم جمعها من المؤسسات الحقوقية والمحامين، وهذا موضوع سياسي يحاول الاحتلال من خلاله فرض سيادته المطلقة في القدس، وتقليص الوجود الفلسطيني بالمدينة إلى نسبة 15 في المائة من مجمل السكان في شقي المدينة الشرقي والغربي».
وسياسة هدم المنازل في القدس سياسة قديمة جداً لكنها تكثفت العام الماضي وهي مستمرة هذا العام بوتيرة مرتفعة. وبحسب إحصائيات رسمية فلسطينية، أصدرتها وزارة شؤون القدس، فقد هدمت سلطات الاحتلال 177 مبنى بالقدس الشرقية في عام 2021، ما أثر مباشرة على 1422 مواطناً، ومقابل ذلك، صادقت إسرائيل خلال عام 2021، على بناء أكثر من 12 ألف وحدة استيطانية.
وسلط تقرير أصدرته (الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات)، أمس الاثنين، على تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسيين وممتلكاتهم ومقدساتهم خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. وقال التقرير، إن سلطات الاحتلال، قامت خلال الشهر الماضي بهدم خمسة عشر منزلاً ومنشأة في أحياء مختلفة من مدينة القدس، تركزت معظمها في أحياء العيسوية والشيخ جراح والطور وبيت حنينا وشعفاط وسلوان وصور باهر وجبل المكبر، فيما تستمر (السلطات) في تهديدها بإخلاء المواطنين من حي الشيخ جراح.
وأضاف التقرير، أن بلدية الاحتلال وجهت إخطارات لعشرات المواطنين في القدس بهدم منازلهم بحجة عدم الترخيص.
وأشار التقرير إلى أن تصاعد عمليات هدم منازل المقدسيين يتزامن مع مصادقة اللجنة المحلية للتخطيط والبناء في بلدية الاحتلال، الشهر الماضي، على خمسة مخططات استيطانية جديدة تضم بناء 5823 وحدة استيطانية في القدس الشرقية، تتركز معظمها على أراضي جبل المكبر وبيت صفافا وشعفاط، وذلك في أكبر هجمة استيطانية تشهدها المدينة المقدسة منذ عدة سنوات.
وأكد التقرير أن من شأن تنفيذ هذه المخططات إجراء تغييرات مكانية وديمغرافية خطيرة في مدينة القدس. وعززت إجراءات إسرائيل في المدينة، اتهاماً حول وجود سياسة لإحداث تغييرات ديمغرافية في القدس. وكان مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة «بتسليم»، قد اتهم إسرائيل ببذل جهود كبيرة لمنع التطوير والبناء المخصص للسكان الفلسطينيين، مقابل البناء واسع النطاق وتوظيف الأموال الطائلة في الأحياء المخصصة لليهود فقط، وفي كتل الاستيطان التي تشكل «القدس الكبرى».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».