القضاء اللبناني يتسلّم 21 موقوفاً «منخرطين» بشبكات تجسس إسرائيلية

مصدر قضائي: «حزب الله» رفض تسليم أحد عناصره المشتبه بهم

TT

القضاء اللبناني يتسلّم 21 موقوفاً «منخرطين» بشبكات تجسس إسرائيلية

تسلم النائب العام التمييزي في لبنان القاضي غسان عويدات من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي محاضر التحقيقات الأولية التي أجرتها مع عشرات الأشخاص المشتبه بانخراطهم في شبكات تجسس تعمل لصالح الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)، وتنشط على معظم الأراضي اللبنانية. وعكف عويدات على دراسة المحاضر وقرر إحالتها إلى النيابة العامة العسكرية، للادعاء على الموقوفين ومن تظهر التحقيقات تورطهم بهذه الأفعال الجرمية.
وتباينت المعلومات المستقاة من مضامين إفادات الذين خضعوا لاستجوابات مطولة، حول طبيعة المهام التي كلفوا بها، وأعداد المحتجزين على ذمة التحقيق، إذ تحدثت مصادر أمنية عن توقيف «ما يزيد على 35 شخصاً، ممن توفرت شبهات عن انخراطهم في عداد الشبكات الإسرائيلية». وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «عمليات المداهمة والاعتقال طالت كل من تحوم حوله شبهات عن علاقة مباشرة أو غير مباشرة بنشاط الشبكات، والذين ثبت تواصلهم مع عناصر في الاستخبارات الإسرائيلية موجودين في دول أوروبية».
وأكدت أن هؤلاء الأشخاص «كلفوا بمهام استطلاع ورصد لمواقع تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية والبقاع (شرق لبنان)، بالإضافة إلى جمع معلومات عن شخصيات سياسية لبنانية وقيادات حزبية، ومواقع أمنية وعسكرية تابعة لقوى الأمنية والعسكرية الشرعية».
قائمة التوقيفات رست على عدد أقل ممن خضعوا للاستجوابات أمام فرع التحقيق في شعبة المعلومات، إذ كشف مصدر قضائي بارز لـ«الشرق الأوسط»، أن «التوقيفات رست على 21 شخصاً من جنسيات لبنانية وسورية وفلسطينية، متورطين في أعمال التجسس لصالح إسرائيل». ورغم خطورة الجرائم المنسوبة إليهم اعتبر المصدر أن «معظم هؤلاء الموقوفين هم ضحايا الظروف الصعبة التي أوصلتهم إلى الواقع، لأن مشغليهم استغلوا أوضاعهم الاجتماعية الصعبة، واستدرجوهم إلى هذا الميدان بحجة تأمين فرص عمل لهم قبل أن يكتشفوا خطورة الأمر».
وتضاربت الروايات حول الأدوار التي تولاها أفراد المجموعات، أي بين حصر مهامهم بجمع معلومات عن مواقع ومناطق حساسة، وبين التورط في أعمال أمنية. ولم يخف المصدر القضائي أن «بعض الموقوفين تم ضبط صور على هواتفهم ويجري تحليلها لمعرفة مدى أهميتها»، مشيراً إلى أن «ثمة شخصاً ينتمي إلى «حزب الله» متورط في إحدى هذه الشبكات، لكن الحزب رفض تسليمه إلى القضاء اللبناني، وهذا يضرب مبدأ وحدة التحقيق وحصر مرجعية الملاحقة بيد القضاء اللبناني».
الحديث عن عامل الصدفة الذي أوقع عناصر مجموعات التجسس بيد القوى الأمنية، نفاه المصدر القضائي، الذي أعلن أن «الإنجاز الذي تحقق جاء ثمرة عمل دؤوب لشعبة المعلومات، التي تولي ملف التجسس أهمية توازي أو تفوق مهامها الداخلية في عمليات الأمن الاستباقي». وكشف أن شعبة المعلومات «أمسكت بخيوط هذه الشبكات قبل أسابيع قليلة من خلال مراقبة دقيقة لحركة اتصالات مكثفة تجري مع أفراد هذه الشبكات بواسطة خطوط هاتف محلية وأجنبية».
وعما إذا كانت الشبكات تحضر لأعمال أمنية أم أن دورها يقتصر على الاستطلاع وجمع المعلومات، لفت المصدر القضائي إلى أن «المعطيات تفيد بأن الشبكات نشطت في الجنوب والضاحية الجنوبية وبيروت، لكن التحقيق سيستكمل أمام القضاء العسكري، الذي يضع يده على كل الملف ويتوسع بتحقيقاته لتبيان حقيقة الأدوار التي أنيطت بأفراد هذه الشبكات».
وفي وقت أطلع وزير الداخلية القاضي بسام المولوي مجلس الوزراء، على ضبط فرع المعلومات لـ17 شبكة تجسس تعمل لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي وتتولى دوراً محلياً وإقليمياً، أشاد رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ«الإنجاز النوعي الذي حققته شعبة معلومات في قوى الأمن الداخلي، بكشفها شبكة تجسس تعمل لصالح العدو الإسرائيلي في الداخل اللبناني». وقال: «مجدداً التحية والتقدير للقوى الأمنية اللبنانية ولعيونهم الساهرة على أمن لبنان وتحصين سلمه الأهلي».
من جهته، حذر المكتب السياسي لحركة «أمل» التي يرأسها بري، في اجتماعه الدوري من «خطورة الانكشاف الأمني والخلايا الأمنية الإسرائيلية والمجموعات الرديفة لها التي تستهدف منعة لبنان وأمنه واستقراره في غير منطقة، والتي أعلن عن كشفها والتحقيق مع أفرادها من قبل الأجهزة الأمنية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».