ليبيون يتساءلون عن إمكانية حصول الحكومة المنتظرة على «شرعية دولية»

وسط تخوفات من تكرار نموذج الثني بشرق البلاد

TT

ليبيون يتساءلون عن إمكانية حصول الحكومة المنتظرة على «شرعية دولية»

بعد إعلان مجلس النواب الليبي عن بعض الإجراءات للإطاحة بعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، وتعيين شخصية بديلة عنه، كثرت التساؤلات حول مدى إمكانية حصول الحكومة المنتظرة على الشرعية الدولية، وإن كانت ستواجه نفس مصير حكومة عبد الله الثني منذ عام 2014 من عزلة بشرق البلاد، وبالتالي عودة البلاد لفترة وجود حكومتين متحاربتين.
بداية، توقّع عضو مجلس النواب الليبي، سعيد أمغيب، حصول الحكومة الجديدة، التي ستحمل فور تشكلها اسم «حكومة الاستقرار»، على دعم دول عدة، من بينها الدول الصديقة والشقيقة لليبيا في المنطقة.
وقال أمغيب لـ«الشرق الأوسط»، إن ليبيا «في حاجة إلى حكومة قوية، تقودها شخصية توافقية تمهد للانتخابات، التي كانت في مقدمة المهام التي اضطلعت بها حكومة الوحدة الوطنية عند تشكيلها. لكنها أخفقت في تحقيقها»، لافتاً إلى ما أحيط بها من «شبهات فساد» عديدة، أسفرت عن إحالة ثلاثة من وزرائها للتحقيق والسجن الاحتياطي بتهمة تبديد المال العام.
في السياق ذاته، توقع الخبير الاقتصادي الليبي، سليمان الشحومي، حصول الحكومة المنتظرة على «نِصاب قانوني كبير من البرلمان، قد يؤدي فعلياً إلى حصولها على دعم دولي، خاصة في ظل حرص الجميع حالياً على استمرار تدفق النفط»، مبرزاً أن «عدم الاعتراف بها، وتحولها لحكومة موازية تعاني عزلة سياسية وحصاراً اقتصادياً، ستكون له انعكاسات على عملية إنتاج وتصدير النفط، بل وربما يفتح الباب لعودة الصراع المسلح».
ورأى الشحومي، أنه في ظل ارتفاع أسعار النفط حالياً ستتصاعد تخوفات الدول الغربية من أي نقص في الإمدادات، خاصة أن ليبيا تنتج حالياً مليوناً و200 ألف برميل يومياً، وبالتالي قد تحرص على الاعتراف بالحكومة الجديدة.
في المقابل، يتخوف بعض المراقبين من أن تلقى الحكومة المنتظرة مصير حكومة الثني، التي مارست مهامها في شرق ليبيا منذ سبتمبر (أيلول) 2014، واتخذت من مدينة البيضاء مقراً لها؛ ذلك أنه رغم تمتعها بدعم مجلس النواب حينها، فقد رفض المجتمع الدولي منحها الشرعية، ودخلت في أزمات اقتصادية متعددة.
من جهته، رأى عضو مجلس النواب، زياد دغيم، أن التوجه لتشكيل حكومة جديدة من عدمه، أو تعديل الحكومة الراهنة، «يرتبط بخريطة طريق جديدة تقدم حلولاً للقضايا الخلافية، التي واجهت حكومات الدبيبة».
وقال دغيم لـ«الشرق الأوسط»، إن «أي حكومة ستمارس عملها من طرابلس ستكون مطالبة بالتعاطي مع قضايا رئيسية، من بينها السلاح غير المنضبط، وعدم اعتراف بعض الأطراف هناك بشرعية الجيش الوطني، وكيفية إدارة المصالحة الوطنية، خاصة مع النظام السابق، بالإضافة إلى تحديد النظام الاقتصادي والإداري الملائم للبلاد، وتوزيع الثروة».
واعتبر دغيم، أنه «من دون وجود توافق على معالجات أساسية لهذه القضايا، لا جدوى من تغيير الشخصيات، حيث سترحل كما رحل رؤساء الوزراء السابقون، مثل فائز السراج والثني، ومن قبلهما علي زيدان، وتظل المشاكل قائمة». لافتاً إلى أن بعض المرشحين للرئاسة طالتهم «شبهة الكيد السياسي»، خاصة أن الجميع يدرك جيداً أن الفساد الحكومي ظاهرة متجذرة منذ خمسين عاماً.
في سياق ذلك، قلل دغيم من التعويل على التقارب بين قيادة بمجلس النواب، وبين شخصيات سياسية تنتمي إلى مدينة مصراتة (غرب) بهدف إيجاد مناخ يسمح للحكومة الجديدة بالعمل وتحسين الأوضاع المعيشية، وقال بهذا الخصوص «للأسف نحن نعول على الشخصيات وانتماءاتهم، دون أي محاولة لسؤالهم عن رؤيتهم لعلاج أزمات البلاد. لكن القضية الأهم من موضوع تغير الحكومة، أو بقائها، هو التوافق على رؤية للحل السياسي، بين مسار الذهاب مباشرة للانتخابات ليقول الشعب كلمته، أو بدء النقاش المعمق حول الدستور وتحديد نظام الحكم، وتوزيع الثروة إلى آخره، وللأسف لا توجد أي مؤشرات تدل على تقدم بأي مسار منهما».
من جانبه، أشار عضو مجلس النواب، جاب الله الشيباني، إلى «حالة من الضجر أصابت المواطنين من تغيير الحكومات دون تحسن أوضاعهم المعيشية»، متسائلاً «عما تقدمه الحكومة القادمة لليبيين ونحن نتحدث عن الوجوه نفسها المتصارعة على السلطة والمال، والتي لا تعبأ في الغالب بخدمة الوطن». واستدرك الشيباني موضحاً، أن مجلس النواب «كان في مواجهة خيار صعب لانتهاء شرعية وقانونية حكومة (الوحدة الوطنية)، وبالتالي كان يتوجب عليه إما إعادة تكليف رئيس الحكومة، أو التوجه نحو تشكيل جديدة». داعياً إلى ضرورة سعي الجميع «لإيجاد قدر من التفاهم لتفادي تخوف الشارع من حدوث صدام مسلح بين الحكومة الحالية والمنتظرة، أو العودة للمربع الأول بوجود حكومتين، إحداهما في العاصمة تحظى باعتراف دولي، ودعم المصرف المركزي، والأخرى موازية، سواء اتخذت من سرت أو أي مدينة أخرى مقراً لها، وتضطر إلى تأسيس مصرف موازٍ وطبع عملة في الخارج».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».