واشنطن تحذر من «مخاطر» تشكيل حكومة جديدة في ليبيا

ويليامز أكدت رفض الليبيين «للعودة إلى الانقسام والمؤسسات الموازية»

محافظ مصرف ليبيا المركزي لدى اجتماعه مع مسؤولي السلطة الانتقالية في طرابلس أمس (مصرف ليبيا المركزي)
محافظ مصرف ليبيا المركزي لدى اجتماعه مع مسؤولي السلطة الانتقالية في طرابلس أمس (مصرف ليبيا المركزي)
TT

واشنطن تحذر من «مخاطر» تشكيل حكومة جديدة في ليبيا

محافظ مصرف ليبيا المركزي لدى اجتماعه مع مسؤولي السلطة الانتقالية في طرابلس أمس (مصرف ليبيا المركزي)
محافظ مصرف ليبيا المركزي لدى اجتماعه مع مسؤولي السلطة الانتقالية في طرابلس أمس (مصرف ليبيا المركزي)

هدد السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند مجدداً بـ«معاقبة معرقلي العملية السياسية في البلاد»، وحذر من «مخاطر تشكيل حكومة جديدة»، في وقت أنهى عبد الحميد الدبيبة رئيس «حكومة  الوحدة» قطيعة استمرت عدة أشهر مع نائبه الأول  حسين القطراني.
وقال نورلاند في تصريحات لشبكة «سي إن إن» مساء أول من أمس: «أي قادة ليبيين يُنظر إليهم على أنهم معطلون للعملية… يدركون أنهم سيضطرون إلى المحاسبة من الشعب»، وأضاف أن «التحدي هو التأكد من عدم تحديد موعد يمر مرة أخرى ثم تفقد المصداقية، ولكن لا تنتظر طويلاً حتى يفقد الليبيون الثقة في العملية تماماً».
وأوضح نورلاند أنه «يمكن إجراء الانتخابات قبل شهر يونيو (حزيران) المقبل إذا توصل القادة الليبيون إلى التسويات اللازمة»، لافتاً إلى أن «الأمم المتحدة تقود عبر مبعوثتها الخاصة ستيفاني ويليامز الجهود لتحقيق ذلك».
ولفت نورلاند إلى مخاوف من أن «تؤدي محاولات تشكيل حكومة جديدة إلى تعطيل الانتخابات أو إنشاء حكومة موازية»، ورأى أن  «وجود  مرتزقة  ودورهم  في  زعزعة  الاستقرار  يثير  تساؤلات  عن  مدى  تحكم الليبيين في بلادهم».
كما ندد نورلاند في بيان وزعته السفارة الأميركية بالهجوم الإرهابي الأخير الذي وقع في الجنوب الليبي، وأعرب عن تعازيه لأسر الضحايا والذين قتلوا في الاشتباكات.
وقال نورلاند إن بلاده «تدعم الجهود المبذولة لحماية سيادة ليبيا من خلال مكافحة الإرهاب، وتحسين الأمن في الجنوب والمنطقة الحدودية، وتوحيد القوات العسكرية للبلاد».
بدوره، خرج «المجلس الرئاسي» عن صمته، واستنكر في بيان أصدره في ساعة مبكرة من صباح أمس الهجوم الغاشم لـ«داعش» الذي راح ضحيته عدد من أبناء الوطن دفاعاً عن الأرض والعرض. وأهاب المجلس بـ«من فرقتهم السياسة أن يجتمعوا على نصرة بلادهم وتأمين استقلالها وحدودها»، كما دعا «دول الجوار والمجتمع الدولي للاضطلاع بالتزاماتهم وما تمليه أواصر الجوار والاتفاقيات الدولية في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه».
من جانبه، نفى اللواء المبروك سحبان آمر قوة عمليات الجنوب بالجيش الوطني مشاركة أي قوات من «حكومة الوحدة» في المعارك التي انتهت بالانتصار على «تنظيم داعش» في مدينة القطرون جنوب غربي العاصمة طرابلس مؤخراً.
واعتبر في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس أن خطاب الحكومة في هذا الشأن «مجرد محاولة لاستغلال الظروف». وأضاف سحبان: «الواقع أنه لم تشارك أي مؤسسة تتبع الحكومة في هذا العمل ولم يكن لها أي تواجد على الأرض»، مؤكداً أن  «من قام بهذا العمل هم عناصر من الكتائب والوحدات العسكرية التابعة للجيش الوطني، وتشمل عسكريين ومتطوعين كقوة مساندة».
في غضون ذلك،  أكدت المبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز أن «الليبيين لا يُريدون العودة إلى الانقسام وإلى مؤسسات موازية»، وأشارت في تصريحات تلفزيونية إلى أن «ملتقى الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة أتى بالحكومة لتكون مُصغرة وتكنوقراطية وبميزانية تعكس مهمتها المحددة بالتحضير للانتخابات وتوفير الخدمات ومعالجة أزمة (كوفيد - 19) ومعالجة أزمة الكهرباء». وقالت ويليامز إن «الشعب يريد أن يُمارس حقوقه السياسية الأساسية»، لافتة إلى «مضي 7 أعوام و7 أشهر، أي أكثر من 3700 يوم منذ أن خرج الليبيون للتصويت في انتخابات وطنية».
وكانت ويليامز قد اعتبرت في تصريحات لها مساء أول من أمس أن  «المسؤولية تقع على مجلسي النواب والدولة وحكومة الوحدة والمجلس الرئاسي لبذل كل الجهود للتحرك بسرعة لوضع خطة واضحة ومحددة زمنياً لإجراء عملية انتخابية تمنح الليبيين فرصة ممارسة حقهم الديمقراطي وانتخاب ممثليهم».
كما رحبت ويليامز في اتصال مع وزير الشؤون الخارجية والأوروبية في مالطا، إيفاريست بارتولو، بدعم مالطا الثابت لعمل الأمم المتحدة في ليبيا وضرورة إعادة الانتخابات لمسارها الثابت، مشيرة إلى «التأكيد  على ضرورة تكثيف وتنسيق الجهود على المستويين الإقليمي والدولي دعماً للشعب الليبي».
في المقابل، بحث الصديق عمر الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي مع فوزي النويري النائب الأول لرئيس مجلس النواب، وخالد المشري رئيس مجلس الدولة، ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة جهود توحيد المصرف ودعمها، ومتابعة الأوضاع المالية والاقتصادية في البلاد.  وكان الدبيبة قد بحث مع نائبه القطراني، مساء أول من أمس في العاصمة طرابلس مستجدات الأوضاع والتطورات السياسية في شرق ليبيا، وتابع سير عمل ديوان مجلس الوزراء والوزارات والمؤسسات الحكومية هناك.
وكلف الدبيبة نائبه رمضان بوجناح بتسيير العمل بوزارة الصحة بعد أمر النيابة العامة بحبس الوزير علي الزناتي احتياطياً بتهمة ارتكاب فساد مالي وإداري، والذي طالبت قبيلته زناتة في بيان لها بالإفراج عنه. إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة، وصول وفد رسمي مغربي  يترأسه  رئيس شؤون اتحاد المغرب العربي بالخارجية المغربية إلى العاصمة طرابلس تمهيداً لإعادة فتح القنصلية المغربية المغلقة منذ نحو 8 سنوات. وأدرج  بيان للوزارة  هذه الخطوة في إطار جهود حكومة الوحدة لدعم آليات التعاون بين المغرب وليبيا، وتعزيز العلاقات الثنائية، لافتاً إلى أن هذه الخطوة «ستسهل إجراءات منح التأشيرة للمواطنين الليبيين من مقر القنصلية بطرابلس».
من جهة أخرى، أعلن جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس مقتل أحد عناصره  وإصابة عنصرين آخرين في هجوم مسلح شنه  بعض الخارجين عن القانون، بمنطقة البارونية في ورشفانة مساء أول من أمس.
وقال الجهاز إن إدارته  لمكافحة التوطين والهجرة غير القانونية «أنقذت على مدى اليومين الماضيين نحو 500 مهاجر غير قانوني عبر زوارق بالية»، مشيراً إلى «مصرع أكثر من 200 مهاجر غرقاً أو بسبب الانخفاض الكبير في درجات الحرارة».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».