«إيقاد» تبدأ مشاورات لتجاوز الأزمة في السودان

أكدت حرصها على عودة مسار الانتقال الديمقراطي

TT

«إيقاد» تبدأ مشاورات لتجاوز الأزمة في السودان

دخلت الهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا «إيقاد» على خط الأزمة في السودان؛ حيث بدأ سكرتيرها التنفيذي، ورقنة قبيهو، أمس زيارة رسمية للخرطوم، تستغرق 3 أيام، يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين في مجلس السيادة الانتقالي وقادة الأحزاب السياسية والبعثات الأجنبية للتشاور حول حل الأزمة السياسية الراهنة في السودان.
وقالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان صحافي، أمس، إن سكرتير الـ«إيقاد» أكد حرص الدول الأعضاء في المنظمة على دعم الفرقاء لإكمال عملية الانتقال الديمقراطي، بالعمل مع الاتحاد الأفريقي والشركاء الآخرين لتحقيق هذه الغاية. وتضم الهيئة كلاً من جيبوتي، السودان، جنوب السودان، الصومال، كينيا، أوغندا، إثيوبيا، إريتريا.
ويعد أول تحرك رسمي مباشر من جانب الهيئة الأفريقية تجاه الأوضاع في السودان منذ استيلاء الجيش على السلطة في البلاد في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والإطاحة بالشركاء المدنيين في الحكم. وأكد قبيهو حرص الهيئة على التشاور مع أصحاب المصلحة السودانيين كافة.
وأضاف أن الهيئة ستبلور خطوات إضافية للتحرك لدعم جهود حل الأزمة الراهنة بعد اكتمال المشاورات مع كل المعنيين.
ومن جانبها، رحّبت الحكومة السودانية بجهود الـ«إيقاد» لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين، مؤكدة استعدادها لتقديم كل دعم ممكن لإنجاح هذه الجهود. وعبّر وكيل وزارة الخارجية السودانية المكلف، السفير عبد الله عمر البشير، لدى لقائه سكرتير الهيئة الأفريقية أمس بمقر وزارة الخارجية في الخرطوم عن تطلع السودان لتعزيز التعاون مع سكرتارية «إيقاد» ومع الدول الأعضاء في المنظمة لمجابهة التحديات التي تواجه دول المنطقة.
وأكد في تصريحات صحافية دعم بلاده للجهود التي يقودها السكرتير التنفيذي لإصلاح الهيئة. ودعا قبيهو الأطراف السودانية لوقف التصعيد لتهيئة الأجواء للدخول في حوار ومفاوضات جادة لإيجاد حل للأزمة السياسية الراهنة في البلاد. ومن المقرر أن يلتقي السكرتير التنفيذي للهيئة رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي» وقادة الأحزاب السياسية الرئيسية، بجانب أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى البلاد من دول «إيقاد» وأفريقيا والترويكا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وسيجري قبيهو، بحسب وكالة السودان للأنباء، مشاورات سياسية واسعة مع الأطراف كافة للمساهمة في دفع حل الأزمة السياسية والاتفاق على مسار مستدام للتقدم نحو الديمقراطية والسلام والاستقرار. وطرح رئيس بعثة «إيقاد» في السودان، عثمان بليل، في يناير (كانون الثاني) الماضي، تبني الهيئة بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي مفاوضات مع أطراف العملية السياسية في السودان للخروج من الأزمة الحالية وحالة الاحتقان السياسي.
وتأتي تحركات الهيئة بعد مطالبة مجلس السيادة الانتقالي بإشراك الاتحاد الأفريقي لدعم المبادرة التي تتبناها الأمم المتحدة، عبر بعثتها في السودان «يونيتامس»، لتسهيل الحوار بين المدنيين والعسكريين.
يذكر أن رئيس وزراء السودان المستقيل، عبد الله حمدوك، كان يرأس الدورة الحالية لهيئة «إيقاد»، ومقرها في دولة جيبوتي. وعلق الاتحاد الأفريقي في أكتوبر الماضي عضوية السودان في جميع الأنشطة الخاصة به، عقب إطاحة العسكريين بالحكومة المدنية، على أن يظل القرار سارياً إلى أن يتم استئناف نقل السلطة الانتقالية للمدنيين.
وأدان الاتحاد الأفريقي استيلاء الجيش على الحكم في السودان، وتغيير الحكومة بطريقة غير دستورية، وعدّه أمراً غير مقبول، ويمثل إهانة للقيم والمعايير الديمقراطية المشتركة للاتحاد الأفريقي. ومنذ أكتوبر الماضي، يشهد السودان احتجاجات شعبية مستمرة تطالب بعودة الجيش للثكنات وتسليم السلطة للقوى المدنية.
وكان مجلس السيادة الانتقالي قد حذر مؤخراً مما أسماه انتهاك بعثات دبلوماسية لسيادة البلاد دون تسميتها، فيما تظاهر مؤيدو الجيش أمام مقر بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في «يونيتامس»، قبل أيام، للمطالبة بطرد البعثة من البلاد، وحملوا لافتات رسم عليها «الصليب المعقوف» على وجه رئيس البعثة الألماني الجنسية في إشارة إلى أنه «نازي» يحتل البلاد، في الوقت الذي تواصل فيه البعثة جهود لتيسير عملية سياسية تخرج البلاد من الأزمة السياسية.
ويرجح أن تكون التظاهرة الرافضة للوجود الأممي والحديث عن تدخل سفارات مقيمة في الخرطوم في الشأن الداخلي، وصمت أو رضا السلطات العسكرية الحاكمة عن التظاهرة التي نظمها أنصار للجيش، إلى موقف جديد داخل القيادة الحاكمة. ويرى مراقبون أن تزامن هذه الأحداث ربما يشير إلى بدايات لتراجع محسوب عن تعهدات القوات المسلحة للمجتمع الدولي، وتبني شعارات مناوئة للغرب.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.