«ماكروبات»: سيارة طائرة جديدة

مصممة للوصول إلى المناطق النائية

«ماكروبات»: سيارة طائرة جديدة
TT

«ماكروبات»: سيارة طائرة جديدة

«ماكروبات»: سيارة طائرة جديدة

لم تصبح طائرات الإقلاع والهبوط العمودي واقعاً بعد رغم التوقعات المبكرة التي وعدت بأنها ستصبح مستخدمة في الرحلات الخاصة في عام 2020 على أبعد تقدير. وتشير أحدث التقديرات إلى أن الحلول التكنولوجية التنقل الجوي في المناطق الحضرية ستدخل مرحلة الإنتاج في السنوات العشرة المقبلة وستحتاج إلى وقت إضافي بعدها لتتحول إلى نوعٍ عادي ومنتشر من المواصلات.

طائرة كهربائية
ولكن هذا الانتظار الطويل ليس سيئاً بالمطلق؛ لأنه سيفتح المجال أمام المزيد من التحسين في تقنيات صنع البطارية وصقل تصاميم هذا النوع من المركبات.
تشهد هذه الصناعة اليوم دخول لاعبٍ جديد هو طائرة «ماكروبات» Macrobat الكهربائية بالكامل للاستخدام الشخصي والتي لا تشبه أي تصميم سبقها. يدعوها البعض سيارة «الطائر» الجوية التي صممها فريقٌ من الباحثين والمصممين الأفارقة بعد دراسة معمقة للطيور وأشكالها.
وعُرض تصميم هذه المركبة الطائرة للمرة الأولى في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت ويسعى الفريق البحثي المسؤول عنها اليوم لجمع التمويل اللازم لتطوير دراستها وبناء النموذج الوظيفي الأول منها.
تتولى تطوير هذه المركبة شركة «فراكتيل» (التي تختصر باللغة الإنجليزية عبارة «جبهة التطور السريع لتكنولوجيا الأنظمة المعقدة»). أما اسم المركبة، «ماكروبات»، فقد استوحاه المصممون من الخفاش.
قدمت شركة «فراكتيل» في هذه المركبة حلاً أفريقياً لمشكلة أفريقية، ودرس مهندسوها الطيور أثناء تطويرهم لها لصناعة طائرة قادرة على الإقلاع والهبوط في أي نوعٍ من الأراضي لضمان وصولها إلى الأماكن البعيدة والتي لا يمكن الوصول إليها باستخدام وسائل النقل التقليدية.
ولكن وظيفة «ماكروبات» تتجاوز اصطحاب الركاب في رحلات السفاري؛ إذ يقول الفريق المطور إنها ستكون قادرة على نقل الحمول أو الطواقم المتخصصة إلى أي مكان، بالإضافة إلى العمل في حالات الطوارئ وتفقد البنى التحتية أو حتى كطائرة تقليدية لرش المبيدات الحشرية على المحاصيل.

«خفاش» طائر
تعد فكرة تصميم هذه المركبة الطائرة ذات الإقلاع والهبوط شبه العمودي، جديدة ومجنونة، خصوصاً أنها تشبه طائراً ميكانيكياً يحلّق في أحد أفلام الخيال العلمي. تستقر «ماكروبات» على رِجلين ميكانيكيتين كرجلي الطائر مزودتين بسكتين عند القدمين. تتيح الرجلان للمركبة الإقلاع من أي أرضية بتقديم الدفعة الأولى إلى الأعلى، بينما تساعد السكتان على تسهيل هبوطها في المناطق النائية.
فيما يتعلق بالإقلاع، تميل «ماكروبات» من الأنف إلى الذيل (من أعلى إلى أسفل) ومعها الجناحان. ووفقاً لـموقع «أوتو إيفولشن»، فإن شركة «فراكتيل» تقول، إن «الطائرة ستكون قادرة على الارتفاع بسرعات منخفضة»، واكتفت بهذا القدر من التفاصيل بانتظار الحصول على براءة اختراعٍ للتصميم، أي أن ما يراه الناس اليوم ليس الشكل النهائي للطائرة.
بعد ارتفاعها في الهواء، تنسحب رجلا الطائر تلقائياً لتخفيف قوة الاحتكاك، وتطير «ماكروبات» كطائرة حقيقية. وكالكثير من طائرات الإقلاع والهبوط العمودي القيد التطوير اليوم، سيقود «ماكروبات» ربان بشري أو سيتم التحكم بها من الأرض كما طائرات الدرون.
تشير المعلومات المنشورة على موقع الشركة الإلكتروني، إلى أن الطائرة ستكون قادرة على نقل حمولة بوزن 150 كلغم، وستطير بنطاق 150 كلم، وبسرعة قصوى تصل إلى 180 كلم/الساعة. تنطبق هذه المعلومات على النموذج المنوي تطويره، أي أنها مختلفة عن الأرقام التي ظهرت في العرض. ومن المتوقع أن يُستتبع هذا النموذج المخصص للاستعمال الشخصي بآخر مخصص للأجرة وللغايات الترفيهية.
أما عن موعد طيران هذه المركبة الشبيهة بالطائر، فقد أشار فريق «فراكتيل» إلى أن «نضوج هذه المركبة يحتاج إلى بضع سنوات، وأنهم يعملون في الوقت الحالي على صناعة نموذج ديناميكي فعال منها».


مقالات ذات صلة

بدء تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن في السعودية

الاقتصاد مقر هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية في الرياض (الموقع الإلكتروني)

بدء تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن في السعودية

بدأ تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن للهواتف المتنقلة والأجهزة الإلكترونية في السوق، لتكون من نوع «USB Type - C».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

كشف تقرير دولي عن عدد من التحديات التي قد تواجه الاقتصاد الرقمي في العام المقبل 2025، والتي تتضمن الابتكار الأخلاقي، والوصول العادل إلى التكنولوجيا، والفجوة…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا تتميز سمكة «موبولا راي» بهيكلها العظمي الغضروفي وأجنحتها الضخمة ما يسمح لها بالانزلاق بسهولة في الماء (أدوبي)

سمكة تلهم باحثين لتطوير نموذج مرشّح مياه صناعي!

طريقة تغذية سمكة «موبولا راي» تدفع باحثي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتطوير أنظمة ترشيح فعالة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)

السعودية تسجل 44 % انخفاضاً في الهجمات الإلكترونية حتى نوفمبر مقارنة بـ2023

تواجه السعودية التحديات السيبرانية باستراتيجيات متقدمة مع معالجة حماية البيانات وأمن السحابة وفجوات مواهب الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)

خاص كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تشكيل الأمن السيبراني في 2025؟

«بالو ألتو نتوركس» تشرح لـ«الشرق الأوسط» تأثير المنصات الموحدة والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية على مستقبل الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر
TT

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

تلتمع «بارفيه» السمّان (وهي لحم مسحون لطير السمّان) على صحني، مقترنة بقرص من الذرة المقلية. وللوهلة الأول، يبدو هذا كنوع من طعام العشاء الفاخر الذي ستجده في العديد من المطاعم الراقية: عجينة غنية وردية مغطاة بالفلفل المخلل، وزهرة صالحة للأكل، ولمحة من الكوتيجا (الجبن المكسيكي المعتّق).

لحم طير مختبري

ولكن العرض التقليدي لهذا اللحم يحجب حقيقة أعمق، فهذه الوجبة غير تقليدية، بل وراديكالية. ومن بعض النواحي، تختلف عن أي شيء شهده العالم في أي وقت مضى.

لم تُصنع عجينة اللحم الموجودة على طبقي بالطريقة التقليدية مع كبد الإوزّ. لقد تمت زراعة اللحم من خلايا النسيج الضام لجنين السمان الياباني الذي تم حصاده منذ سنوات، وتم تحفيزه وراثياً على التكاثر إلى الأبد في المختبر. وقد قُدم لي هذا الطبق في فعالية «أسبوع المناخ» في نيويورك من قبل جو تيرنر، المدير المالي في شركة «فاو» الأسترالية الناشئة للتكنولوجيا الحيوية.

إن تسمية السمان «اللحم المستزرع في المختبرات» تعد تسمية خاطئة. فهذه النسخة الشبيهة بالهلام من السمان كانت تُزرع في مصنع حقيقي للحوم الخلوية، وهو الأول والأكبر من نوعه. وعلى وجه التحديد زرعت في خزان طوله 30 قدماً، وسعته 15 ألف لتر في مصنع «فاو» في سيدني، حيث، حتى كتابة هذه السطور، يمكن للشركة إنتاج 2000 رطل (الرطل 152 غراماً تقريباً) من السمان كل شهر.

وهذه كمية ضئيلة مقارنة بالكميات المتوفرة في مرافق اللحوم التقليدية، لكنها تمثل خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة إلى التكنولوجيا التي - على مدى العقد الماضي - أسست سمعتها بالكامل تقريباً على تقديم قطع صغيرة شهية في جلسات التذوق الصحفية الفردية.

نجاحات وإخفاقات

وقد بدأت «فاو» للتو أعمالها هذه مع ما يقرب من 50 مليون دولار من تمويل شركات أخرى مثل «بلاكبيرد فينشرز»، و«بروسبيرتي 7»، و«تويوتا فينشرز» (التي رعت فاعلية أسبوع المناخ). وقامت الشركة حديثاً بتركيب مفاعل بيولوجي كبير آخر سعته 20 ألف لتر هذه المرة، أكبر بنسبة 33 في المائة من الأول. ومع تشغيل المفاعلين على الإنترنت، تُقدر الشركة أنها سوف تنتج قريباً 100 طن من السمان المستزرع كل عام.

قد يبدو كل ذلك متناقضاً مع التقارير السابقة، إذ وصف مقال استقصائي نشرته أخيرا صحيفة «نيويورك تايمز» كيف أن قطاع اللحوم المستزرعة الناشئ قد خرج عن مساره بسبب العقبات الاقتصادية والتقنية، رغم سنوات من الضجيج، وسلسلة من الموافقات التنظيمية البارزة، و3 مليارات دولار من الاستثمار.

جمعت شركة «أب سايد فودز»، ومقرها في بيركلي، بولاية كاليفورنيا، أكثر من 600 مليون دولار لتقييم نموذج لشريحة دجاج تبين أنها يمكنها أن تصنعه يدوياً فقط في أنابيب اختبار صغيرة، في حين أن محاولة شركة «إيت جاست»، ومقرها في كاليفورنيا لبناء مصنع للحوم أكبر 50 مرة من مصنع «فاو» انتهت بدعاوى قضائية ومشاكل مالية والقليل للغاية من الدجاج المستزرع.

وقد وعدت الجهات الداعمة لهذا القطاع بمحاكاة اللحوم التي نشأنا على تناولها، اللحم البقري والدجاج، من دون المعاناة التي تعرضت لها الحيوانات والطيور، ومن دون انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولكن اليوم لم يعد هناك أي منتج متاح إلا بالكاد في هذه الصناعة. لقد حان الوقت، كما كتبتُ، للاعتراف بحقيقة أن هذا الحلم قد مات.

تطويرات غير مألوفة

كيف تستعد شركة «فاو» لشحن المنتجات بكميات كبيرة؟ بالتخلي عن المألوف واعتماد غير المألوف. إذ وبدلاً من محاولة إنتاج قطع الدجاج الصغيرة والبرغر، ركزت «فاو» على ما يمكن أن تقدمه الخزانات الفولاذية الكبيرة المليئة بالخلايا بشكل موثوق به في المدى القصير: منتجات غريبة ومميزة مخصصة لسوق السلع الفاخرة، وهي فئة جديدة من الأطعمة التي يسميها جورج بيبو الرئيس التنفيذي لشركة «فاو»: «اللحوم الغريبة».

اللحوم الغريبة هي انحراف عمّا وعدت به صناعة اللحوم الخلوية بالأساس. سيكون الأمر مكلفاً، في البداية. ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت شركة «فاو» تبيع بارفيه السمان لأربعة مطاعم في سنغافورة مقابل 100 دولار للرطل. وسوف تتميز هذه اللحوم بمذاق وقوام غير موجودين في الطبيعة. وسوف تُصنع من الحيوانات التي لم يعتد الناس أكلها. فكروا في التمساح، والطاووس، وطائر الغنم، وغيرها. في العام الماضي، تصدرت «فاو» عناوين الأخبار العالمية بعد «كرات اللحم الضخمة» - وهي نموذج أولي ضخم وفريد مختلط مع خلايا الفيل والحمض النووي لحيوان الماموث الصوفي - مما أدى إلى ظهور مقطع ذائع الانتشار في برنامج «العرض الأخير» مع ستيفن كولبرت. في نهاية المطاف، تأمل «فاو» في أن يمنحها إنشاء سوق فاخرة قوية للحوم الغريبة الفرصة لخفض التكاليف تدريجياً من خلال مواصلة البحث والتطوير، رغم أنها سوف تحتاج أولاً إلى تطبيع فكرة تناول الأنواع غير التقليدية.

غرائب الأطباق

عندما أنظر إلى طبق بارفيه السمان خاصتي، يدهشني أنني لم أتناول السمان من قبل. أتناول قضمة، ويكون الطعم خفيفاً ومليئاً مثل الزبدة المخفوقة، مع ملاحظات بطعم معدني دقيق أقرنه بالكبد. إنها تمثل بداية عصر جديد غامض، عصر ستكون فيه اللحوم المستزرعة متوافرة أخيراً، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها أي شخص.

* مجلة «فاست كومباني»

ـ خدمات «تريبيون ميديا»