خلود عولقي والطهي... قصة حب تدوّنها على مواقع التواصل الاجتماعي

مدوّنة وطاهية سعودية تعشق الملوخية والبساطة

TT

خلود عولقي والطهي... قصة حب تدوّنها على مواقع التواصل الاجتماعي

خلود عولقي، مدونة وطاهية ومؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، في سن الـ31 لديها 418 ألف متابع على «إنستغرام» وجمهور عريض تشاركه حبها الطهي وابتكار الوصفات وتبسيطها. رغم بداياتها كطاهية وصاحبة مطعم يتخصص في السوشي، فإنها تحولت في حساباتها على «سناب شات» أو «إنستغرام» لتتناول أكلات من جميع أنحاء العالم، من يزر صفحتها يجد وصفات سعودية وعربية وغربية، هنا تضع «ما تحب أن تأكله»، كما تقول لنا.
التقينا في نهار لندني بارد في مقهى أنيق، حيث تناولنا الشاي وفطائر سكونز الإنجليزية، ودار بيننا حديث طويل تناول بدايات الطاهية خلود في فن السوشي حتى تحولت لتصبح واحدة من أشهر المؤثرات في مجال الطهي في السعودية.
نبدأ في تناول الشاي والحديث، تطلب من النادلة الملح وتنثره على السكونز أمامها، تجيب على نظرتي المتسائلة ببساطة لطيفة «الملح يكسر الطعم ويمنح النكهة تميزاً».
البدايات دائماً لها جاذبية، وبدايات خلود عولقي مع الطهي تعيدها لمحاولات ساذجة لدخول المطبخ في طفولتها، تتذكر كيف كانت جدتها تعطيها قطعة عجين لتشكلها كما تشاء، وأنها بدأت في خبز الحلويات البسيطة وهي في الصف الخامس الابتدائي، تلقت التشجيع من العائلة والأصحاب، وهكذا تطورت الهواية الصغيرة عبر السنين لتصل لمحطة مهمة في حياتها حين أصبحت شيف خلود المتخصصة في صناعة السوشي. بدأت في طهي السوشي في مرحلة الجامعة، تصنعه في منزلها ويساعدها زوجها في كل التفاصيل، لتفتتح مطعماً باسم «أوي سوشي» في الرياض ما زال قائماً حتى الآن.

- الطهي على مواقع التواصل
دخولها مواقع التواصل الاجتماعي كان بداية لمشوار ناجح، تقول، إن البداية كانت تصور وصفات سوشي وتنشرها على «سناب شات»، ومع تزايد الإقبال وطلبات المتابعين أن تكون الوصفات متاحة بشكل أكبر، حيث إن «سناب شات» يلغي البوست بعد يوم، كان قرارها بالتوجه لـ«إنستغرام» لوضع الوصفات. هناك زادت أعداد المتابعين وبدأت في تلقي طلبات من المعلنين، كانت تلك اللحظة التي قررت فيها أن تخصص حساباً آخر بعيداً عن السوشي لتقدم من خلاله وصفات أشمل وأعمّ. ولكنها لم تترك مطعمها من دون إشراف، تقول «حتى أركز على عملي وتواجدي على السوشال ميديا كان من اللازم أن أبتعد فقمت بتدريب العاملين في المطعم وأعددت القائمة والوصفات التي يتبعها الشيف هناك (الشيف عبد المحسن)».
تقول، إن حسابها في «إنستغرام» شامل ويقدم مختلف الوصفات «أقدم من خلاله الوصفات التي أحبها ولا ألتزم بـ(كويزين) أو مطبخ معين، أقدم النكهات التي تعجبني والأكلات التي أحب طهيها في منزلي». تشير إلى أنها ليست من هواة «الترند» والأكلات التي تصبح مشهورة بين المدونين وحسابات الطهي الأخرى «عندما تظهر وصفات (ترند) أو على الموضة، ولا أقتنع بها لا أقدمها»، ولكن إذا اضطرت إلى ذلك تقدمها بطريقة مختلفة، ومثال لذلك وصفة المعكرونة مع جبنة الفيتا التي تقول، إنها قدمتها على حسابها بسبب تعاقدها مع إحدى الشركات المنتجة لجبنة الفيتا» طلبوها تحديداً، وقدمتها على طريقتي مع إضافة الزيتون والبقدونس».

- دورات الطهي وتطوير التكنيك
تحرص خلود على تطوير مهاراتها في عالم الطهي، هي الآن في لندن، حيث أنهت دورة في مدرسة «كوردون بلو» للطهي. تقول، إن قرارها بالدراسة جاء بعد توقفها عن العمل في المطعم «بعد أن تركت العمل اليومي في المطبخ قررت أن أتعلم تقنيات مختلفة في الطبخ، أنا اشتهرت بالسوشي، لكني أحب الطبخ بأنواعه ولهذا قررت تعلم أشياء جديدة من مطابخ أخرى». تشير إلى أنها انتظمت في دورات قصيرة في مدارس للطهي في بريطانيا بدأتها في عام 2017 «أخذت دورة قصيرة في مدرسة (كوردون بلو) في لندن في تقنيات المطبخ الفرنسي، ساعدتني الدورة وتعلمت وصفات وتقنيات جديدة وأوصلت ذلك للمتابعين على (إنستغرام)».
في عام 2019 تلقت دورة ثانية في معهد في منطقة ديفون بجنوب بريطانيا، ثم أخرى في أكاديمية للطهي في منطقة دورسيت. تقول «ميزة المعاهد أنهم يراعون أصحاب الأعمال الصغيرة، هناك مستويات للدبلوم، المستوى الواحد يستمر شهراً أو شهرين».

- «كورونا» والحجر المنزلي
جائحة «كورونا» غيرت خطط خلود، مع إغلاق المطعم في 2020، فترة الإغلاق دفعت بالكثيرين للطهي والخبز، وفي هذه الفترة زاد عدد متابعين خلود «الأكاونت كان بيزيد بمعدل ألف أو ألفين متابع في اليوم، بدأت بـ80 ألفاً، وصلت الآن إلى ما يقارب 400 ألف... رب ضارة نافعة، وقت الحجر اتجه الناس للطبخ، وكثيرون كانوا يتابعون حسابي كل يوم».
في تلك الفترة غيرت خلود أيضاً طريقة تصوير الوصفات، «في بداياتي كان التصوير يركز على الطعام ولكن أثناء الحجر طلبت من زوجي أن يصور مقاطع فيديو لي، كان يصورني بعد عودته من العمل كل يوم، وكنت أقضي وقتي خلال اليوم في تجهيز الوصفة والمكونات حتى يعود».
تشرح، أن الوقوف أمام الكاميرا لتقديم الوصفات كان صعباً في البداية، صنعت لنفسها صورة معينة تصفها بـ«الرسمية» ولكنها قررت أن تكون على طبيعتها أمام الكاميرا بعد رحلة لليابان. «سافرت لليابان في رحلة عمل للترويج لثقافة الأكل الياباني وكانت فرصة جداً جميلة، ولكن أيضاً مرهقة؛ إذ كان المطلوب مني أن أصور فيديو بشكل مستمر ولم يكن عندي وقت لأرتب كلامي. قلت لنفسي كوني على طبيعتك، رغم قناعتي المسبقة بأن يكون لي شخصية رسمية للسوشال ميديا، ولكن بعد تلك الرحلة وجدت أن بالعكس مريح لي أن أكون بطبيعتي وليس في القالب الذي صنعته لنفسي».
في «إنستغرام» غيرت خلود من أسلوبها في التقديم وأيضاً من بعض الوصفات، أذكر لها ما قالته في لقاء مع إحدى المجلات بأنها لا تحب «الخبز»، ولكن المتابع لها الآن يشاهد وصفات الكيك والمعجنات المختلفة، ماذا حدث؟ تجيب «لم أكن احب «البيكينغ» والحلويات كثيراً، كنت أعمل أشياء بسيطة مثلاً «مافين» و«براونيز»؛ لأني لم أفهم عملية الخبز، هناك علم متكامل خلف عملية الخبز، وأنا في وصفاتي أحاول أن أشرح سبب اتخاذ خطوة معينة».

- الطهي في المنزل وعلى «إنستغرام»
الطهي بطريقة الأمهات والجدات تعشقه، ولكنها لا تستطيع تقديمه لمتابعيها بالطرق القديمة نفسها، تشير على سبيل المثال إلى أن طريقة المقادير مختلفة وتضرب المثل بأحد «البوستات» على حسابها عندما قدم والدها وصفته الخاصة لأكلة «الرز بالحمص» الشهيرة في السعودية. تقول «عندما قدمت الوصفة مع بابا، كان يخلط المكونات حسب (النظر)» (يقدرها بعينه من دون معايير)، قلت للمتابعين «لا أستطيع أن أعطيكم المقادير الآن، وعدت بعدها للفيديو لأقدّر الكميات التي استخدمها والدي وأضع لها معايير واضحة».
وتابعت «جيل الأمهات والجدات كانت له طرق في معرفة المقدار الصحيح والوقت الذي تستلزمه صينية في الفرن، كان لهن (تكنيك) قد يسميه البعض (النَفَس)، ست البيت تعرف متى تخرج الصينية من الفرن، متى تقلب قطعة الاستيك علشان تاخد اللون... كل الحواس تدخل في موضوع الطبخ، النظر الشم والتقدير».

مجتمع طاهيات وسائل التواصل

المتابع حساب خلود بإمكانه أن يلاحظ التعاون بينها وبين المدونات المتخصصات في الطهي، قدمت في إحدى المرات حساب لسيدة إيطالية (خالة ماريا)، والتي تقدم الوصفات الإيطالية التقليدية، وفي مرة أخرى قدمت حساباً لسيدة متخصصة في الخبز (فاطمة البياتي) أقول لها «من الأشياء الجميلة في حسابك هو تقديم طاهيات من مجالات مختلفة، هل هناك (مجتمع) لطاهيات (إنستغرام)؟» تقول «طبعاً تعرفت على كثير من الناس عبر السوشال ميديا في السعودية، الطبخ يجمعنا». تتحدث عن زيارات بينهن وتجارب طبخ مشتركة «عملت مع صديقة طريقة عمل عصير ليمون (ليمونيد) وعملت مع ماما ومع بابا وفي مرحلة ما مليت من الطبخ وحدي، وبدأت أفكر في شخص يشاركني في الطبخ». تضيف «تعرفت على فاطمة البياتي، مدونة الخبز من النادي؛ فهي كانت مدربتي واكتشفت أثناء الحجر أنها تخبز في البيت، في الحجر المنزلي كنا نزور بعض نخبز ونتمرن».

- سلبيات وإيجابيات
على الجانب الشخصي، هل كان لمواقع التواصل الاجتماعية سلبياتها؟ تقول «أول شيء أنا من الناس التي تستمتع بالمشاركة، أحب أن أشارك الناس حبي للأكل، وحتى لو صورت جانب من حياتي اليومية بشكل عادي، أحب ذلك ولكن لا أريد أن يصبح واجباً عليّ؛ حتى لا أفقد المتعة. فعلى قد ما أحب أن أشارك الناس في يومياتي هناك أيام أخرى لا أشعر فيها بالرغبة في التصوير، ولا أريد أن أجبر نفسي على الظهور وأنا (متضايقة) فذلك سيبعث طاقة سلبية... أريد أن يرتبط ظهوري بالطاقة الإيجابية».
وفي نهاية اللقاء، كان من الواجب معرفة الأكل المحبب لدى خلود، ابتسمت وقالت «الملوخية والرز بالحمص».


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».