التسويق العصري والـ«سوشيال ميديا» يحددان شكل ما نأكله

تنافس الأفكار والابتكار لجذب الزبائن إلى المطاعم المصرية

TT

التسويق العصري والـ«سوشيال ميديا» يحددان شكل ما نأكله

«اختراع جديد بالجبن يهز أرجاء القاهرة»؛ «كل كيلو جمبري عليه كيلو هدية»؛ «لا تفوتك تورتة المندي والحمام والمشويات»، ما بين مئات العروض التسويقية، تحاول مطاعم العاصمة المصرية اجتذاب زبائن جدد، أو توسيع شرائح روادها الذين لا يملكون إلا السير وراء هذه العروض التي تبدو سخية، أملاً في الوصول إلى ما يلبي نداء شهيتهم التي تتوق إلى اختبار كل ما هو جديد.
لذا تتسابق المطاعم في تقديم مزيد من الخيارات والابتكارات بهدف إسعاد ضيوفها، وبالتالي ليس غريباً أن نرى لديها «عروض الشلة»، و«قنبلة الاختراعات» التي تدعوك لتذوق «بيتزا عملاقة قطرها 60 سنتيمتراً مقسَّمة لـ4 أصناف»، أو اختراع «البرغر المُربَّع»، ثم تقوم بشرب قهوتك في «فنجان من الكوكيز والشوكولاتة».
وتتفنن المطاعم في أسماء أطباقها، فأنت مدعو لالتهام «جردل السي فود»، و«كبدة بارتي»، ثم اختتامها بتذوق «أزمة نوتيلا»، والأمر لا يختلف عند زيارتك لمطعمي «أولاد طأطأ» و«أبو العربي» للمأكولات البحرية، وكذلك «حسونة» للمشويات، بجانب ما تشهده عروض «الجمعة البيضاء» التي تروِّج لها بعض المطاعم.
وعن أهمية هذه العروض الترويجية، يقول محمد يسري، مدير تسويق إلكتروني لعدد من المطاعم بالقاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «عروض الطعام تأتي بهدف تسويقي في المقام الأول، فهناك أهمية كبيرة لهذه الابتكارات التي تقدمها المطاعم للزبائن، فهي تخلق نوعاً من المنافسة لجذب الجمهور، سواء كان المطعم معروفاً أو غير معروف، كما أن المطاعم الجديدة يكون أول ما يفكر فيه أصحابها قبل أن تفتح أبوابها: ما الشيء المبتكر الذي سيقدمونه ويجذبون به الزبائن؟».
ويضيف: «القاعدة التسويقية تؤكد أن الجمهور دائماً يحب التجديد، لذا تنصب العروض دائماً على محاولة الابتكار، أو إضافة وصفة جديدة غير معروفة»، متابعاً: «في الغالب يكون الإعلان عنها عبر (السوشيال ميديا)، بجمل دعائية مبهرة، وصور جاذبة للزبائن».
ويشير يسري إلى أن هناك تفكيراً دائماً خارج الصندوق من جانب إدارات المطاعم لتقديم الجديد، فإذا كان يعرض «ساندويتش» أو طبقاً جديداً فهو يدخل مرحلة تجريب، وكيف يتناسب صنف مع صنف آخر، كما أن التكلفة تكون مدروسة، لافتاً إلى أن المطاعم تضع لعروضها ميزانية خاصة، حتى لو أدى ذلك للخسارة شهرين أو ثلاثة، فهو أمر يكون محسوباً مقابل جني أرباح على المدى الطويل.
ويتابع: «هناك مواسم بعينها تكثر فيها العروض، فهناك مطاعم تعتمد عليها طوال أيام العام أو على فترات، كما تكثر في مناسبات مثل شهر رمضان، والأعياد؛ حيث تلعب العروض على تجمع الجمهور و(لمة العائلات)».
من المستفيد بشكل أكبر من العروض: المطعم أم الجمهور؟ عن ذلك يجيب يسري: «يتقاسم الطرفان الاستفادة بنسبة متساوية، فالجمهور يمكنه الحصول على خدمات متنوعة مقابل سعر معقول، وعلى الجانب الآخر يحقق المطعم صاحب العروض شهرة أكبر، ويحقق مبيعات أكثر، أما إن كان المطعم جديداً فتكون فرصة للتعريف بنفسه، وتحقيق مكسب ولو كان قليلاً بالاعتماد على البيع الكثير».
أما عن السعر، فليس هناك ما يدعو للقلق؛ فأمامك عرض نهاية الأسبوع: «يوم الخميس خصم 50 في المائة من بعد الساعة 4 مساء»، كما «ستأكل مرتين والدفع مرة واحدة؛ أما إذا تابعت صفحة مطعمك على (فيسبوك) وقمت بالـ(مِنشن) لـ3 من أصحابك، فستفوز ببيتزا عملاقة».
تنصب هذه العرض الترويجية على هدف واحد، هو جذب الجمهور إليها، لذا تقدم مجموعة كبيرة من الاختيارات بما يناسب العائلات والأسر، أو المجموعات الكبيرة؛ لا سيما من فئة الشباب، معلنة أحياناً «تحدي» شهيتهم بالقدرة على التهام كميات الطعام المعروضة، أو من ناحية أخرى عبر «استفزاز» حواسهم، بعروض إعداد الوجبات أمام أعينهم.
وزادت المنافسة بين المطاعم خلال السنوات الماضية على وجه الخصوص، مع ازدياد انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث تخاطب المطاعم في الغالب جمهورها عبر صفحاتها، أو من خلال الصفحات المخصصة للطعام؛ معلنة من خلالها عن عروضها الترويجية أو ابتكاراتها الجديدة؛ حيث تلعب على التهام مزيد من أصناف الطعام بأسعار مخفضة، أو بالحصول على عرض مجاني كهدية.


مقالات ذات صلة

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

مذاقات غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

البطاطا الحلوة بلونها البرتقالي، تُمثِّل إضافةً حقيقيةً لأي وصفة، لا سيما في المناسبات المختلفة. إذ يمكنك الاستمتاع بهذا الطبق في جميع الأوقات

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

عندما نفكر في الوجبات السريعة، تكون تلك الشريحة اللذيذة من اللحم التي تضمّها قطعتان من الخبز، والممتزجة بالقليل من الخضراوات والصلصات، أول ما يتبادر إلى أذهاننا

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات فطور مصري (إنستغرام)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات 
شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)

ودّع العام بوصفات مبتكرة للشوكولاته البيضاء

تُعرف الشوكولاته البيضاء بقوامها الحريري الكريمي، ونكهتها الحلوة، وعلى الرغم من أن البعض يُطلِق عليها اسم الشوكولاته «المزيفة»

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات طاولة العيد مزينة بالشموع (إنستغرام)

5 أفكار لأطباق جديدة وسريعة لرأس السنة

تحتار ربّات المنزل ماذا يحضّرن من أطباق بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة؛ فهي مائدة يجب أن تتفوّق بأفكارها وكيفية تقديمها عن بقية أيام السنة.

فيفيان حداد (بيروت)

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
TT

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)

إذا كنت من محبي الأجبان فستكون سويسرا من عناوين الأكل المناسبة لك؛ لأنها تزخر بأنواع تُعد ولا تُحصى من الأجبان، بعضها يصلح للأكل بارداً ومباشرة، والأصناف الأخرى تُؤكل سائحة، ولذا يُطلق عليها اسم «فوندو» أو «ذائبة».

من أشهر الأجبان السويسرية: «الفاشرين» Vacherin، و«الغرويير»، و«الراكليت»، و«الإيمينتال»، ويبقى طبق «الفوندو» الأشهر على الإطلاق، لا سيما في فصل الشتاء؛ لأنه يلمّ شمل العائلة حوله، وترتكز فكرته على المشاركة، والنوع الأفضل منه يُطلق عليه اسم «مواتييه مواتييه»، ويعني «نصف - نصف»، وهذه التسمية جاءت من مزج نصف كمية من جبن «الفاشرين»، والنصف الآخر من جبن «الإيمينتال»، يُؤكل ذائباً بعد وضعه في إناء خاص على نار خافتة، يتناوله الذوّاقة عن طريق تغميس مكعبات لذيذة من الخبز الطازج وبطاطس مسلوقة صغيرة الحجم في الجبن إلى جانب البصل والخيار المخلل.

جلسة خارجية تناسب فصل الصيف (الشرق الاوسط)

عندما تزور مدينة جنيف لا بد أن تتوجه إلى القسم العتيق منها حيث تنتشر المقاهي والمطاعم المعروفة فيها، وبالقرب من الكاتدرائية لن يغفل عنك مطعم «ليه أرمور» Les Armures، المعروف كونه أقدم المطاعم السويسرية في جنيف، ويقدّم ألذ الأطباق التقليدية، على رأسها: «الراكليت»، و«الفوندو»، واللحم المجفف، و«الروستي» (عبارة عن شرائح بطاطس مع الجبن).

يستوقفك أولاً ديكور المطعم الذي يأخذك في رحلة تاريخية، بدءاً من الأثاث الخشبي الداكن، ومروراً بالجدران الحجرية النافرة، والأسقف المدعّمة بالخشب والمليئة بالرسومات، وانتهاء بصور الشخصيات الشهيرة التي زارت المطعم وأكلت فيه، مثل: الرئيس السابق بيل كلينتون، ويُقال إنه كان من بين المطاعم المفضلة لديه، وقام بتجربة الطعام فيه خلال إحدى زياراته لجنيف في التسعينات.

جانب من المطعم الاقدم في جنيف (الشرق الاوسط)

يعود تاريخ البناء إلى القرن السابع عشر، وفيه نوع خاص من الدفء؛ لأن أجواءه مريحة، ويقصده الذوّاقة من أهل المدينة، إلى جانب السياح والزوار من مدن سويسرية وفرنسية مجاورة وأرجاء المعمورة كافّة. يتبع المطعم فندقاً من فئة «بوتيك»، يحمل الاسم نفسه، ويحتل زاوية جميلة من القسم القديم من جنيف، تشاهد من شرفات الغرف ماضي المدينة وحاضرها في أجواء من الراحة. ويقدّم المطعم باحة خارجية لمحبي مراقبة حركة الناس من حولهم، وهذه الجلسة يزيد الطلب عليها في فصل الصيف، ولو أن الجلوس في الداخل قد يكون أجمل، نسبة لتاريخ المبنى وروعة الديكورات الموجودة وقطع الأثاث الأثرية. ويُعدّ المطعم أيضاً عنواناً للرومانسية ورجال الأعمال وجميع الباحثين عن الأجواء السويسرية التقليدية والهدوء.

ديكور تقليدي ومريح (الشرق الاوسط)

ميزة المطعم أنه يركّز على استخدام المواد محلية الصنع، لكي تكون طازجة ولذيذة، تساعد على جعل نكهة أي طبق، ومهما كان بسيطاً، مميزة وفريدة. الحجز في المطعم ضروري خصوصاً خلال عطلة نهاية الأسبوع. أسعاره ليست رخيصة، وقد تتناول «الفوندو» بسعر أقل في مطعم آخر في جنيف، ولكن يبقى لـ«Les Armures» سحره الخاص، كما أنه يتميّز بالخدمة السريعة والجيدة.

فوندو الجبن من أشهر الاطباق السويسرية (الشرق الاوسط)

ما قصة «الفوندو» السويسري؟

«الفوندو» السويسري هو طبق تقليدي من أطباق الجبن المميزة التي يعود أصلها إلى المناطق الجبلية والريفية في جبال الألب السويسرية، ويُعد اليوم رمزاً من رموز المطبخ السويسري. يعتمد هذا الطبق على فكرة بسيطة، ولكنها فريدة؛ إذ تتم إذابة الجبن (عادة مزيج من عدة أنواع مثل «غرويير» و«إيمينتال») في قدر خاص، يُدعى «كاكلون» Caquelon، ويُوضع فوق موقد صغير للحفاظ على حرارة الجبن. يُغمس الخبز في الجبن المذاب باستخدام شوكات طويلة، مما يمنح كل قطعة خبز طعماً دافئاً وغنياً.

مبنى "ليه أرمور" من الخارج (الشرق الاوسط)

كان «الفوندو» يُعد حلاً عملياً لمواجهة ظروف الشتاء القاسية، حيث كانت الأسر السويسرية تعتمد بشكل كبير على الأجبان والخبز غذاء أساساً، ومع قسوة الشتاء وندرة المؤن، كانت الأجبان القديمة التي أصبحت صلبة وإعادة استخدامها بتلك الطريقة تُذاب. وقد أضاف المزارعون لاحقاً قليلاً من النبيذ الأبيض وبعض التوابل لتحسين الطعم وتسهيل عملية إذابة الجبن.

مع مرور الوقت، ازداد انتشار «الفوندو» ليصبح طبقاً سويسرياً تقليدياً ورمزاً وطنياً، خصوصاً بعد أن روّج له الاتحاد السويسري لتجار الجبن في ثلاثينات القرن العشرين. جرى تقديم «الفوندو» في الفعاليات الدولية والمعارض الكبرى، مثل «المعرض الوطني السويسري» عام 1939؛ مما ساعد في التعريف به دولياً. أصبح «الفوندو» في منتصف القرن العشرين جزءاً من الثقافة السويسرية، وجذب اهتمام السياح الذين يبحثون عن تجربة الطهي السويسرية التقليدية.

من أقدم مطاعم جنيف (الشرق الاوسط)

هناك أنواع مختلفة من «الفوندو»، تعتمد على المكونات الأساسية:

• «فوندو الجبن»: الأكثر شيوعاً، ويُستخدم فيه عادة خليط من أنواع الجبن السويسري، مثل: «غرويير»، و«إيمينتال»، والقليل من جوزة الطيب.

• «فوندو الشوكولاته»: نوع حلو تتم فيه إذابة الشوكولاته مع الكريمة، ويُقدّم مع قطع من الفواكه أو قطع من البسكويت.

• «فوندو اللحم» (فوندو بورغينيون): يعتمد على غمر قطع اللحم في قدر من الزيت الساخن أو المرق، وتُغمس قطع اللحم بعد طهيها في صلصات متنوعة.

اليوم، يُعد «الفوندو» تجربة طعام اجتماعية مميزة؛ حيث يلتف الأصدقاء أو العائلة حول القدر الدافئ، ويتبادلون أطراف الحديث في أثناء غمس الخبز أو اللحم أو الفواكه؛ مما يعزّز من روح المشاركة والألفة.