دعوات دولية لتحديد موعد للانتخابات الليبية

ستيفاني ويليامز (رويترز)
ستيفاني ويليامز (رويترز)
TT

دعوات دولية لتحديد موعد للانتخابات الليبية

ستيفاني ويليامز (رويترز)
ستيفاني ويليامز (رويترز)

تسارع الأطراف الدولية المختلفة من خلال سفرائها في ليبيا للدفع بإجراء انتخابات عامة سريعاً، استباقاً لمحاولات مجلس النواب تشكيل حكومة جديدة، يرون أنها «ستعقد المشهد السياسي، وتفتح الباب لمزيد من التوتر».
ونقلت ستيفاني ويليامز، مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، مخاوف أطياف دولية عديدة من تشكيل حكومة موازية، مذكّرة بالفترة التي عاشتها البلاد تحت حكومتين متحاربتين في شرق البلاد وغربها منذ عام 2014، قبل التوصل إلى السلطة التنفيذية المؤقتة الراهنة.
وفي حوارها مع فضائية «الوسط» الليبية مساء أول من أمس، حثت ويليامز مجلس النواب على تحديد موعد محدد للانتخابات قبل مناقشة تشكيل حكومة جديدة؛ تجنبا لإطالة الفترة الانتقالية، وتمنت عدم عودة ليبيا إلى أجواء وجود حكومتين، مشددة على أن «حكومة جديدة دون معالجة ملف الانتخابات يشكل نوعاً من الاستقواء على إرادة الليبيين للانتخابات، والشعب لا يريد فترة انتقالية أخرى».
وقالت ويليامز إنها استمعت خلال زيارتها إلى مدينة سبها (جنوب) أول من أمس، لمخاوف عدد من الليبيين من عودة حكومتين للبلاد، لافتة إلى أن الطبقة السياسية «مستفيدة من استمرار الوضع الراهن»، ومؤكدة ضرورة المضي في مسار المصالحة الوطنية بالتزامن مع المسار الانتخابي، وقالت بهذا الخصوص إن مؤتمر برلين «كان يؤيد البدء في مسار المصالحة عقب الانتخابات، لكننا نرى الأفضل المضي في تحقيق المسارين معاً».
ولم تمنع الجهود، التي تبذلها ويليامز على مسارات محلية وإقليمية ودولية، من تصاعد مخاوف البعض من احتمال حدوث صدام بين حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والحكومة الجديدة التي يدعو البرلمان إلى تشكيلها، لكن على الرغم من ذلك تمضي المستشارة الأممية من خلال الأطراف الدولية للدفع باتجاه إجراء الانتخابات الليبية في أقرب الآجال.
وكان مجلس النواب قد شرع في إزاحة حكومة «الوحدة الوطنية»، وطرح مجموعة من الشروط لمن يريد الترشح لمنصب رئيس الحكومة الجديدة، في ظل رفض واسع لأنصار الحكومة الراهنة.
وتطرقت ويليامز إلى العدالة الانتقالية، وقالت إن الأمم المتحدة «جاهزة لمساعدة المؤسسات المعنية بتحقيق العدالة الانتقالية، ومن الضروري تعديل القانون»، وهو ما أيده رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح في لقاء معه الأسبوع الماضي. وبخصوص أعداد المقاتلين و«المرتزقة»، الذين سبق أن أحصتهم بـ20 ألفاً، و10 قواعد أجنبية في ليبيا، قالت ويليامز إن «الأرقام لم تتغير كثيرا، والأمم المتحدة جاهزة لاستخدام علاقاتها لتسهيل خروج تلك القوات من ليبيا وعودتها إلى بلادها».
ووجهت ويليامز رسالة إلى الدول، التي ترسل هذه القوات، بضرورة «احترام سيادة ليبيا وطلبات الليبيين بالانسحاب»، ولفتت إلى أن اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) «تعمل على هذا الملف بشكل مدروس، وهناك زيارات لبعض العواصم للتشاور مع المسؤولين عن ملف القوات الأجنبية والمرتزقة».
ورداً على سؤال للفضائية عما إذا كانت ويليامز تمتلك خططاً لحل الانسداد السياسي الراهن، اكتفت بالقول: «أكيد، لدي خطة ألفن وأيضا خطة بديلة»، مؤكدة أن «في جعبتها الكثير».
والتقت ويليامز ستة سفراء من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا وتركيا والمملكة المتحدة، لبحث الأزمة الليبية، وما يتعلق بملف الانتخابات العامة في البلاد.
وأعرب السفراء، الذين استضافهم المبعوث الخاص للولايات المتحدة وسفيرها إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، مساء أول من أمس، عن «دعمهم القوي» لجهود المستشارة الخاصة لتسهيل عقد الانتخابات قريباً، بما يحقق تطلعات 2.5 مليون ناخب ليبي.
واستبقت ويليامز هذا الاجتماع بلقاء القائم بالأعمال المصري في ليبيا، السفير تامر مصطفى، في مكتبه بالعاصمة طرابلس، الذي أكد على ضرورة «رسم مسار واضح للانتخابات، بما في ذلك تحديد موعد للتصويت ضمن الجدول الزمني لخريطة طريق (ملتقى الحوار السياسي)، التي تمتد حتى يونيو (حزيران) من العام الحالي».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.