وفد لـ«الوطني الحر» في دمشق تحضيراً لزيارة قريبة لباسيل

TT

وفد لـ«الوطني الحر» في دمشق تحضيراً لزيارة قريبة لباسيل

ترجم «التيار الوطني الحر» انفتاحه السريع على سوريا، بزيارة لافتة لوفد سياسي منه إلى دمشق، عنوانها «تطوير العلاقات بين البلدين، ومواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه الشعبين»، وتمهد هذه الخطوة لزيارة قريبة سيقوم بها رئيس «التيار» النائب جبران باسيل إلى دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد وعدد من قادة النظام السوري.
ويطغى على هذا الانفتاح عنوان «إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم»، لكن ثمة من لا يفصلها عن الاستحقاقين المفصليين اللذين ينتظرهما لبنان، وهما الانتخابات البرلمانية المحددة في 15 مايو (أيار) المقبل، والانتخابات الرئاسية المفترض إجراؤها قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 30 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في ظل معلومات تفيد بأن «حزب الله» نصح باسيل بأن يطلب من القيادة السورية إقناع رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية بالتحالف معه انتخابياً، ودعم ترشحه لرئاسة الجمهورية.
وأعلن «الوطني الحر» في بيان، أن وفداً منه برئاسة الوزير السابق طارق الخطيب، زار دمشق بدعوة من الأمين العام المساعد لـ«حزب البعث العربي الاشتراكي» هلال هلال الذي التقاه، في حضور عضو القيادة القطرية في الحزب الوزير السابق مهدي دخل الله في مبنى الحزب في دمشق. وأفاد البيان بأن «البحث تناول ضرورة تطوير العلاقات بين البلدين، وشدد المجتمعون على وحدة الموقف في وجه التحديات المشتركة التي تهدد الشعبين اقتصادياً وسياسياً»، مشيراً إلى أن الوفد التقى وزير الخارجية السورية فيصل المقداد، الذي أعرب عن «محبة سوريا قيادة وشعباً لشخص رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولمواقفه الوطنية الثابتة على الحق، كما لرئيس التيار النائب جبران باسيل، وأثنى على ثباته في المواقف الوطنية رغم الضغوط التي تعرض لها في الداخل كما من الخارج».
ولم تعد العلاقة مع القيادة السورية موضع تحفظ لدى الفريق العوني، خصوصاً بعد إعلان باسيل استعداده لزيارة دمشق، ومناقشة القضايا العالقة، بل يجد فيها سبيلاً لإخراج لبنان من أزماته، ويعترف عضو المجلس السياسي في «التيار» وليد الأشقر، بأن زيارة الوفد «جاءت تحضيراً لزيارة رئيس التيار النائب جبران باسيل، والمخصصة لبحث عودة النازحين السوريين إلى بلادهم». ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن التيار «يسعى لإيجاد حل جذري لملف النازحين الذي يشكل عبئاً كبيراً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان»، رافضاً في الوقت نفسه ربط الانفتاح العلني على دمشق باستحقاقي الانتخابات النيابية والرئاسية.
ومع حديث معارضي باسيل عن تراجع حظوظه بخلافة عمه الرئيس ميشال عون في رئاسة الجمهورية، بسبب خصومته مع كل الأحزاب السياسية الفاعلة في لبنان ما عدا «حزب الله»، فإن زيارته المرتقبة لدمشق عشية الاستحقاقين المفصليين تحمل دلالات بالغة الأهمية في هذا الإطار، إذا نجح بإقناع بشار الأسد بلعب دور بذلك، إلا أن القيادي في «التيار الحر» وليد الأشقر رفض إعطاء زيارات التيار إلى دمشق هذه الأبعاد، وقال: «لا أحد في التيار يفكر بالاستحقاق الرئاسي الذي لم يحن موعده بعد، كما أن هذا الأمر ليس مكانه عند القيادة السورية». وأضاف «كما أننا نرفض تدخل أي دولة بالشؤون الداخلية اللبنانية، ليس وراداً عندنا طرح هذا الملف مع القيادة السورية». وإذ اعترف بأن «العلاقة بين الوزير باسيل ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية مقطوعة تماماً» أوضح أن «التواصل بين قيادتي التيارين لم ينقطع إطلاقاً، علماً بأن هذا التواصل لا يشهد تطوراً إيجابياً بسبب تردي العلاقة بين رئيسي التيارين». وعما إذا كان التيار الوطني الحر مخولاً مناقشة عودة النازحين بدلاً من الدولة اللبنانية، يجيب الأشقر: «نحن نتحدث باسمنا كفريق سياسي يرى أن ملف النزوح يشكل عبئاً على الاقتصاد، لكننا نبحث الموضوع في خطوطه العريضة، أما التفاصيل والاتفاق فتتولاها الدولة اللبنانية».
وأثار التموضع العوني إلى جانب النظام السوري، استياء قوى وأحزاب لبنانية، إذ أبدى عضو كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائب وهبي قاطيشا أسفه، كيف أن التيار الذي «بنى شرعيته على مناهضة الهيمنة السورية، يزحف اليوم إلى دمشق لاسترضاء القيادة السورية». ويرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الفريق يذل نفسه ليشتري مركز رئاسة الجمهورية أو مقعداً نيابياً». ويسأل قاطيشا: «هل نسي التيار العوني أن كثيرين في لبنان استشهدوا على يد هذا النظام؟ متى يقتنع تجار الدم، وتجار السيادة والاستقلال أن أفعالهم ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى»، معتبراً أن باسيل «يستجدي الآن بشار الأسد لتعويمه رئاسياً بدلاً من سليمان فرنجية، وللضغط على «حزب الله» لكسب مقاعد نيابية إضافية».
وينظر كل طرف لبناني إلى زيارات التيار العوني إلى دمشق من زاوية مختلفة، ويعتبر القيادي في تيار «المردة» النائب السابق كريم الراسي، أن «انفتاح أي فريق سياسي على سوريا أمر مرحب به ويبعث على الارتياح، ويجب على كل الأطراف اللبنانية أن تبني علاقات جيدة مع سوريا لأن في ذلك مصلحة للبلدين والشعبين».
وعن المعلومات التي تتحدث عن محاولة باسيل إعادة العلاقة والتحالف بينه وبين «المردة» سواء في الانتخابات النيابية أو الرئاسية، لا يستبعد الراسي لـ«الشرق الأوسط» أن يحاول باسيل «إحياء العلاقة معنا لأنه يحتاج لغطاء مسيحي، لكن أي مصالحة بين الطرفين غير واردة أقله في هذه المرحلة». ويذكر أن رئيس التيار الحر «يتهم تيار المردة بالفساد، فكيف له أن يتحالف أو يتعاون مجدداً مع فاسدين؟». وختم قائلاً: «فليقلع شوكه بيديه».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».