تغييرات هيكلية في قيادات «إخوان مصر» وصفت بـ«الأكثر ثورية»

قيادات سابقة : عدوها انتصاراً للأكثر تشدداً في الجماعة

تغييرات هيكلية في قيادات «إخوان مصر» وصفت بـ«الأكثر ثورية»
TT

تغييرات هيكلية في قيادات «إخوان مصر» وصفت بـ«الأكثر ثورية»

تغييرات هيكلية في قيادات «إخوان مصر» وصفت بـ«الأكثر ثورية»

أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في مصر عن إجرائها تغييرات جذرية في هياكلها التنظيمية والإدارية على مختلف المستويات داخل الجماعة، شملت تصعيد نحو 70 في المائة من شبابها للمواقع القيادية. ووصف مسؤولون بالجماعة الجيل الجديد بـ«الأكثر ثورية»، لكن قيادات سابقة بالجماعة قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «تلك التغييرات تعد انتصارًا للجانب الأكثر تشددًا في الجماعة».
ويتعرض الإخوان في مصر لملاحقات أمنية، منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو (تموز) عام 2013. حيث تجري محاكمات للآلاف من قيادات وأنصار الجماعة، على رأسهم المرشد العام محمد بديع. كما قتل المئات منهم خلال مواجهات مع قوات الأمن.
وتتهم السلطات المصرية الجماعة، التي تأسست منذ أكثر من 80 عاما، بالمسؤولية عن أعمال العنف والتفجيرات التي تتم في مصر حاليا. وأعلنت ضمها لقائمة الجماعات الإرهابية.
وعقب مغادرة المئات من قيادات الصف الأول والثاني والثالث من الإخوان، مصر، وتوجههم إلى عدة دول عربية وأجنبية أبرزها قطر وتركيا. أعلنت الإخوان أخيرا عن تشكيل مكتب لها بالخارج يختص بإدارة الحراك خارج مصر وإدارة شؤون المصريين من الإخوان في الخارج، وتعهد هذا المكتب في بيان له بالعمل على «ملاحقة الانقلاب إقليميا ودوليا».
وقال رئيس مكتب جماعة الإخوان المسلمين المصريين في الخارج، الدكتور أحمد عبد الرحمن، إن «قيادة الإخوان منذ اليوم الأول للانقلاب (عزل مرسي) أدركت ضرورة تغيير وإعادة ترتيب الملفات، وبالفعل أجرت في ظل الظروف والعنف الذي يمارسه النظام، انتخابات في كل محافظات مصر، وحدث تغيير كبير في القيادات وصلت نسبته ما بين 65 في المائة و70 في المائة». واعدا برؤية انعكاسات ذلك على الأرض قريبا.
وسبق أن وجه الشباب في الجماعة انتقادات لقيادتهم في الجماعة بسبب ما اعتبروه سياسات خاطئة تسببت في ضياع السلطة، كما ناشد بعضهم بالتخلي عن السلمية في مواجهتهم مع النظام الحالي، ردا على ما يتعرضون له.
وأوضح عبد الرحمن، في تصريحات له نقلها موقع حزب الحرية والعدالة (التابع لجماعة الإخوان) أمس، أنه تم إشراك الشباب بنسبة كبيرة جدا ليتولوا مسؤوليات كبيرة داخل الجماعة.
وأوضح عبد الرحمن أن مكتب الإرشاد رأى، بعدما خرج عدد كبير من الإخوان خارج مصر، ضرورة تشكيل مكتب لإدارة الإخوان خارج البلاد، وليشارك مكتب الإرشاد في إدارة الصراع.
وكشف أن المكتب يضم 11 عضوا من بينهم الوزير السابق عمرو دراج الذي يتولى مسؤولية الملف السياسي، والوزير السابق أيضا يحيى حامد الذي يتولى مسؤولية العلاقات الخارجية.
وقال رئيس مكتب الإخوان المسلمين بالخارج، إن المكتب عكف على تكوين رؤية متكاملة للمرحلة وللصراع الذي يدار الآن. ووصف المرحلة الحالية بأنها «مرحلة صراع طاحن وطويل لا ينتهي حتى بكسر الانقلاب».
وتابع: «لدينا مؤسسات فكرية واستراتيجية ومراكز فكرية تعمل. والمنتج: أعمال تتم الآن على الأرض سيرى الشعب المصري نتائجها قريبا».
وبشأن احتمالات إجراء مفاوضات أو صلح مع النظام الحالي، أكد: «نحن في ثورة ونقدم ثمنا باهظا كل يوم، ولن نستطيع الدخول في مفاوضات إلا بالرجوع للثوار على الأرض.. نريد إعادة الشرعية وتغييرا جذريا في مصر، نريد ثورة شاملة تقتلع الفساد المترسخ لعقود طويلة.. ولن يكون هناك حل سياسي قبل أن تتحقق مطالب الثوار على الأرض».
وتتوافق تلك التصريحات مع حديث للقيادي البارز بالجماعة الدكتور عمرو دراج الذي أكد أن «الأعضاء الشباب بدأوا يتولون أدوارا قيادية في الجماعة»، مشيرا في تصريحات لـ«رويترز»، أول من أمس، إلى أن «الاتجاه العام لجماعة الإخوان أكثر ثورية، لأن الجيل الذي يتولى قيادتها شاب وأكثر ثورية، ويرى ما ستكون عليه مصر إذا لم يفعل ما يتعين عليه فعله». وأضاف: «يمكنكم الآن أن تجدوا أعمارا تتراوح بين 29 و30 عاما تدير محافظة».
وأضاف أن «الإخوان المسلمين يضربون بجذورهم في المجتمع المصري.. نحن موجودون منذ أكثر من 80 عاما.. إنها مؤسسة وليست قائمة على رجل واحد». وتابع: «نحن واثقون من أننا سنعود».
في المقابل، قال الدكتور كمال الهلباوي، القيادي الإخواني المنشق، والمتحدث الرسمي السابق للجماعة في أوروبا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تلك التغييرات التنظيمية والمراجعات الفكرية التي أشاروا إليها، تنتقل بهم من خطأ إلى خطأ أفدح»، منوها بأنه «على الرغم من اعترافهم بارتكاب أخطاء، لكنهم عالجوها بأخطاء جديدة».
وأشار الهلباوي إلى أن «ادعاء الجماعة انتقالهم من منهجية الإصلاح إلى منهجية الثورة، في شرح تلك التغييرات، يعني انتصار الجانب المتشدد والمنغلق الذي يخالف دعوة الإمام حسن البنا»، مضيفا: «القطبيون (أتباع المفكر المتشدد سيد قطب) يقودون الجماعة لأول مرة مجتمعين».
من جهته، أكد مختار نوح، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، أن «الإخوان ليس لديهم جديد يقدمونه غير العنف، بعد أن انتهى دورهم عمليا في مصر».
وأشار نوح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لا يوجد أحد من هؤلاء الشباب المشار إليهم أصحاب قرار، فأصحاب القرار هم مجموعة المتشددين المتحكمين في الجماعة داخل ما يسمى مكتب الإرشاد».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم