الهلال الأحمر: أعمال العنف تسببت في نزوح أكثر من نصف مليون ليبي

المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أكدت فرار نحو مائة ألف شخص إلى الخارج

الهلال الأحمر: أعمال العنف تسببت في نزوح أكثر من نصف مليون ليبي
TT

الهلال الأحمر: أعمال العنف تسببت في نزوح أكثر من نصف مليون ليبي

الهلال الأحمر: أعمال العنف تسببت في نزوح أكثر من نصف مليون ليبي

أعلنت جمعية الهلال الأحمر الليبي أن أكثر من نصف مليون شخص نزحوا من مناطقهم منذ نحو عام بسبب أعمال العنف داخل البلاد الغارقة في الفوضى.
وأكدت الجمعية في تقرير تلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه أن «تصاعد العنف المسلح في ليبيا أدى إلى نزوح أكثر من نصف مليون شخص بين 14 مايو (أيار) 2014 ومطلع أبريل (نيسان) الحالي». كما أوضح التقرير أن طرابلس استقبلت العدد الأكبر من النازحين، مع أكثر من 126 ألف شخص، فيما سجلت بنغازي، ثاني مدن ليبيا، بنحو 110 آلاف.
وتعد هذه الإحصائية هي الأولى شبه الرسمية على الصعيد المحلي، لكنها لم توثق حالات نازحين لجأوا إلى أقاربهم في المناطق الآمنة نسبيا، وفضلوا عدم البقاء في المدارس والمخيمات، بحسب محمد علي، الناشط في مجال المجتمع المدني وشؤون النازحين.
وبحسب الهلال الأحمر، فإن بنغازي التي شهدت انطلاق ثورة 17 فبراير (شباط) 2011 ضد حكم العقيد الراحل معمر القذافي بمساعدة المجتمع الدولي، تتصدر أعداد النازحين منها وإليها، تليها ككلة والمشاشية في الجبل الغربي، وورشفانة جنوب طرابلس. وأشارت الجمعية إلى تفاقم انتشار النزاع المسلح في أكثر من مدينة، مؤكدة أن المناطق الأساسية لأعمال العنف المسلح هي «بنغازي والمنطقة الغربية ومدينة أوباري ودرنة والمنطقة الوسطى». ولفتت إلى أن مدينة درنة، معقل الجماعات المتطرفة بشرق البلاد، شهدت «نزوحا ثانويا»، بينما في الجنوب، حيث النزاع المسلح في منطقة أوباري، يعتبر «صراعا قبليا داخل المدينة».
وقسم التقرير الصراع في المنطقة الغربية إلى قسمين: الأول في محيط ككلة والقلعة بالجبل الغربي، والثاني في منطقة ورشفانة. لكن التقرير لم يتطرق إلى اللاجئين خارج البلاد، في حين أكدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أنها أحصت في وقت سابق من العام نحو 100 ألف شخص فروا إلى الخارج.
وتسيطر على طرابلس منذ أغسطس (آب) الماضي ميليشيات «فجر ليبيا»، ومعظمها من مدينة مصراتة (200 كلم شرق)، وقد أعادت إحياء المؤتمر الوطني العام (البرلمان المنتهية ولايته) الذي شكل حكومة موازية، لكنهما لا يحظيان بأي اعتراف.
ولجأ البرلمان المعترف به والحكومة المنبثقة عنه إلى شرق البلاد قبل أن تحكم المحكمة الدستورية ببطلان تعديل دستوري انتخب بموجبه البرلمان، مما دفع بالأمم المتحدة إلى رعاية حوار لإنهاء الصراع، وتشكيل حكومة «وفاق وطني» تضم مختلف الفصائل المتناحرة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.