كازاخستان... نقطة تقاطع المصالح وساحة مواجهة بين اللاعبين الخارجيين

TT

كازاخستان... نقطة تقاطع المصالح وساحة مواجهة بين اللاعبين الخارجيين

تعد كازاخستان أكبر دول آسيا الوسطى رقعة بمساحة 2.7 مليون كيلومتر مربع، مع العلم أن عدد سكانها قليل نسبياً مقارنة مع المساحة (نحو 18 مليوناً عام 2018). وهي دولة غنية بالموارد الطبيعية، وخاصة الغاز الطبيعي واليورانيوم، وغيرهما من الثروات. واقتصادها يعتمد بشكل أساسي على استخراج الثروات الباطنية وتصديرها وخاصة الغاز والنفط (أكثر من 56 في المائة من الناتج المحلي).
ورغم أنّ الأرقام الحكومية والدولية تقول بأنّ هناك نمواً مستمراً في كازاخستان خلال السنوات العشرين الماضية، فإن البلاد تعاني، وفقاً لتقييمات مؤسسات بحثية، من مستويات عالية من الفساد، ويتسم النهج الاقتصادي بأنه ضعيف الإنتاجية. وفي الوقت نفسه، عملت السلطات طوال ثلاثة عقود على التضييق على الحريات السياسية.
على صعيد آخر، لكازاخستان حدودٌ طويلة مع كل من الصين وروسيا، وهذا الأمر يشكل أهمية خاصة لموسكو؛ بحكم أن الحدود بين البلدين تصل إلى نحو 7500 كيلومتر، وهي أطول حدود بين بلدين في العالم. فضلاً عن ذلك فإن نحو عشرين في المائة من سكان كازاخستان هم من الروس الذين هاجروا إلى هذا البلد إبان الحقبة السوفياتية للعمل والإقامة. ولكن، خلال السنوات الثلاثين الماضية تراجع الحضور الروسي في التركيبة السكانية إلى الـ20 في المائة من 40 في المائة عند انهيار الاتحاد السوفياتي. ومن جهة أخرى، تعد كازاخستان ممرا أساسياً وجزءاً بالغ الأهمية في مشروعَي «الحزام والطريق» الصيني وبرنامج «التكامل الأوراسي» الذي تقوده روسيا؛ ما يمنحها وزناً متميزاً بكل ما يخص أي تطور في منطقة آسيا الوسطى كلها.
وبالإضافة إلى ذلك، تمرّ أقصر طريق برّية من الصين إلى أوروبا عبر كازاخستان، التي تكتسب أهمية استراتيجية في حالة الحصار البحري على الصين من قبل الولايات المتحدة. ومن هنا، سرعان ما ظهرت نظريات في الصحافة الروسية تقول إنه بإمكان واشنطن عبر تشجيع انفلات أمني في كازاخستان أن تضرب عصفورين بحجر واحد: إغلاق هذه الطريق، إضافة إلى دق إسفين بين موسكو وبكين، حيث سيؤدي إدخال قوات روسية إلى كازاخستان إلى تغيير ميزان القوى بين روسيا والصين في آسيا الوسطى، ويثير غيرة بكين.
في أي حال، نجح نور سلطان نظرباييف منذ توليه الحكم في 1991 في إقامة توازن دقيق هدف لإرضاء جميع القوى المؤثرة في المنطقة. إذ حافظ على علاقات ممتازة مع موسكو، كما بنى صلات جيدة مع الصين في مجالات التجارة والنفط والغاز، حيث يجري تطوير خط أنابيب بين البلدين. أما الولايات المتحدة فقد فازت بحصة مهمة في الاقتصاد؛ إذ وظفت شركة «شيفرون» العملاقة 37 مليار دولار لاستثمار «حقل تنغيز» النفطي الضخم الذي يتوقع الخبراء أن يظل نشطاً لعشرات السنين المقبلة. والجدير بالذكر، أن خطوط نقل نفط الحقل المذكور ستمرّ في روسيا وتصب في البحر الأسود ما يبقي موسكو راضية عن المشروع.
تركيا أيضاً تعد لاعباً أساسياً في كازاخستان؛ إذ نجحت في إشراك مئات الشركات الكبرى في عجلة الاقتصاد الكازاخي، فضلاً عن توظيف سياسة الدبلوماسية الناعمة من خلال استخدام الصلات التاريخية والثقافية (الشعب الكازاخي من الشعوب التركية) لفتح المدارس ودعم التعليم وعشرات من المشاريع الاجتماعية التي توّجت بتحويل كازاخستان إلى قاطرة أساسية لمشروع «الأمة التركية» الذي أطلقته أنقرة لضم البلدان الناطقة بلغتها أو التي ترتبط معها بعلاقات تاريخية. وما يستحق الإشارة هنا، أن الرئيس السابق نظرباييف كان أحد أبرز المبادرين لتأسيس «المجلس التركي» الذي تحول لاحقاً إلى «الاتحاد التركي»، وهو يضم جمهوريات في آسيا الوسطى وجنوب القوقاز. ولقد نظرت موسكو لتحركاته في هذا المجال بنوع من التحفظ؛ بسبب أنها خشيت من أن يكون هذا المسار بديلاً عن فكرة «التكامل الأوراسي» الذي تقوده روسيا.
واستطراداً، كان من الطبيعي أن تثير مسارعة موسكو إلى إرسال «قوات الرد السريع» التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى كازاخستان مخاوف غربية اقترنت بحال ترقب أعلن عنها مسؤولون في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو). وعزز هذا التحرك احتمالات إطلاق موسكو آلية نشطة لتعزيز حضورها العسكري الواسع في كازاخستان في استغلال مباشر للأزمة التي تفاقمت في هذا البلد. واللافت أن هذه تعد أول عملية عسكرية للقوات الجماعية للدول الست التي تنضوي في إطار منظمة الأمن الجماعي، (روسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وتاجيكستان وأرمينيا وبيلاروسيا)، وهي المنظمة التي أسست قبل 20 سنة، لكن نشاطها لم يتجاوز منذ ذلك الحين القيام بأعمال تدريبات وإطلاق نشاطات دعائية.



وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

 زارا فاغنكنيشت (رويترز)
زارا فاغنكنيشت (رويترز)
TT

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

 زارا فاغنكنيشت (رويترز)
زارا فاغنكنيشت (رويترز)

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في المائة مقابل 33 في المائة للديمقراطيين المسيحيين، و15 في المائة للاشتراكيين، و11 في المائة لحزب «الخضر».

لكن اللافت أن الحزب الديمقراطي الحر الليبرالي لا يحظى حتى الآن بنسبة كافية لدخوله البرلمان الفيدرالي، فتأييده يقف عند 4 في المائة فقط، علماً بأن القانون يشترط الـ5 في المائة حداً أدنى لدخول البرلمان. كذلك سقط حزب «دي لينكا» اليساري المتشدد دون عتبة الـ5 في المائة، إذ يسجل حالياً نسبة تأييد لا تزيد على 3 في المائة بعد انقسامه، وتأسيس زارا فاغنكنيشت حزبها الشعبوي الخاص، الذي لا يبدو أيضاً -حسب الاستطلاعات- أنه سيحصل على نسبة أعلى من 4 في المائة. بالتالي، إذا صدقت هذه الاستطلاعات، فإن أربعة أحزاب فقط ستدخل البرلمان المقبل من أصل سبعة ممثَّلة فيه اليوم. وسيقلص هذا الاحتمال الخليط المحتمل للمشاركة في الحكومة الائتلافية القادمة، بسبب رفض كل الأحزاب التحالف مع حزب «البديل لألمانيا» رغم النسبة المرتفعة من الأصوات التي يحظى بها. وعليه، قد يُضطر الديمقراطيون المسيحيون إلى الدخول في ائتلاف مع الاشتراكيين و«الخضر» مع أنهم يفضلون أصلاً التحالف مع الليبراليين الأقرب إليهم آيديولوجياً.