أطفال ونساء في إب يجمعون النفايات لسد الرمق

تجّار خردوات يعلنون الإفلاس بسبب الجبايات الحوثية

لقطة إرشيفية لسيدة يمنية تبحث في أكوام النفايات في إب (أ.ف.ب)
لقطة إرشيفية لسيدة يمنية تبحث في أكوام النفايات في إب (أ.ف.ب)
TT

أطفال ونساء في إب يجمعون النفايات لسد الرمق

لقطة إرشيفية لسيدة يمنية تبحث في أكوام النفايات في إب (أ.ف.ب)
لقطة إرشيفية لسيدة يمنية تبحث في أكوام النفايات في إب (أ.ف.ب)

«عقب رحيلي قبل عامين مع أسرتي المكونة من 9 أشخاص بينهم 6 نساء من الحديدة إلى محافظة إب (وسط اليمن) اضطررت بعد عجز والدي جراء إصابته بقذيفة حوثية مفاجئة أصابت منزلنا، إلى البحث عن عمل لإعالة أسرتي». بهذه العبارة استهل «أحمد. د» فتى يبلغ من العمر 18 عاماً، الحديث عن معاناته وصراعه المرير مع رحلة البحث اليومية عن الخردوات والعلب الفارغة لجني القليل من المال لإعالة أسرته.
يقطن أحمد (وهو اسم رمزي للفتى خشية استهدافه من الميليشيات) مع أسرته بمنزل في مديرية الظهار (وسط إب)، ولم يجد أمامه وأخويه أحدهما 16 عاماً، والآخر 14 عاماً أي خيار آخر لإعالة أسرتهم بعدما تقطعت بهم السبل سوى العمل بمهنة جمع الخردة من بعض الطرقات والشوارع وأكوام تجمع النفايات، وهي مهنة شاقة يرى كثيرون أنها تفوق قدراتهم وأعمارهم الصغيرة.
«تبدأ رحلتنا المتعبة صباح كل يوم في تجميع مخلفات البلاستيك والمعدن والنحاس وغيرها من الطرقات وبعض الأحياء والحارات ومن أبواب الأسواق والمدارس والمشافي والمؤسسات الحكومية والخاصة بمدينة إب وضواحيها وتنتهي في مكبات النفايات المركزية خارج المدينة». ويشكو الفتى اليمني من صعوبة الحصول على المعلبات وقطع البلاستيك المستهلكة حالياً بسبب ما قال إنه تدهور أوضاع الناس وتراجع قدرتهم الشرائية نتيجة الأزمات المتلاحقة التي يكابدون تبعاتها منذ السنوات التي أعقبت الانقلاب الحوثي.
كان أحمد، قبل نحو عام ونصف العام مع إخوته يجمعون نهاية كل يوم ما يزيد على 10 كيلوغرامات من المعلبات الفارغة ومن 8 إلى 15 كيلوغراماً من البلاستيك، حيث يبيعونها دفعة واحدة للمحال التي تعمل بهذه المهنة بمبلغ 8 آلاف ريال (ما يعادل 14 دولاراً) وهو مبلغ لا يكاد يغطي وفق قوله جزءاً من متطلبات أسرتهم المعيشية من مواد غذائية وملابس وإيجار منزل وماء للشرب ومستلزمات أخرى وأدوية لمداواة والده.
ومثل أحمد وأخويه آلاف الأطفال والرجال والنساء من مختلف الأعمار ممن اضطروا للعمل في إب وغيرها من المدن تحت سيطرة الحوثيين بهذا العمل الشاق الذي يتطلب جهداً وطاقة كبيرة تمكنهم من مواصلة رحلة البحث على مدار الساعة عن المخلفات وقطع الخردة.
ورغم عدم وجود إحصائية لدى سلطات الانقلاب الحوثية عن عدد المزاولين لهذه المهنة في إب ذات الكثافة السكانية العالية، فإن تقديرات غير رسمية في المحافظة قدرت أن أعدادهم تصل إلى الآلاف معظمهم من الأطفال والنساء والرجال والموظفين الحكوميين الذين أجبرتهم قساوة الظروف وانقطاع الرواتب وغياب الخدمات وغلاء الأسعار على العمل بتلك المهنة التي لا تدر لهم سوى الفتات.
بعض العاملين بتلك المهنة في إب أغلبهم أطفال ونساء، وبعضهم من سكان المدينة والبعض الآخر نازحون مع أسرهم من تعز والحديدة. وتتراوح أعمارهم بين 12 و35 عاماً.
لم تكن بقية المدن الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين بمنأى عن توسع تلك الظاهرة، إذ يرجح ناشطون وخبراء في صنعاء أن الآلاف من سكان العاصمة المختطفة وريفها ومحافظات ذمار وريمة والحديدة وحجة وعمران والمحويت وصعدة وغيرها باتوا اليوم بفعل فساد الميليشيات والأزمات المتلاحقة يمتهنون تلك الحرفة بسبب ما آلت إليه ظروفهم وأوضاعهم المعيشية.
ويقول مالك متجر لتجميع المعلبات الفارغة وقطع البلاستيك من إب، إن هذه المهنة لم تعد بالنسبة لهم كمزاولين لها ومعهم العاملون بتجميعها مربحة كما كانت عليه في السنوات السابقة.
وذكر أنها تحولت عقب انقلاب الحوثيين إلى مجرد فرصة عمل عادية تدر عليهم القليل من المال، واضطروا لمزاولتها بدلاً من الجلوس في المنزل، مؤكداً أنه يشتري الكيلوغرام الواحد من قطع البلاستيك ممن يقومون بجمعها بمبلغ 200 ريال، بينما يشتري المعلبات وقطع النحاس والحديد وغيرها بسعر يتراوح بين 500 و800 ريال للكيلوغرام الواحد، كما يشتري الكيلوغرام من المعدن الصافي بـ1500 ريال، ويشتري البطاريات التالفة قدرة 100 واط بـ12 ألف ريال، (الدولار يساوي 600 ريال).
وبحسب تاجر الخردوات، يبلغ حجم ما يستقبله محله يومياً من 110 كغم إلى 150 كغم من المعلبات وقطع البلاستيك والمعادن المستهلكة، وهي كمية قليلة جداً مقارنة بما كان يستقبله خلال السنوات القليلة الماضية.
وقال: إنه وعقب تجميع أطنان عدة من تلك المخلفات يقوم بنقلها على متن شاحنات إلى ميناء الحديدة أو ميناء عدن لبيعها بأسعار زهيدة لشركات محلية وخارجية متخصصة بهذا المجال، فتقوم هي فيما بعد بشحنها عبر البحر إلى دول مختلفة من أجل إعادة تدويرها وصناعتها مجدداً.
وتطرق التاجر، في حديثه مع «الشرق الأوسط»، إلى التعسف الذي يتعرض له العاملون بهذه المهنة وحملات البطش والابتزاز وفرض الإتاوات الحوثية، مشيراً إلى تلقيه معلومات تفيد بأن ما يزيد على 65 محلاً متخصصاً بتجارة وتجميع الخردوات والنفايات في مركز إب المحافظة وأغلب مديرياتها أغلقت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وأعلن ملاكها الإفلاس بسبب الجبايات الحوثية.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.