معقل النظام غرب سوريا مهدد بعد إطلاق المعارضة معركة «جسر الشغور»

النظام يدفع بتعزيزات إلى ريف اللاذقية.. والمعارك تتسع إلى سهل الغاب

مقاتل من جيش الفتح شمال سوريا يطلق قذيفة باتجاه قوات النظام أمس في مواجهات في جسر الشغور بإدلب (غيتي)
مقاتل من جيش الفتح شمال سوريا يطلق قذيفة باتجاه قوات النظام أمس في مواجهات في جسر الشغور بإدلب (غيتي)
TT

معقل النظام غرب سوريا مهدد بعد إطلاق المعارضة معركة «جسر الشغور»

مقاتل من جيش الفتح شمال سوريا يطلق قذيفة باتجاه قوات النظام أمس في مواجهات في جسر الشغور بإدلب (غيتي)
مقاتل من جيش الفتح شمال سوريا يطلق قذيفة باتجاه قوات النظام أمس في مواجهات في جسر الشغور بإدلب (غيتي)

قال مصدر بارز في المعارضة السورية في شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط»، إن قواتها «اقتربت من الوصول إلى مدينة جسر الشغور» بريف إدلب الغربي، بعد سلسلة هجمات أطلقتها أول من أمس، تمكنت خلالها من السيطرة على بعض المواقع العسكرية بريف المدينة، بهدف السيطرة عليها، ما يهدد معقل نظام الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة اللاذقية غرب البلاد.
وقال المصدر إن التقدم الذي أحرزته المعارضة أمس «يسهل عملية الوصول إلى مدينة جسر الشغور» الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية في محافظة إدلب ونقل إليها النظام مقراته الإدارية، قبيل سيطرة قوات المعارضة على مركز المحافظة أواخر الشهر الماضي. وأشار إلى أن القتال «بات على مداخل المدينة، وقد يُحسم الدخول إلى جسر الشغور خلال وقت قصير، نظرا لأن القوات النظامية لم تستجب لمطالب جنودها في المدينة بدفع تعزيزات باتجاههم والقتال معهم»، لافتا إلى أن المقاتلين النظاميين في المدينة «لا يستطيعون صد الهجمات المكثفة التي بدأت قبل يومين ويشارك فيها مقاتلون من مختلف الفصائل المقاتلة في الشمال».
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، أن الاشتباكات العنيفة تواصلت أمس بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، ومقاتلي الكتائب الإسلامية وجبهة النصرة من جهة أخرى، في محيط معسكر القرميد ومحيط مدينة جسر الشغور، ما أدى لسيطرة الأخيرة على خمسة حواجز في محيط المعسكر والمدخل الشمالي للمدينة، فضلا عن إعطاب دبابة لقوات النظام على طريق جسر الشغور- محمبل.
وأشار إلى أن المعارك امتدت إلى محيط معسكر المسطومة ومحيط مدينة جسر الشغور، في حين نفذ الطيران الحربي غارة على مناطق في قرية عين السودة بريف جسر الشغور، وسط معلومات عن توجه رتل لقوات النظام باتجاه منطقة أريحا.
وتعد مدينة جسر الشغور المحاذية لريف اللاذقية غرب مدينة إدلب، آخر المدن الخاضعة لسيطرة القوات النظامية في المحافظة، فيما يعتبر معسكر «المسطومة»، أكبر القواعد العسكرية الخاضعة أيضا لسيطرة النظام. وتشن قوات المعارضة منذ 25 مارس (آذار) الماضي، هجمات مكثفة للسيطرة على كامل محافظة إدلب الاستراتيجية الحدودية مع تركيا، وتمكنت من السيطرة على المدينة أواخر الشهر الماضي.
ويهدد هذا التقدم النظام السوري في محافظة اللاذقية المتاخمة غربا لجسر الشغور، التي تعد معقلا لنظام الأسد ومؤيديه، وتمكنت المعارضة العام الماضي من السيطرة على قرى حدودية بالمحافظة مع تركيا، قبل أن يستعيد النظام سيطرته عليها. وكانت القوات الحكومية أطلقت معركة الشهر الماضي لاستعادة السيطرة على بلدات خاضعة لسيطرة المعارضة بريف اللاذقية، خصوصا في جبلي الأكراد والتركمان المحاذيان لمحافظة إدلب، وتقدمت في خمس قرى.
وتتمثل استراتيجية المعارضة بتهديد معاقل النظام في ريف اللاذقية، عبر فتح جبهات في مناطق يسيطر عليها في ريف إدلب الجنوبي والغربي وريف حماه الشمالي وسهل الغاب، المحاذي لجبال منطقة اللاذقية. وأطلق المعارضون على المعركة اسم «معركة النصر» التي تهدف إلى تحرير جسر الشغور ومعسكر القرميد وسهل الغاب من القوات النظامية بشكل كامل.
وقال معارضون إن القوات النظامية دفعت بتعزيزات إلى ريف اللاذقية وتمركزت عند خطوط التماس مع فصائل المعارضة العاملة في المنطقة. وأفاد «مكتب أخبار سوريا» بأن حشودا عسكرية «ضخمة» تابعة للقوات النظامية ومؤلفة من الجنود والمعدات والأسلحة الثقيلة، بالإضافة إلى سيارات محملة برشاشات ومدافع، تمركزت في كل من برج 45 بجبل التركمان، ومدينة كسب في ريف اللاذقية الشمالي، وفي قمة النبي يونس وقريتي دورين وكفرية بريفها الشرقي.
وأفاد ناشطون بتنفيذ الطيران الحربي 8 غارات على مناطق في محيط معسكري المسطومة والقرميد ومناطق أخرى في جبل الأربعين بريف إدلب، في حين تعرضت مناطق في بلدة سرمين لقصف من قبل قوات النظام، بينما فتحت قوات النظام نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في بلدة كورين. وفي المقابل، فيما استهدفت الكتائب الإسلامية بصاروخ، آلية ذخيرة لقوات النظام في حاجز الكمب بريف اللاذقية الشمالي، ما أدى لمقتل 5 عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
واستخدمت قوات المعارضة سلاح القصف بالصواريخ أيضا لمناطق سيطرة النظام في محافظة إدلب، إذ أفاد ناشطون باستهداف الكتائب الإسلامية، مناطق في بلدتي الفوعة وكفريا اللتين يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية، بعدد من الصواريخ. كما أفاد «المركز الصحافي السوري» بأن كتائب مقاتلة «قصفت بالمدفعية حواجز النظام في معمل السكر وبشلامون والبراد والكازية والمربع الأمني في جسر الشغور بريف إدلب الغربي».
وامتدت المعارك جنوبا باتجاه سهل الغاب أيضا المحاذي لريف اللاذقية، إذ أفاد ناشطون بأن مقاتلين من «جيش الفتح»، تمكنوا من تدمير دبابة للقوات النظامية على حاجز بيت شحود في قرية القاهرة بسهل الغاب في ريف حماه، وذلك بعد استهدافها بصاروخ «تاو» مضاد للدروع، مما أسفر عن احتراقها بشكل كامل.
وأفاد ناشطون أيضا بأن فصائل المعارضة سيطرت على قرية السرمانية بريف حماه الشمالي، ما مكنها من قطع طريق الإمداد الذي تستخدمه القوات النظامية إلى مدينة جسر الشغور بريف إدلب، فيما تواصلت المعارك في قرية فورو بسهل الغاب.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.