بيدرسن: لا خلافات استراتيجية بين أميركا وروسيا في سوريا... ودعم دولي لـ«خطوة ـ خطوة»

المبعوث الأممي قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن مرحلة العمليات العسكرية انتهت

المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن خلال لقائه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في بيروت 13 الشهر الماضي (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن خلال لقائه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في بيروت 13 الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

بيدرسن: لا خلافات استراتيجية بين أميركا وروسيا في سوريا... ودعم دولي لـ«خطوة ـ خطوة»

المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن خلال لقائه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في بيروت 13 الشهر الماضي (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن خلال لقائه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في بيروت 13 الشهر الماضي (إ.ب.أ)

قال المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إن «لا خلافات استراتيجية» بين أميركا وروسيا في سوريا، وإنه حصل على «دعم صلب» من مجلس الأمن الدولي للمضي قدماً في مقاربته الجديدة «خطوة مقابل خطوة» بين الأطراف المعنية، لـ«تحديد خطوات تدريجية، ومتبادلة، وواقعية، ومحددة بدقة، وقابلة للتحقق منها، تُطبق بالتوازي» بين الأطراف المعنية بالأزمة السورية وصولاً إلى تطبيق القرار الدولي 2254.
وأضاف بيدرسن، أن ممثلي روسيا وأميركا أبلغوه أنهم «مستعدون للانخراط» في هذه المقاربة، لافتاً إلى وجود «جمود استراتيجي استمر لنحو سنتين، حيث لم تتغير الخطوط» في سوريا. وزاد «الأطراف الأساسية، أبلغوني أن مرحلة العمليات العسكرية انتهت، وأن لا طرف سيحتكر الخاتمة. وهناك شعور بضرورة اختبار شيء جديد». ووافق على القول، إن أميركا تخلت عن سياسة «تغيير النظام» وتسعى إلى «تغيير سلوك النظام».
وسئل عن إعلان وزير الخارجية السوري فيصل المقداد رفضه الاقتراح الجديد، فأجاب بيدرسن، بأنه سيكون «سعيداً كي أشرح بتفاصيل أكثر لدمشق، الخلفية الحقيقية لـخطوة مقابل خطوة، على أمل أن ننخرط أيضا بطريقة مناسبة، أيضاً مع هيئة التفاوض» المعارضة.
وقال المبعوث الأممي، إن «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي تسيطر على ثلث سوريا ومعظم ثرواتها بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركا، ليست جزءاً من مسار جنيف؛ لأن هذه العملية تقوم بموجب القرار 2254 الذي «شمل مجموعات معارضة محددة، لكنها (مسد - قسد) لم تعدّ جزءاً من ذلك. ولا يزال هذا هو الواقع».
وأشار بيدرسن إلى أنه يجري مناقشات مع دمشق و«هيئة التفاوض» لترتيب عقد جولة جديدة لاجتماعات اللجنة الدستورية الشهر المقبل تعقبها جلسات في كل شهر، وأن أي تقدم في المسار الدستوري، سينعكس إيجاباً على خطة «خطوة مقابل خطوة» وردم عدم الثقة بين الأطراف المعنية.
وهنا نص الحديث الذي أجرته «الشرق الأوسط» عبر الهاتف إلى نيويورك مساء أول من أمس:
> قمت بجولة إقليمية ثم بروكسل ونيويورك لتقديم مقترحك «خطوة مقابل خطوة»، هل حصلت على دعم لمجلس الأمن لمقاربتك الجديدة؟
- أعتقد، هناك دعم قوي لمقاربتي «خطوة مقابل خطوة». كما تعرف، أجريت مشاورات في جنيف بدءاً من الروس ثم ممثلي دول أخرى في مجلس الأمن. من العدل، القول إنه من وجهة النظر في مجلس الأمن، هناك دعم لمبادرتي، أيضاً من اللاعبين الرئيسيين الآخرين، العرب والأوروبيون. يوم الاثنين، التقيت وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وهناك إجماع على دعم مقاربتي. التوقيت مناسب للمضي قدماً في هذه المقاربة، وما زال في مرحلة العصف الفكري حول الفكرة وسأعقد جولات إضافية من المشاورات.
> كيف تشرح المسار السياسي، للسوريين الذين يعانون منذ 11 سنة؟
- شرحت لمجلس الأمن بوضوح، الحالة الصعبة في سوريا: ضربات جوية، تبادل قصف، غياب الأمان، الألغام، الهجمات الإسرائيلية على اللاذقية. هناك موضوع سجن الحسكة وهجوم عناصر تابعين لـ«داعش». هناك أيضاً، الأزمة الاقتصادية وتعمقها حيث بات 14 مليون مدني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية و12 مليون نازح نصفهم خارج البلاد.
يضاف إلى كل ذلك، هناك جمود استراتيجي استمر لنحو سنتين، لم تتغير الخطوط. والمحاورون الأساسيون أبلغوني أن مرحلة العمليات العسكرية انتهت، وأن لا طرف سيحتكر الخاتمة. وهناك شعور بضرورة تجربة شيء جديد.
وأمضيت وقتاً طويلاً لشرح هذا الموضوع مع دمشق والمعارضة والمنطقة والمحاورين الدوليين الرئيسين، وأشعر أن الوقت حان لاختبار مقاربة «خطوة مقابل خطوة».
> ما هو؟ هل ممكن شرح عناصره؟
- البدء بتحديد خطوات تدريجية، ومتبادلة، وواقعية، ومحددة بدقة، وقابلة للتحقق، تُطبق بالتوازي. ثم، مهم جداً، إنه عندما نقوم بذلك، أن نكون قادرين على الوصول إلى بيئة محايدة وهادئة للمضي قدماً في العملية الدستورية ثم انتخابات وفق القرار الدولي 2254.
> ما هي المجالات التي يمكن البدء بها؟
- لا أزال في مرحلة العصف الفكري، لكنها قد تشمل المعتقلين والمختطفين والمفقودين، المساعدات الإنسانية والتعافي المبكر والبناء على التقدم المحرز من خلال اعتماد قرار مجلس الأمن 2585، شروط العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين، تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي انهارت بعد أكثر من عقد من الحرب والنزاع، والفساد، وسوء الإدارة، والأزمة المالية في لبنان، وجائحة «كوفيد - 19»، ترسيخ الهدوء في عموم سوريا وتحقيق الاستقرار، وهو بالتأكيد أمر أساسي، وفي الوقت ذاته التعاون في مكافحة الإرهاب، ثم يلي ذلك ما أطلق عليه القضايا الدبلوماسية. وموضوع سجن الحسكة، تذكير بضرورة التعاطي مع عملية ضد الإرهاب.
هناك سلة من الأمور، وفي حال تحركنا فيها، سينعكس ذلك على حياة السوريين. والأمل، أن نقيم بعض الثقة للعمل على تنفيذ القرار 2254.
> التقيت الروس والأميركيين في جنيف. ماذا قالوا؟ هل يدعمون فعلاً «خطوة مقابل خطوة»؟
- الأمر المهم، أنهم مستعدون للانخراط واختبار ومناقشة لتحديد ما إذا كان ممكناً تقديم بعض الأفكار للتحرك بشكل جماعي وموازٍ في بعض الخطوات.
> مثل ماذا؟
- في هذه المرحلة، سيكون من الخطأ التحدث علناً لأننا لا نزال في مرحلة العصف الفكري وسأقوم بجولات إضافية من المشاورات، وسأتابع المناقشات مع دمشق و«هيئة التفاوض» المعارضة.
> هل روسيا وأميركا مستعدتان للانخراط؟
- نعم، حقاً.
> في بروكسل التقيت الوزراء الأوروبيين، لكن علناً، هم قالوا إنهم مستعدون للانخراط تحت سقف الشروط الثلاثة (لا للمساهمة بالإعمار، لا لرفع العقوبات، لا للتطبيع قبل تحقيق تقدم سياسي). كيف يمكن لهم الانخراط بمقاربتك ضمن هذه الشروط؟
- حددت لك الفكرة وراء مقاربة «خطوة مقابل خطوة». في هذه المرحلة، هناك عدم ثقة عميق بين الأطراف الفاعلة، بين الأطراف السورية. لكن فقط عبر التحرك ببطء لتحديد الخطوات التي يمكن القيام بها ومعالجة المسائل التي ذكرتها لي. كل القضايا يجب أن يتم التعاطي معها في مرحلة ما. من الضروري التأكيد، استمرار الوضع ليس خياراً، ولا يمكن الاستمرار بهذا الوضع.
> لا يمكن تجاهل الأزمة الكبرى حالياً الخاصة بأوكرانيا. هناك توتر بين الروس من جهة والأميركيين والأوروبيين من جهة أخرى. هل يمكن التحرك بمقاربتك في سوريا في هذه الأجواء المتوترة حول أوكرانيا؟
- سأواصل مهمتي التسهيلية. كلامك صحيح، في حال لم تحل الأزمة في أوروبا دبلوماسياً، ستترك أثراً بمعنى أو آخر ليس فقط بالملف السوري، بل ملفات أخرى. أعتقد، أنها ستعقّد الأمور التي أعمل عليها. لكن دعني أضيف، أنه في الوقت نفسه يجب أن نذكّر أنفسنا، أن ما يخص سوريا، ليس هناك اختلافات استراتيجية بين أميركا وروسيا. هناك مصالح مشتركة بمحاربة الإرهاب، تحقيق الاستقرار. ولتحقيق الاستقرار، نحتاج إلى عملية سلام. آمل أن نصل إلى حل دبلوماسي للأزمة في أوروبا، بحيث يكون هناك أثر إيجابي في سوريا.
> وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، قال علناً إن الحكومة السورية ضد مقاربة «خطوة مقابل خطوة». هل هذا ما سمعت في الجلسات المغلقة أم سمعت شيئاً مختلفاً؟
- أجريت جولات عدة من المناقشات مع الحكومة السورية، وسأواصل المناقشات معها حول هذا الأمر. أعرف أن لديهم أسئلة عديدة، لكن أعرف أيضاً أن «هيئة التفاوض» المعارضة لديها أسئلة حول المقاربة الجديدة. سأكون سعيداً كي أشرح بتفاصيل أكثر لدمشق، الخلفية الحقيقة لـ«خطوة مقابل خطوة»، على أمل أن ننخرط أيضاً بطريقة مناسبة، أيضاً مع «هيئة التفاوض».
> بعض المحللين والمراقبين قالوا إن «خطوة مقابل خطوة»، ليست جزءاً من مهمتك لتطبيق 2254، وإنك تطرح أموراً خارج صلاحياتك. ما قولك؟
- هذا سوء فهم جدي. الأمور المطروحة هي جزء من القرار 2254. القضايا التي ذكرتها هي جزء أساسي من القرار. أيضاً، بناء الثقة للمضي قدماً أمر ضروري. لذلك؛ إنني سعيد جداً أننا حصلنا على دعم صلب من مجلس الأمن الذي أقر 2254. لا أحد يرى أي تناقض بين هذه المقاربة والقرار 2254، بل بالعكس، هي ستساعدني للمضي قدماً في مهمتنا لتنفيذ 2254.
> ماذا تقول للسوريين النازحين واللاجئين والفقراء الذي يعانون؟ كثيرون فقدوا أي أمل أو إيمان بأي عملية سياسية، كيف تقول لهم إن هذه المبادرة الجديدة مختلفة عما حصل في جنيف خلال 11 سنة؟
- دعني أقول، كما قلت لمجلس الأمن، إن معاناة الشعب عميقة إلى حد صعب فهمه أو تقديره. هناك سوريون يعيشون في ظروف صعبة جداً وسط الثلوج في خيم وظروف صعبة. هذا يفطر القلوب. أفهم أنه بعد أكثر من عشر سنوات، هناك الكثير من الشكوك إزاء العملية السلمية وقدرتها على تقديم شيء ملموس للشعب السوري. ما أستطيع قوله، أن قناعتي وتصميمي، أن نتحرك بثبات وجدية للأمام لتحسين وضع الشعب السوري.
> ماذا عن ملف المفقودين والسجناء والمخطوفين؟
- هذا أحد أولوياتي من اليوم الأول لتسلم مهمتي. للأسف، لم نر اختراقات عميقة في هذا الملف أيضاً. كانت لدينا مناقشات مع أطراف عملية آستانة في نور سلطان، وهناك بعض الأفكار على الطاولة ونأمل التحرك في هذا الملف الذي يخص الكثير من العائلات السورية. طالبت بإطلاق سراح الأطفال والنساء والقصر والكهول، وسأواصل جهودي للتحرك إزاء عائلات المفقودين.
> ماذا عن اللجنة الدستورية؟ هل توفرت ظروف عقد جولة جديدة؟
- نحن في حوار مع دمشق وطرحنا بعض الأفكار، وسأتواصل مع الرئيس المشتركة في «هيئة التفاوض». آمل، أنه في الأسبوعين المقبلين سيكون لدينا تفاهم مشترك بحيث نعقد جولة صوغ الدستور في فبراير (شباط)، ثم بناءً عليه أن تحصل اجتماعات أخرى في الأشهر المقبلة، مارس (آذار)، أبريل (نيسان)، مايو (أيار)، يونيو (حزيران) لتحقيق تقديم حقيقي.
> هل ستكون مختلفة عن الجولات السابقة؟
- هذا أملي، أن نرى تبادلاً جدياً لوجهات النظر، بحيث يكونون مستعدين لمراجعة النصوص التي يقدمونها ويتجاوبون مع ما يسمعون من الطرف الأخرى. الوفود لا تقدم نصوصاً دستورية فحسب، بل إنها على استعداد أيضاً لتعديلها في ضوء المناقشات، لمحاولة إيجاد أرضية مشتركة، أو على الأقل تضييق مساحة الاختلافات. فنحن في حاجة إلى عملية صياغة مثمرة وفقاً لولاية اللجنة. وذكرت أمام مجلس الأمن، أن اللجنة يجب أن تعمل، كما تحدد المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية، «على وجه السرعة وباستمرار لتحقيق النتائج والتقدم المستمر».
> «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، يسيطرون على ثلث مساحة سوريا ومعظم ثرواتها ومدعومون من التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة أميركا، لكنهم ليسوا جزءاً من عملية جنيف؟ ماذا تقول لهم؟
- هذه عملية نوقشت وقررت في قرار مجلس الأمن 2254، الذي هدّد مهمتي بتضمين مجموعات معارضة محددة، لكن «مجلس سوريا الديمقراطية»، «قوات سوريا الديمقراطية»، لم تعدّ جزءاً من ذلك. ولا يزال هذا هو الواقع.
> بعض المحللين يقولون، كيف يمكن إحداث اختراق في «خطوة مقابل خطوة» الذي يتضمن قضايا كبرى ومعقدة، بعد عدم النجاح في تحقيق تقدم في اللجنة الدستورية، السهلة؟
- لا أعتقد أن «خطوة مقابل خطوة» أكثر تعقيداً. صحيح، ستكون هناك تحديات، والتحدي الرئيسي، هو فقدان الثقة. أعتقد، أننا سنكون قادرين للمضي قدماً بتقديم بعض الأفكار التي تخص فقدان الثقة. بناءً على هذا يمكن المضي ببطء إلى الأمام. بعد ذلك، أملي أنه مع تحقيق بعض التقدم في عمل اللجنة الدستورية. هذا سيكون له تأثير إيجابي في «خطوة مقابل خطوة». دعنا نكون صريحين، الأمر يتطلب الكثير من الجهود السوريين والأطراف الدولية للمضي قدماً. ما أستطيع قوله، إنه بعد المشاورات التي أجريتها، هذا ممكن وقابل للتحقيق.
> هناك من يقول، إن بعض الأسباب التي سمحت بالقيام بالمبادرة الجديدة، هو أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قالت بوضوح إنها لا تريد «تغيير النظام» السوري، بل «تغيير سلوك النظام»، وهذا ما تريد روسيا. هل هذا صحيح؟
- هذا ما أسمعه أيضاً. إنني أسمع الشيء نفسه حقاً.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».