جنبلاط يواجه انسحاب الحريري بتوثيق التعاون مع «القوات»

TT

جنبلاط يواجه انسحاب الحريري بتوثيق التعاون مع «القوات»

يسعى الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه النائب السابق وليد جنبلاط إلى «تحييد» التداعيات السلبية لانسحاب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري و«تيار المستقبل» من ساحة الانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو (أيار) المقبل، خصوصاً في عقر دار جنبلاط أي دائرة الشوف عاليه.
ومع خسارة دعم حليفه التاريخي في المنطقة «تيار المستقبل»، يسعى «الحزب التقدمي الاشتراكي» للمحافظة على وجوده وقوته الوازنة في الدائرة الرابعة في محافظة جبل لبنان، حيث بات على أعتاب اتفاق نهائي مع «القوات اللبنانية، كما مع أطراف محلية أخرى، بعد أن حدد جنبلاط بوضوح خصمه في هذه الانتخابات وهو «التيار الوطني الحر» الموالي لرئيس الجمهورية ميشال عون.
وقال جنبلاط في حديث تلفزيوني بث ليل أول من أمس: «سنقوم بالحد الأدنى من التحالفات الموضوعية منها مع شخصيات مستقلة، والقوات اللبنانية، لكن اليوم علينا الاعتراف بالواقع، فربما قد نُقدم على خسارة وربما قد نستطيع المحافظة على حجمنا».
وشدد جنبلاط على أن «المشكل في قانون الانتخابات وهو واحد من الأخطاء التي جرت وجرونا إليها على مضض، القانون الحالي، وراهناً لا يمكن تغيير نظام الانتخابات الحالي ويجب القبول بقواعد اللعبة الحالية، لكن ليس وليد جنبلاط من يفرض رأيه على بيروت أو طرابلس أو أي منطقة في لبنان».
ورداً على سؤال، أكد جنبلاط أن «لا مشكلة بالتحالف مع الجماعة الإسلامية، هم موجودون وكان للجماعة نواب في المجلس، وهي تمثل شريحة قيمة من الجمهور السني، ولكن فلننتظر ونحدد، والمهم ألا نذهب إلى أي تحالفات فقط من أجل الوصول إلى أي حجم».
ورداً على سؤال حول الانتخابات في البقاع الغربي، قال جنبلاط: «لن أتحالف مع عبد الرحيم مراد، لكن لا يمكن حصر البقاع الغربي بمراد، الساحة السنية ساحة وطنية ومتنوعة لا تُترك لرواسب النظام السوري أو لإيران، بل العكس، قلنا الحد الأدنى من المواجهة السلمية من البقاع إلى بيروت وطرابلس، وربما نلتقي مع الكثير من الشخصيات والأحزاب».
وأشار جنبلاط إلى أن «التحالف مع القوات اللبنانية أصبح محسوماً، النائب وائل أبو فاعور التقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وسيكون هناك جلسات مصارحة وسيقوم النائبان وائل أبو فاعور وأكرم شهيب بزيارة جعجع من أجل وضع اللمسات النهائية»، مضيفاً «لا نريد خلافات على أسماء تخسرنا ولا تربحنا، ومن المفترض أن نعلن عن أسماء المرشحين من اليوم حتى أسبوعين لوضع الماكينة الانتخابية».
ورأى جنبلاط أن العهد القوي «حرق البلد، لكن القوة في المؤسسات، لذلك فليترك بكرامته الرئيس ميشال عون هو وصهره (النائب جبران باسيل)».
وقال مصدر قريب من جنبلاط لـ«الشرق الأوسط: «إن العلاقة مع «القوات» هي «ثابتة وجيدة، وناسهم مثل ناسنا»، معتبراً أن التحالف هو الأمر الطبيعي «لأننا نلتقي بالاستراتيجيات، فيما أداء التيار الوطني الحر لا يشجع على الاقتراب منهم»، كاشفاً أن التحالف سيمتد إلى مناطق أخرى «خصوصاً أننا نحتاج بعضنا بشدة في بعبدا وراشيا (البقاع الغربي).
وتضم دائرة الشوف - عاليه 13 معقداً، تنقسم بين 8 مقاعد في الشوف و5 في عاليه، وتوزع المقاعد في الشوف طائفياً على الشكل التالي: مقعدان للسنة، مقعدان للدروز، 3 مقاعد للموارنة ومقعد للروم الكاثوليك. وفي عاليه تتوزع المقاعد على الشكل التالي: مقعدان للدروز، مقعدان للموارنة ومقعد للروم الأرثوذكس.
ويوضح عضو مجلس القيادة في الحزب التقدمي الاشتراكي خضر الغضبان، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعركة سياسية أولاً وترتبط بسيادة واستقلال لبنان وانتمائه العربي وهذا هو العنوان الأبرز، وباقي الأمور على أهميتها تأتي في المرتبة الثانية».
ويتمثل جنبلاط حالياً بثلاثة نواب دروز من أصل أربعة في الدائرة، إلى جانب نواب من طوائف أخرى. وعن تراجع شعبية الأحزاب السياسية الحاكمة، يؤكد الغضبان أن الأحزاب كلها في تراجع والإقبال على صناديق الاقتراع قد يكون أقل، ولكن ما يميز «الاشتراكي» عن غيره من الأحزاب «أنه أكثر التصاقاً بناسه وهناك تواصل مستمر بين الحزب والقاعدة الشعبية».
وفي الدائرة نفسها، يشكل حزب «القوات اللبنانية» لاعباً أساسياً على الساحة الانتخابية ويعطيه قانون الانتخابات الحالي حاصلاً في الشوف وآخراً في عاليه «بتحالفات أو من دون تحالفات»، وفق رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبور. ويلفت جبور في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التفاوض بين «القوات» و«الاشتراكي» مستمر بعيداً عن الأضواء حول التفاصيل المتعلقة بهذا التحالف والذي يمتد على كامل المساحة التي يمكن للطرفين التواجد المشترك فيها، موضحا أن «القوات لم تصل إلى صورة نهائية بعد، لكن التفاوض بين الفريقين قائم ومستمر حتى اللحظة لتكوين سلة متكاملة بمقاربة واحدة».
وعن تأثير عزوف الحريري عن خوض الانتخابات في دائرة الشوف - عاليه، يوضح جبور أن «الثقل الأكبر في هذه الدائرة درزي ومسيحي»، ويرى أنه «لن يكون هناك أي تغيير في المشهد في هذه الدائرة تحديداً، بل الأمور ستكون مشابهة للواقع الحالي وأفضل»، معتبراً أن «الطرف الأساسي الذي أصيب بنكسة حقيقية هو التيار الوطني الحر نتيجة الانهيارات والممارسات التي حصلت في العهد».
ويقول: «لا شك أن الوجود السني في الإقليم له دوره وحيثيته وتأثيره، ولكن بالاعتقاد العام المزاج السني من طبيعة سيادية وبالتالي لن يكون هناك أي تغيير، إذ ستعبر البيئة السنية التي تشبه الرئيس الحريري بشكل بديهي عن توجهاتها وستصب بالمكان نفسه المرتبط بهذا الجو السيادي الذي يعكسه «القوات» والتقدمي».
ويؤكد أن «نتائج التحالف بين القوات والاشتراكي ستكون أفضل من انتخابات عام 2018 للفريقين، والبيئة السنية ستكون في حالة تكاملية مع هذا الفريق وستكون جزءاً لا يتجزأ بشراكة كاملة مع هذا المناخ السيادي».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.