لبنان: انكفاء عن الترشّح للانتخابات النيابية بانتظار تحديد مصيرها

خبراء عزوا الأسباب للوضع الاقتصادي وصعوبة تمويل الحملات

TT

لبنان: انكفاء عن الترشّح للانتخابات النيابية بانتظار تحديد مصيرها

للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات البرلمانية اللبنانية، يشهد الاستحقاق هذا العام فتوراً غير مسبوق، يشبه اللامبالاة في تقديم الترشيحات لخوض السباق على بعد ثلاثة أشهر من موعده المقرر في 15 مايو (أيار) المقبل، وهذا ما تجلى في انكفاء المرشحين عن التوجه إلى وزارة الداخلية لتسجيل ترشيحاتهم، وغياب الحملات الانتخابية بكل أشكالها، إذ اقتصر التسجيل حتى الآن على سيدتين، هما المرشحة خلود الوتار عن المقعد السني في دائرة بيروت الثانية وجوزفين زغيب عن المقعد الماروني في كسروان (جبل لبنان).
هذا المعطى اللافت توقف عنده مدير مركز «الدولية للمعلومات» جواد عدرة، الذي لفت في تغريدة على حسابه عبر «تويتر»، إلى أن «عدد المرشحين والمرشحات بعد 17 يوماً على فتح باب الترشيح، وصل إلى مرشحتين فقط، مقارنة مع 74 مرشحاً للفترة نفسها في انتخابات عام 2018». واعتبر عدرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الصورة «تخالف استطلاعات الرأي التي تنشر من وقت لآخر وتعطي الأفضلية لمرشح هنا وحزب هناك، لأن الوضع المالي والصحي والمعيشي يجعل هموم الناس في مكان آخر». ورأى أن «الصورة قد لا تتبلور قبل الثلث الأخير من شهر شباط (فبراير (شباط) أو مطلع شهر آذار (مارس) لقياس الواقع الانتخابي على حقيقته، من دون إهمال الهواجس التي تنتاب البعض من إمكانية تأجيل الانتخابات».
ولا يقتصر التردد على تقديم الترشيحات، بل ينسحب على الحملات الانتخابية، وحتى الغياب شبه الكامل لصور المرشحين في العاصمة بيروت، والمدن والبلدات الكبرى والأرياف.
ويعتبر الخبير الانتخابي جان نخول أن «ثمة عوامل أساسية تقف وراء البرودة في الترشح للانتخابات. وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «ثلاثة أسباب رئيسية للتأخر بتسجيل الترشيحات، هي أولاً: أن وزارة الداخلية فتحت باب تسجيل المرشحين بوقت مبكر، أي قبل شهرين ونصف الشهر على موعد إقفال باب الترشيح، والثاني غياب التمويل الكافي للحملات الانتخابية في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية، والتي تجعل المرشح متردداً في إطلاق حملته الانتخابية، والثالث غياب القناعة لدى أغلب الكتل والأحزاب والمرشحين بحتمية إجراء الانتخابات في موعدها، وترقب ما سيحصل في الأسابيع القبلة، خصوصاً بعد عزوف سعد الحريري عن خوض الانتخابات».
ولا تقف مخاطر «تطيير» الانتخابات عند أسباب انسحاب الحريري من الحياة السياسية، ورغبة قيادات أساسية لسلوك نفس المسار ومنهم رؤساء الحكومات السابقون، بل عاد الحديث عن الهاجس الأمني إلى الواجهة، ويقول جان نخول عن عدم الحماسة للترشح، إن «البعض كان ينتظر نتائج الطعن في قانون الانتخاب ليحدد خياراته، والآن ثمة من يترقب الوضع الأمني الذي تبقى هواجسه موجودة، واليوم جاء عزوف الحريري، ليخلط الأوراق مجدداً، لجهة صياغة التحالفات في كل المناطق». ويشدد على أن «فهم المرشح للقانون الانتخابي أكثر مما كان عليه الوضع في انتخابات 2018، يجعله حذراً من القفز في المجهول، ولذلك يتريث ويبحث عن تركيبة معينة تضمن فوزه».
وفي مقابل تردد بعض الأحزاب وعدم استعجال أخرى، تبدو «القوات اللبنانية» أكثر حماسة في التحضير للاستحقاق، الذي طالما نادت به ودعت إلى إجراء انتخابات مبكرة منذ انطلاق انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، من أجل تغيير الأكثرية النيابية الحاكمة.
وفيما حدد حزب «القوات» عدداً لا بأس به من مرشحيه، لم يسجل أي منهم ترشيحه حتى في قيود وزارة الداخلية، إلا أن رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور أوضح أن «تسجيل المرشحين ينتظر تسمية جميع مرشحي الحزب واكتمال اللوائح والتحالفات الانتخابية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تكتمل الصورة سنرى المشهدية في معراب (مقر قيادة القوات اللبنانية)، وإعلان أسماء كامل المرشحين». وشدد على أن الدكتور سمير جعجع «يعقد كل أسبوع اجتماعاً عن بعد مع مسؤولي أحد الأقضية ويتباحث معهم في الشأن الانتخابي، ويعلن اسم المرشح لهذا القضاء»، مشيراً إلى أن «المجلس المركزي للقوات اللبنانية أعلن الأسبوع الماضي التعبئة العامة، ودعا لتحويل كل الأجهزة والمصالح والتركيبة الحزبية بكل تفرعاتها وتقسيماتها إلى ماكينة انتخابية».
وسمى حزب القوات اللبنانية خمسة من مرشحيه حتى الآن، هم نائب رئيس الحكومة الأسبق غسان حاصباني عن دائرة بيروت الأولى (الأشرفية)، النائب الحالي جورج عقيص عن قضاء زحلة (البقاع)، الإعلامي غياث يزبك عن قضاء البترون وميشال الدويهي عن قضاء زغرتا (شمال لبنان) والنائب شوقي الدكاش الذي يعلن ترشيحه اليوم عن قضاء كسروان (جبل لبنان).



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.