هل بدأت «ثورة كونتي» تؤتي ثمارها مع توتنهام؟

الفريق اللندني يلعب كرة قدم جيدة منذ فترة رغم الظروف الصعبة التي يواجهها

TT

هل بدأت «ثورة كونتي» تؤتي ثمارها مع توتنهام؟

كان إنتر ميلان متأخرا بهدفين دون رد على ملعبه أمام تورينو قبل نهاية المباراة بنصف ساعة، وبينما كانت الكاميرا تتحرك نحو خط التماس، أظهرت المدير الفني أنطونيو كونتي وعلى وجهه تعبيرات تجعلك تشعر وكأنه رجل قبل دعوة لتناول العشاء ليكتشف بعد ذلك أن قائمة الطعام نباتية بالكامل! وكان فريقه، إنتر ميلان، قد فاز بثلاث مباريات فقط من مبارياته السبع الأولى في موسم 2020 - 2021 وكان يحتل المركز الثامن في جدول ترتيب الدوري الإيطالي الممتاز.
عند هذه النقطة، حدث شيء مثير وغريب، حيث قلص أليكسيس سانشيز الفارق لتصبح النتيجة تقدم تورينو بهدفين لهدف، قبل أن يسجل المهاجم البلجيكي العملاق روميلو لوكاكو هدف التعادل، ثم يحرز هدف الفوز من ركلة جزاء مثيرة للجدل قبل ست دقائق على نهاية المباراة. انتهت تلك المباراة بفوز إنتر ميلان بأربعة أهداف مقابل هدفين، وكانت هذه المباراة هي النقطة التي انطلق من عندها الفريق بقوة. لقد حصل إنتر ميلان على دعم هائل من هذا الفوز الكبير وحقق سبعة انتصارات متتالية أخرى ساعدته في النهاية على الحصول على لقب الدوري الإيطالي الممتاز للمرة الأولى منذ 11 عاماً.
في الواقع، تعد هذه واحدة من السمات المميزة للفرق الناجحة التي تولى كونتي قيادتها: اللحظة التي يبدو فيها الفريق في أضعف حالاته تكون هي نفس اللحظة التي يستمد منها قوته، وتبدأ عجلة الفوز في الدوران. وكانت نقطة الانطلاق لفوز تشيلسي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز تحت قيادة كونتي في موسم 2016 - 2017 تتمثل في ذلك التغيير الخططي والتكتيكي الذي أجراه المدير الفني الإيطالي بين شوطي المباراة التي كان فريقه متأخرا فيها بثلاثية نظيفة أمام آرسنال. وعلاوة على ذلك، كانت الهزيمة أمام ألمانيا بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد هي التي أقنعت كونتي بتغيير طريقة اللعب إلى 3 - 5 - 2 ليقود منتخب إيطاليا للوصول للدور ربع النهائي لكأس الأمم الأوروبية 2016.
وفي الوقت الذي حقق فيه توتنهام بقيادة كونتي فوزا مذهلا على ليستر سيتي بثلاثة أهداف مقابل هدفين في مباراة مؤجلة من المرحلة السابعة عشرة من مسابقة الدوري، كان من المغري التساؤل عما إذا كنا نشهد لحظة أخرى من هذا القبيل. لقد كان توتنهام متأخرا بهدفين مقابل هدف وحيد حتى الدقيقة الخامسة من الوقت المحتسب بدل من الضائع، لكنه تمكن من إحراز هدفين عن طريق ستيفن بيرغوين وحصل على نقاط المباراة الثلاث، وهو الأمر الذي أدى إلى اندلاع احتفالات صاخبة خارج ملعب المباراة وبجوار خط التماس.
وبالنسبة للنادي الذي قضى معظم السنوات الثلاث الماضية في حالة من التراجع الواضح، كان هذا شعوراً جديداً ومحفزاً للغاية. فهل سيأتي الوقت الذي سننظر فيه إلى هذين الهدفين اللذين أحرزهما توتنهام في الوقت القاتل أمام ليستر سيتي على أنه النقطة التي بدأ عندها كونتي في إشعال ثورة كروية أخيرا في نادي توتنهام؟ أول شيء يجب التأكيد عليه هو أن توتنهام يلعب كرة قدم جيدة منذ فترة، رغم الظروف الصعبة التي واجهها الفريق: تداعيات تفشي فيروس «كورونا»، والهزيمة المذلة أمام نادي «إن إس مورا» السلوفيني، والخروج من الدوري الأوروبي، والخسارة مرتين أمام تشيلسي في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، وتذمر كونتي بشأن عدم تعاقد النادي مع صفقات جيدة في فترة الانتقالات.
لكن في عالم موازٍ، لم يخسر توتنهام أي مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز تحت قيادة كونتي، باستثناء الخسارة الأخيرة أمام تشيلسي بهدفين دون رد. ويعد مانشستر سيتي هو النادي الوحيد الذي جمع نقاطا أكثر من توتنهام منذ وصول كونتي. وحتى قبل الفوز الإعجازي على ليستر سيتي، كان من الواضح أن كونتي قد وضع أسسا قوية لإعادة بناء الفريق.
لكن كل الانتفاضات الجيدة تحتاج إلى قصة أصلية، ولحظة نمو، وهنا يأتي دور كونتي. فرغم سمعته القوية كمدير فني قادر على إعادة الأمور إلى نصابها سريعا، فإن خططه التدريبية نادراً ما تؤتي ثمارها على الفور. بل غالباً ما تكون الأيام الأولى لكونتي في أي مكان مليئة بالصراعات والمشاكل، لأنه يتعامل بحزم وقسوة ويقرر من يتعين عليه البقاء ومن يجب أن يرحل، ومن يحتاج إلى فرصة أخرى، ومن يحتاج إلى اتباع نظام غذائي صارم حتى يعود إلى لياقته البدنية.
وقال مدرب اللياقة البدنية في الطاقم التدريبي لكونتي، غيامبيرو فينتروني، لمجلة «فور فور تو» في عام 2017: «من الأفضل خلق جرح عميق يؤدي إلى شفاء أعمق. كلما زاد الاضطراب، كانت النتائج أفضل. في البداية، يكون التأثير شديداً، حيث يكون رد فعل اللاعبين سيئا، لكن الوضع يتغير تماما بعد شهرين أو ثلاثة أشهر. وبينما يشتكي اللاعبون، يكون هناك تغيير بداخلهم سيؤدي في نهاية المطاف إلى التحسن، وهو الأمر الذي ينعكس على النتائج».
إن رؤية فينتروني وهو يصرخ في لاعبي توتنهام البدلاء وهو ينظمهم للدخول في سباقات شاقة بعد إحدى المباريات في وقت مبكر من تولي كونتي المسؤولية تعد مجرد لمحة عن طريقة العمل التي يعتمد عليها المدير الفني الإيطالي وطاقمه التدريبي. لكن عملية إعادة بناء الفريق تتجاوز مجرد التدريبات البدنية الشاقة، وتكون أكثر تعقيدا بكثير مما يتوقعه الكثيرون.
ومن الناحيتين التكتيكية والنفسية، يحاول كونتي أن يغرس في نفوس لاعبيه الرغبة في تحقيق الفوز بأي ثمن. لكن حتى يتحقق ذلك، يبدو كونتي وكأنه مجرد رجل في منتصف العمر غاضب جداً ويصرخ في لاعبيه من أجل غلق المساحات وتحفيزهم على تقديم أفضل ما لديهم داخل المستطيل الأخضر. وهذا هو السبب في أن مباراة ليستر سيتي بدت وكأنها نقطة تحول. لقد أظهر توتنهام، بدءا من خط الهجوم وحتى خط الدفاع - مع التحذير من أن الفريق لا يزال يبدو هشا من الناحية الدفاعية - أظهر قوة كبيرة ورغبة هائلة في تحقيق هدف معين، وهو الأمر الذي كان غائبا بشكل كبير خلال فترة نونو إسبريتو سانتو البائسة. وعلاوة على ذلك، كانت رؤية هاري كين وهو يسدد 10 تسديدات على المرمى - العديد منها بشكل غير جيد من مسافات بعيدة – بمثابة إشارة واضحة على أن قائد المنتخب الإنجليزي ربما بدأ في دعم نفسه مرة أخرى.
وكانت مباراة توتنهام أمام تشيلسي على ملعب «ستامفورد بريدج» ضمن المرحلة الثالثة والعشرين، والتي انتهت بفوز البلوز بهدفين دون رد، هي المرة الثالثة التي يلتقي فيها الفريقان في غضون ثلاثة أسابيع، وكان الفارق بين الفريقين في أول مناسبتين كبيرا للغاية. لقد كانت هذه المباراة بين فريقين يسلكان مسارين مختلفين للغاية: أحدهما يفقد الثقة في نفسه في الفترة الأخيرة وهو تشيلسي، والآخر يستعيد ثقته في نفسه وهو توتنهام. (أعاد حكيم زياش وتياغو سيلفا تشيلسي إلى سكة الانتصارات في الدوري بعد غيابه عنها لأربع مباريات). فهل لا يزال توتنهام أسيرا لأخطائه ومشاكله أم أنه تجاوز كبوته واستعاد توازنه تحت قيادة كونتي؟ هذا هو ما سيتضح خلال الجولات القادمة!


مقالات ذات صلة

الدوري الإنجليزي: ساوثهامبتون يحرم برايتون من الوصافة

رياضة عالمية من المواجهة التي جمعت برايتون وساوثهامبتون (أ.ف.ب)

الدوري الإنجليزي: ساوثهامبتون يحرم برايتون من الوصافة

أهدر برايتون فرصة الارتقاء الى المركز الثاني مؤقتا بسقوطه في فخ التعادل 1-1 مع جاره الجنوبي ساوثمبتون الجمعة في افتتاح المرحلة الثالثة عشرة من الدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية نيستلروي عقب توقيعه العقد مع ليستر سيتي (حساب ليستر سيتي)

ليستر سيتي يستنجد بنيستلروي مدرباً جديداً لإنقاذه

أعلن ليستر سيتي المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، تعيين رود فان نيستلروي مدربا جديدا له خلفا لستيف كوبر بعقد يمتد حتى يونيو حزيران 2027.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كوناتي لن يتمكن من المشاركة في القمة الإنجليزية (أ.ف.ب)

كوناتي يقطع الشك: لن أشارك أمام مانشستر سيتي

ثارت شكوك حول احتمال غياب إبراهيما كوناتي، مدافع فريق ليفربول الإنجليزي، عن مباراة فريقه أمام مانشستر سيتي المقرر إقامتها الأحد في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية هل تتواصل أحزان مانشستر سيتي في ليفربول؟ (أ.ب)

ليفربول المنتشي لتعميق جراح سيتي في الدوري الإنجليزي

حتى في فترته الذهبية تحت قيادة جوسيب غوارديولا أخفق مانشستر سيتي في ترويض ليفربول بأنفيلد.

رياضة عالمية لامبارد (د.ب.أ)

لامبارد مدرب كوفنتري الجديد: سأثبت خطأ المشككين

قال فرنك لامبارد، مدرب كوفنتري سيتي الجديد، إنه يسعى لإثبات خطأ المشككين في قدراته بعد توليه مسؤولية الفريق المنافِس في دوري الدرجة الثانية الإنجليزي لكرة القدم

«الشرق الأوسط» (لندن)

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
TT

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)

يسعى إنتر حامل اللقب إلى النهوض من كبوة الديربي وخسارته، الأحد الماضي، أمام جاره اللدود ميلان، وذلك حين يخوض (السبت) اختباراً صعباً آخر خارج الديار أمام أودينيزي، في المرحلة السادسة من الدوري الإيطالي لكرة القدم. وتلقى فريق المدرب سيموني إينزاغي هزيمته الأولى هذا الموسم بسقوطه على يد جاره 1-2، بعد أيام معدودة على فرضه التعادل السلبي على مضيفه مانشستر سيتي الإنجليزي في مستهل مشواره في دوري أبطال أوروبا.

ويجد إنتر نفسه في المركز السادس بثماني نقاط، وبفارق ثلاث عن تورينو المتصدر قبل أن يحل ضيفاً على أودينيزي الذي يتقدمه في الترتيب، حيث يحتل المركز الثالث بعشر نقاط بعد فوزه بثلاث من مبارياته الخمس الأولى، إضافة إلى بلوغه الدور الثالث من مسابقة الكأس الخميس بفوزه على ساليرنيتانا 3-1. ويفتقد إنتر في مواجهته الصعبة بأوديني خدمات لاعب مؤثر جداً، هو لاعب الوسط نيكولو باريلا، بعد تعرّضه لإصابة في الفخذ خلال ديربي ميلانو، وفق ما قال بطل الدوري، الثلاثاء.

وأفاد إنتر بأنّ لاعب وسط منتخب إيطاليا تعرّض لتمزق عضلي في فخذه اليمنى، مضيفاً أنّ «حالته ستقيّم من جديد الأسبوع المقبل». وذكر تقرير إعلامي إيطالي أنّ باريلا (27 عاماً) سيغيب إلى ما بعد النافذة الدولية المقررة الشهر المقبل، ما يعني غيابه أيضاً عن المباراتين أمام النجم الأحمر الصربي (الثلاثاء) في دوري أبطال أوروبا، وتورينو متصدر ترتيب الدوري.

«كانوا أفضل منا»

وأوضحت صحيفة «غازيتا ديلو سبورت»، التي تتخذ من ميلانو مقراً لها، أن إينزاغي حاول تخفيف عبء الخسارة التي تلقاها فريقه في الديربي بهدف الدقيقة 89 لماتيو غابيا، بمنح لاعبيه فرصة التقاط أنفاسهم من دون تمارين الاثنين، على أمل أن يستعيدوا عافيتهم لمباراة أودينيزي الساعي إلى الثأر من إنتر، بعدما خسر أمامه في المواجهات الثلاث الأخيرة، ولم يفز عليه سوى مرة واحدة في آخر 12 لقاء. وأقر إينزاغي بعد خسارة الدربي بأنهم «كانوا أفضل منا. لم نلعب كفريق، وهذا أمر لا يمكن أن تقوله عنا عادة».

ولا يبدو وضع يوفنتوس أفضل بكثير من إنتر؛ إذ، وبعد فوزه بمباراتيه الأوليين بنتيجة واحدة (3 - 0)، اكتفى «السيدة العجوز» ومدربه الجديد تياغو موتا بثلاثة تعادلات سلبية، وبالتالي يسعى إلى العودة إلى سكة الانتصارات حين يحل (السبت) ضيفاً على جنوا القابع في المركز السادس عشر بانتصار وحيد. ويأمل يوفنتوس أن يتحضر بأفضل طريقة لرحلته إلى ألمانيا الأربعاء حيث يتواجه مع لايبزيغ الألماني في مباراته الثانية بدوري الأبطال، على أمل البناء على نتيجته في الجولة الأولى، حين تغلب على ضيفه أيندهوفن الهولندي 3-1. ويجد يوفنتوس نفسه في وضع غير مألوف، لأن جاره اللدود تورينو يتصدر الترتيب في مشهد نادر بعدما جمع 11 نقطة في المراحل الخمس الأولى قبل استضافته (الأحد) للاتسيو الذي يتخلف عن تورينو بفارق 4 نقاط.

لاعبو إنتر بعد الهزيمة أمام ميلان (رويترز)

من جهته، يأمل ميلان ومدربه الجديد البرتغالي باولو فونسيكا الاستفادة من معنويات الديربي لتحقيق الانتصار الثالث، وذلك حين يفتتح ميلان المرحلة (الجمعة) على أرضه ضد ليتشي السابع عشر، قبل رحلته الشاقة جداً إلى ألمانيا حيث يتواجه (الثلاثاء) مع باير ليفركوزن في دوري الأبطال الذي بدأه بالسقوط على أرضه أمام ليفربول الإنجليزي 1-3. وبعد الفوز على إنتر، كان فونسيكا سعيداً بما شاهده قائلاً: «لعبنا بكثير من الشجاعة، وأعتقد أننا نستحق الفوز. لا يمكنني أن أتذكر أي فريق آخر تسبب لإنتر بكثير من المتاعب كما فعلنا نحن».

ويسعى نابولي إلى مواصلة بدايته الجيدة مع مدربه الجديد، أنطونيو كونتي، وتحقيق فوزه الرابع هذا الموسم حين يلعب (الأحد) على أرضه أمام مونتسا قبل الأخير، على أمل تعثر تورينو من أجل إزاحته عن الصدارة. وفي مباراة بين فريقين كانا من المنافسين البارزين الموسم الماضي، يلتقي بولونيا مع ضيفه أتالانتا وهما في المركزين الثالث عشر والثاني عشر على التوالي بعد اكتفاء الأول بفوز واحد وتلقي الثاني ثلاث هزائم. وبعدما بدأ مشواره خليفة لدانييلي دي روسي بفوز كبير على أودينيزي 3-0، يأمل المدرب الكرواتي إيفان يوريتش منح روما انتصاره الثاني هذا الموسم (الأحد) على حساب فينيتسيا.