أبو بكر سالم يغادر إلى ميونيخ لإجراء فحوصات طبية ويصور عملاً جديدًا في دبي

عيسى الجابر: جمهور الإمارات يرتبط ارتباطا عميقا بصوته وفنه الجميل

أبو بكر سالم يتوسط الإماراتي عيسى الجابر وأحد المسؤولين في تلفزيون أبوظبي لتصوير عمل وطني إماراتي عام 1978 (صورة خاصة بـ «الشرق الأوسط»)
أبو بكر سالم يتوسط الإماراتي عيسى الجابر وأحد المسؤولين في تلفزيون أبوظبي لتصوير عمل وطني إماراتي عام 1978 (صورة خاصة بـ «الشرق الأوسط»)
TT

أبو بكر سالم يغادر إلى ميونيخ لإجراء فحوصات طبية ويصور عملاً جديدًا في دبي

أبو بكر سالم يتوسط الإماراتي عيسى الجابر وأحد المسؤولين في تلفزيون أبوظبي لتصوير عمل وطني إماراتي عام 1978 (صورة خاصة بـ «الشرق الأوسط»)
أبو بكر سالم يتوسط الإماراتي عيسى الجابر وأحد المسؤولين في تلفزيون أبوظبي لتصوير عمل وطني إماراتي عام 1978 (صورة خاصة بـ «الشرق الأوسط»)

يغادر الفنان أبو بكر سالم إلى دبي، منتصف الأسبوع المقبل، لتصوير أحد أعماله الغنائية الجديدة وهو أغنية «قالوا» من ألحان السعودي طلال، وسيتم تصويرها مع المخرج أحمد الدوغجي.
وسيوجد أبو بكر سالم في دبي لعدة أيام والجلوس بجانب أبنائه وأحفاده وإعطائهم من وقته، والالتقاء بجانب من المسؤولين الإماراتيين الذين تربطه بهم علاقة ود ومحبة كبيرة منذ الستينات الميلادية. وسيغادر بعدها إلى «ميونيخ» الألمانية لإجراء فحوصاته الطبية السنوية وسيمكث بها قرابة الأسبوع وسيعاود بعدها إلى دبي. وكان الفنان أبو بكر سالم قد أجرى عملية القلب المفتوح في مستشفى «بوقن هاوزن» في ألمانيا قبل أكثر من 3 أعوام بعد أن وجه الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بدولة الإمارات، إلى علاج أبو بكر سالم والسفر إلى ألمانيا حتى يطمئن جمهوره وعشاق فنه في الخليج والوطن العربي ويعود إليهم سالما ويواصل عطاءه الفني. حيث زار الشيخ نهيان الفنان أبو بكر سالم في منزل نجله «أصيل» بدبي، ووجه الفنان الكبير صاحب المشوار الفني الممتد لأكثر من 50 عاما شكره العميق لرجال الإمارات والشيخ نهيان بن مبارك على وقفاته الصادقة وغير المستغربة ودعمه الدائم للحركة الثقافية في منقطة الخليج.
والمعروف أن الفنان أبو بكر سالم تربطه علاقة وطيدة بالحركة الثقافية والفنية منذ السبعينات الميلادية وكان يشارك الجميع في أفراحهم ومناسبتهم الخاصة والعامة في دولة الإمارات. ويروي الإماراتي عيسى الجابر وهو صديق لأبو بكر سالم منذ تلك الفترة، قائلا: «كان لأبو بكر سالم تاريخ مع ثقافتنا وفننا ومن جيل الستينات والسبعينات وحتى الآن جمهور الإمارات يرتبطون بصوته ارتباطا عميقا وجميلا، فهو مرحلة هامة ومشاركة في حياة النهضة الإماراتية منذ تلك الفترة».
وكان أبو بكر قد زار تلفزيون أبوظبي في عام 1978م برفقة عيسى الجابر لتنفيذ وتصوير أغنية «سير بو سلطان سير» وهو عمل وطني مهدى للشيخ زايد، رحمه الله، ويقول من كلماته «دامت الأفراح وازداد الرخاء في عهد زايد». وكان أبو بكر سالم يوجد بصفة يومية في التلفزيون حيث كان يتابع مراحل تنفيذ وتصوير ومونتاج العمل بجانب طاقم إخراج العمل حيث يظهر بصورة جميلة وخرج العمل تلفزيونيا آنذاك، وكان من أشهر الأغاني الوطنية الإماراتية.
بينما قال عيسى الجابر: «لم ينته دور أبو بكر سالم في تنفيذ هذا العمل بل كانت له مراحل مختلفة مع الأغنية الوطنية في عشرات السنين، وقدم بعدها (مطرحك يا زايد في قلبي زاد)، وأيضا أغنية (عليه العمد)، بينما قدم أغنية للمنتخب الإماراتي وهي (منصور) أثناء رئاسة الشيخ حمدان بن زايد اتحاد الإمارات لكرة القدم».
وعيسى الجابر تربطه علاقة حميمية وكبيرة بأبو بكر سالم منذ عام 1974م، بينما عُرف عيسى عند جمهور وعشاق أبو بكر سالم من خلال عمل عاطفي شهير قدمه أبو أصيل وعنوانه «ما يحتاج يا عيسى» وقدم في الثمانينات الميلادية حيث كان الجمهور الخليجي يتساءل كثيرا عمن هو «عيسى» الذي تغنى الفنان الكبير باسمه، وحقق هذا الألبوم توزيعا كبيرا في سوق الكاسيت الخليجي والعربي.



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».