الميليشيات تجدد تحشيدها العسكري في العاصمة الليبية

«النواب» يؤكد استمرار مشاوراته مع «مجلس الدولة»

صورة وزعها المجلس الرئاسي لحضور رئيسه محمد المنفي ملتقى بلديات الساحل الغربي أمس بصرمان
صورة وزعها المجلس الرئاسي لحضور رئيسه محمد المنفي ملتقى بلديات الساحل الغربي أمس بصرمان
TT

الميليشيات تجدد تحشيدها العسكري في العاصمة الليبية

صورة وزعها المجلس الرئاسي لحضور رئيسه محمد المنفي ملتقى بلديات الساحل الغربي أمس بصرمان
صورة وزعها المجلس الرئاسي لحضور رئيسه محمد المنفي ملتقى بلديات الساحل الغربي أمس بصرمان

تزامناً مع تحشيد عسكري جديد للميليشيات في العاصمة طرابلس، أكد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، أن «السيادة الليبية خط أحمر لا يمكن المساس بها من أي طرف».
وأظهرت لقطات مصورة لناشطين ووسائل إعلام محلية توافد آليات مسلحة إلى المدينة، مساء أول من أمس، تضم قوات تابعة للواء 166 مشاة، بقيادة محمد الحصان، وسط انتشار عسكري كبير لمجموعات مسلحة وسط العاصمة.
لكن المنفي تجاهل هذه التطورات لدى حضوره، أمس، أعمال ملتقى بلديات الساحل الغربي ببلدية صرمان، ودافع عن إنجازات المجلس بشأن إطلاق مفوضية وطنية تعنى بالتأسيس لمشروع المصالحة، وتوحيد المؤسسات السيادية. ودعا لأن تسود المصالحة الوطنية أرجاء البلاد، شريطة أن تكون «مصالحة شاملة سياسية وأمنية، بالتزامن مع نبذ كل الخلافات السياسية، وقيام دولة من خلال تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، والقبول بنتائجها».
كما طالب المنفي بالفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية، لأن تداخلها «سبّب إرباكاً في الحياة السياسية، وانعكس سلباً على حياة المواطن»، مشدداً على الذهاب للانتخابات، التي من خلالها «ستتجسد هيبة الدولة والمحافظة على سيادتها، والسيطرة على حدودها وتأمينها».
وأكد البيان الختامي للملتقى على دعم منطقة الساحل الغربي، ورفض الزج بها في أي صراعات أو حروب لبناء الدولة ومؤسساتها، والحفاظ على استقرارها. كما طالب بدعم المؤسسات الأمنية، مؤكداً أن بلديات المنطقة «لن تكون مصدراً لزعزعة الأمن»، وأن كل القبائل الليبية «تتفق على لم الشمل، ورأب الصدع عبر مصالحة شاملة مبنية على العدالة».
من جهة أخرى، أعلن خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، رفضه استبعاده من مشاورات مجلس النواب لتشكيل حكومة جديدة، بدلاً من حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وأكد المشري تمسكه بالاتفاق السياسي، المبرم في منتجع الصخيرات برعاية أممية عام 2015، ودعا إلى التقيد به لدى إجراء أي تغيير في السلطة التنفيذية.
في المقابل، قال عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، إن التشاور مستمر مع مجلس الدولة، وفقاً للاتفاق السياسي من أجل تحقيق توافق سياسي، لا سيما في خارطة الطريق بمساراتها المختلفة (الدستوري والسياسي والأمني والتنفيذي)، وملف المناصب السيادية، وغيرها من أجل تجاوز هذه المرحلة، والوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت ممكن، ووفقاً لما ستصل إليه لجنة خارطة الطريق في مساراتها المختلفة في تقريرها النهائي، بالتشاور مع مجلس الدولة.
إلى ذلك، أعادت السفارة الأميركية نشر مداخلة السفير جيفري ديلورينتيس، المستشار الأول للشؤون السياسية الخاصة بوزارة الخارجية الأميركية، مؤخراً، أمام مجلس الأمن الدولي، واعتبار أنه «حان الوقت لاحترام إرادة ملايين الليبيين المستعدين للتصويت وتقرير مستقبلهم».
وأشارت السفارة إلى ترحيب الولايات المتحدة بعمل مراقبي وقف إطلاق النار، التابعين لبعثة الأمم المتحدة، وأعربت عن تطلعها إلى التفعيل الكامل لعناصر مراقبة وقف إطلاق النار، ودعت جميع الدول إلى الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى دعم الانسحاب الفوري لجميع القوات الأجنبية والمرتزقة.
من جهتها، أعلنت ستيفاني ويليامز، المستشارة الأممية، أنها اجتمعت، مساء أول من أمس، بالعاصمة طرابلس مع رئيس وأعضاء «لجنة 41» لتسريح وإعادة إدماج التشكيلات المسلحة، والقوات المساندة في مؤسسات الدولة.
وقالت ويليامز، في بيان لها، إن رئيس اللجنة اللواء محمود بن يزه أطلعها على خطط اللجنة لإعادة دمج التشكيلات المسلحة بشكل فردي في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص. ونقلت عن اللجنة تأكيدها على القدرة على استيعاب جميع الأفراد في إطار برنامج نزع السلاح والتسريح، وإعادة الإدماج، شريطة الاستقرار والحد من التدخل الأجنبي.
وكانت ويليامز، التي بدأت، أمس، زيارة هي الأولى من نوعها إلى مدينة سبها (جنوب)، قد أكدت أهمية أن ينعم أبناء الجنوب بخيرات أرضهم، وأن يحترم الجميع حقوقهم كاملة بلا انتقاص أو تهميش، مع الالتزام التام بمبادئ التعايش والمواطنة، والشراكة والعدالة الاجتماعية، معلنة اتفاقها مع شارل صليبا، سفير مالطا خلال لقائهما، مساء أول من أمس، على ضرورة أن يقوم مجلس النواب بإعادة الانتخابات إلى مسارها الصحيح وبشكلٍ حازم، من خلال مسار شامل وجداول زمنية واضحة.
كما أشارت ويليامز إلى الحاجة إلى احترام الجدول الزمني لخارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي، التي اعتمدها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، التي تستمر حتى يونيو (حزيران) المقبل.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.