لبنان: الانتخابات بغياب الشريك السنّي تخلط الأوراق وتحمل مفاجآت

TT

لبنان: الانتخابات بغياب الشريك السنّي تخلط الأوراق وتحمل مفاجآت

لن يكون مسار الانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو (أيار) المقبل كما كان قبل أن يُعلن زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عزوفه عن خوضها؛ لأنه أحدث صدمة ستؤدي إلى إعادة خلط الأوراق تحالفاً واقتراعاً، هذا إذا حسم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمره وقرر صرف النظر عن الدخول في المنافسة الانتخابية لما له من حضور في طرابلس وجوارها.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر مقرب من رؤساء الحكومات السابقين أن ميقاتي صارحهم في أكثر من لقاء بأنه يميل إلى عدم الترشح، وأنه ينتظر الوقت المناسب لإعلان موقفه، وما يهمه في الوقت الحاضر تقطيع إقرار الموازنة للعام الحالي واستجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، وتفعيل التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والتحضير لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
وأكد المصدر نفسه أن جدول أعمال الحكومة الميقاتية محصور بهذه البنود. وقال إن ميقاتي ليس في وارد إدراج بند التعيينات الإدارية من خارج جدول أعماله؛ لئلا تُصرف في البازار الانتخابي كمحاصصات يراد منها تزويد هذا الطرف أو ذاك بجرعات انتخابية لتحسين شروطهما لخوض الانتخابات.
ولفت إلى أن ميقاتي لن يخضع لحملات الابتزاز للضغط عليه لإدراج التعيينات على جدول أعماله، خصوصاً أنه هو، استناداً إلى صلاحيات رئيس الحكومة المنصوص عليها في الدستور، من يدعو مجلس الوزراء للانعقاد ويضع جدول أعماله بالتشاور مع رئيس الجمهورية.
ورأى أن ميقاتي الذي كان تولى رئاسة الحكومة عام 2011 في ظروف ترتب عليها خلاف مع الحريري، قد رفض تقديم تنازلات بإقصاء عدد من كبار المسؤولين الأمنيين من مناصبهم، وبالتالي سيبقى صامداً على موقفه، خصوصاً أنه يحظى بتأييد رؤساء الحكومات السابقين، وبات يتمتع بحصانة سياسية غير مسبوقة بعد قرار الحريري عزوفه عن خوض الانتخابات وتعليق مشاركته في الحياة السياسية. وقال المصدر نفسه إن ميقاتي لن يرضخ لطلب رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل المدعوم من رئيس الجمهورية ميشال عون لإدراج التعيينات من خارج الأولويات التي يوليها أهمية قصوى لإخراج البلد من التأزم، ووضعه على سكة التعافي المالي، وأكد أنه لن يفرط بعودة «الثنائي الشيعي» لحضور جلسات مجلس الوزراء من خلال إقحام حكومته في اشتباك سياسي من شأنه أن يفجر الوضع في داخلها في حال بادر إلى استحضار التعيينات كمادة مشتعلة في ضوء إصرار الغالبية في الحكومة على ترحيلها إلى ما بعد انتهاء ولاية عون في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وتطرق إلى احتمال عزوف ميقاتي عن خوض الانتخابات، وقال إنه بعزوفه يفتقد الشارع السني الرافعة السياسية التي تحض الناخبين على الاشتراك بكثافة في الانتخابات، خصوصاً أن عزوفه يتلازم مع عزوف رئيس الحكومة السابق تمام سلام الذي كان استبق الحريري بقراره عدم خوض الانتخابات.
ورأى أن غياب المكون السني الأساسي عن خوض الانتخابات بات يشكل قلقاً للقوى السياسية التي ستضطر إلى مراجعة حساباتها سواء من الحلفاء أو الخصوم، لأن الناخبين السنة منتشرون على مساحة لبنان ويشاركون في انتخاب أكثر من ثلثي عدد النواب في البرلمان، الموزعين على 25 دائرة انتخابية، وهذا ما قاله رئيس المجلس النيابي نبيه بري لرئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة في لقائهما الأخير، ويكاد يلتقي رئيس البرلمان في تقديره هذا مع الإحصاءات الانتخابية الأولية التي تحدثت عن أن الناخبين السنة يشاركون في انتخاب 87 نائباً من أصل 128 نائباً يتكون منهم البرلمان.
لذلك لن تخلو العملية الانتخابية من مفاجآت يمكن أن تعيد خلط الأوراق، لأن إحجام القيادات السنية الرئيسية عن خوضها سيؤدي إلى قلب الطاولة، وهذا ما تحسب له ألف حساب القوى المشاركة فيها، وخصوصاً المسيحية منها، إضافة إلى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي بخلاف معظم القيادات السياسية لم يتصرف مع عزوف الحريري عن خوض الانتخابات كأمر عادي يمكن تجاوزه بسهولة لما له من تداعيات على التمثيل السني في البرلمان الذي سيفتقد إلى المرجعية القادرة على منع الإخلال بالتوازن الطائفي والسياسي.
كما أن غياب الحريري وسلام عن الحراك الانتخابي واحتمال انضمام ميقاتي إليهما سيفتح الباب أمام احتمال تعدد اللوائح الانتخابية التي ستؤدي إلى تشتت صوت الناخب السني، مع أن نسبة الاقتراع ستتراجع لعدم قدرة البدائل في الشارع السني على ملء الفراغ، برغم أن عشرات المرشحين المغمورين سيجدون بغياب هؤلاء الأقطاب الفرصة المواتية في حال لم يحالفهم الحظ للانضمام إلى نادي المرشحين.
وعليه فإن الخريطة النيابية للبرلمان المقبل ستولد عرجاء بغياب الشريك السني، وهذا ما سيُضعف المشاركة، خصوصاً أن المجلس المنتخب هو الذي سينتخب رئيس الجمهورية الجديد، فيما يحتفظ «الثنائي الشيعي» بحضوره الكامل في المجلس النيابي لأن مصادره تستبعد اختراق لوائحه من الحراك المدني بخلاف المنازلة الانتخابية الكبرى في الشارع المسيحي وحالة القلق التي تنتاب جنبلاط والتي لا تتعلق، كما يحاول البعض الترويج له، بفقدانه مقعداً نيابياً، وإنما تعود لما لديه من مخاوف مشروعة كان عبر عنها في تعليقه على عزوف الحريري وحذر فيها من أن يضع «حزب الله» ومن خلاله إيران يده على البلد.
ويبقى السؤال، هل تجري الانتخابات في موعدها أو هي ذاهبة إلى التأجيل؟ مع أن ترحيلها يلقى معارضة من المجتمع الدولي الذي ينظر إلى الاستحقاق الانتخابي على أنه محطة لإحداث تغيير في لبنان، وإن كانت بعض الأطراف تحبذ ترحيلها لكنها لا تجرؤ على تظهير موقفها للعلن خوفاً من ردود الفعل الدولية، مع أن خريطة توزيع المقاعد النيابية على القوى السياسية تبقى غير مكتملة بغياب المكونات السنية الرئيسية عن خوض الانتخابات.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.