ألمانيا تسعى للجم «تلغرام» بسبب «خطاب الكراهية»

هل تحظر ألمانيا خدمة «تلغرام» نهائياً؟ (أرشيفية - أ.ف.ب)
هل تحظر ألمانيا خدمة «تلغرام» نهائياً؟ (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

ألمانيا تسعى للجم «تلغرام» بسبب «خطاب الكراهية»

هل تحظر ألمانيا خدمة «تلغرام» نهائياً؟ (أرشيفية - أ.ف.ب)
هل تحظر ألمانيا خدمة «تلغرام» نهائياً؟ (أرشيفية - أ.ف.ب)

تراقب السلطات الألمانية من كثب خدمة «تلغرام» للمراسلات الفورية المشفرة، إذ تتهمها برلين بعدم التصدي كما يجب لرسائل الكراهية التي تُبث عبرها ونظريات المؤامرة وحتى الدعوات إلى القتل.
ولا يزال معارضو التطعيم ضد «كوفيد - 19» في حال من الاستنفار منذ أسابيع في ألمانيا حيث يتظاهرون بانتظام في مختلف أنحاء البلاد خلال مسيرات تتخللها أحياناً حوادث. ومن المرجح أن يتصاعد التوتر مع بدء البرلمان الألماني بعد ظهر اليوم نقاشاته في مسألة إجبارية التطعيم التي يدعمها المستشار أولاف شولتس، لكنها تثير انقساماً في المجتمع.
في هذا السياق المتشنج، تترصد الحكومة للأدوات المستخدمة في «الترويج للكراهية»، خصوصاً خدمة «تلغرام» للرسائل المشفرة. وقال وزير العدل ماركو بوشمان، إن «قوانيننا تنطبق أيضاً على (تلغرام)»، محذراً من إمكان فرض غرامات بملايين اليورو.
وتسعى وزيرة الداخلية نانسي فيسر، إلى تقديم خطة عمل بحلول عيد الفصح في أبريل (نيسان) المقبل لإجبار المنصة على إزالة رسائل الكراهية وكشف هوية أصحابها. وحسب إحصاء لوكالة «فرنس برس»، يضم بعض مجموعات النقاش الخاصة بمناهضي اللقاح ما يصل إلى مئتي ألف شخص.
وفي حال عدم التعاون في هذه المسألة، لا تستبعد الوزيرة فرض حظر تام على التطبيق في ألمانيا. وأوضحت الوزيرة أن اللجوء إلى هذا الخيار لا يحصل إلا بعد «فشل كل الخيارات الأخرى»، مقرةً بأن التعاون الأوروبي ضروري في هذا الموضوع الحساس.
وفي منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، نفّذت الشرطة الألمانية عمليات تفتيش وضبطت أسلحة خلال مداهمة في مدينة درسدن (غرب) بعد بث تهديدات بالقتل استهدفت رئيس المقاطعة عبر «تلغرام». بعد ذلك، وعد المستشار الألماني أولاف شولتس، بقيادة معركة قوية ضد «أقلية من المتطرفين».
وأقرت ألمانيا قانوناً مثيراً للجدل عام 2017 يقوّي ترسانتها ضد التهديدات عبر الإنترنت، إذ يطالب الشبكات الاجتماعية مثل «فيسبوك» و«تويتر» بإزالة المحتويات المخالفة للقانون وإبلاغ الشرطة عنها لإجراء ملاحقات محتملة. وهكذا أعلنت «فيسبوك» في سبتمبر (أيلول) عن حذف حسابات وصفحات ومجموعات مرتبطة بتنظيم صغير يحمل اسم «المفكرون الأحرار» في ألمانيا، وهي حركة معادية للقيود المفروضة لمكافحة «كوفيد - 19».
وتوضح سيمونه رافايل، مديرة الشؤون الرقمية في «مؤسسة أماديو أنطونيو» المناهضة للعنصرية: «نظراً لأن المنصات الكبيرة مثل (فيسبوك) لم تعد تسمح بمحتوى عنصري ومعادٍ للسامية ومحتويات اليمين المتطرف مثل إنكار الهولوكوست، فإن الأشخاص الذين يرغبون في نشر هذه المضامين يبحثون عن طرق جديدة. والوسيلة الأكثر شعبية حالياً في ألمانيا هي (تلغرام)».
وفي حين أن «فيسبوك» لديها مصلحة في التعاون مع السلطات الألمانية وخضعت بشكل تدريجي للتشريعات الوطنية، فالحال ليست كذلك مع «تلغرام»، حسب الباحثة التي توضح أن غالبية مستخدميها لا علاقة لهم بحركة مكافحة اللقاحات. وتضيف رافايل: «لا تتعاون (تلغرام) مع السلطات القضائية أو الأمنية، ولا حتى بشأن مواضيع تستحق العقاب بلا أدنى شك مثل استغلال الأطفال في المواد الإباحية»، قائلة إن «هذا يحرم الدولة من أي قدرة على التحرك».
وظلت طلبات كثيرة أرسلها مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية الألمانية إلى (تلغرام) لسحب محتويات على منصتها حبراً على ورق. وثمة احتمال آخر يقضي بمطالبة (غوغل) أو (أبل) بإزالة التطبيق من متجريهما الإلكترونيين. مع ذلك، لن تؤثر هكذا خطوة على المستخدمين الذين حمّلوا التطبيق أصلاً.
وترى رافايل أن الطريقة الوحيدة للتغلب على الخدمة هي حظرها تماماً في ألمانيا. وستكون ألمانيا في هذه الحالة أول دولة غربية تعمد إلى مثل هذا الإجراء الجذري ضد خدمة المراسلة التي أنشأها عام 2013 الأخوان نيكولاي وبافل دوروف، وهما خصمان للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أرادا من خلال التطبيق الإفلات من مراقبة أجهزة المخابرات في روسيا.
وقد صدرت سابقاً قرارات حظر وقيود تشريعية على «تلغرام» في الصين والهند وروسيا.
وقال الصحافي المتخصص في الشؤون الرقمية ماركوس رويتر، إن «مثل هذه الإجراءات من شأنها أن ترسل إشارة سيئة للغاية، فمن ناحية تتم الإشادة بـ(تلغرام) بسبب غياب الرقابة عنها وأهميتها في الحركات الديمقراطية في بيلاروس وإيران، ومن ناحية ثانية نريد تعطيل الخدمة هنا».



«ألف ليلة وليلة» لفرقة كركلا إلى «مسرح البولشوي» في موسكو

كركلا يبهر بمشهديات من قوس قزح (مسرح كركلا)
كركلا يبهر بمشهديات من قوس قزح (مسرح كركلا)
TT

«ألف ليلة وليلة» لفرقة كركلا إلى «مسرح البولشوي» في موسكو

كركلا يبهر بمشهديات من قوس قزح (مسرح كركلا)
كركلا يبهر بمشهديات من قوس قزح (مسرح كركلا)

عقد وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة والمايسترو عبد الحليم كركلا والمخرج إيفان كركلا مؤتمراً صحافياً مشتركاً في مقر المكتبة الوطنية ببيروت، تحدثوا خلاله عن مشاركة فرقة كركلا في المسرحية الاستعراضية «ألف ليلة وليلة» على خشبة مسرح البولشوي في روسيا. وهي المرة الأولى التي تدعى فيها فرقة عربية إلى هذا الصرح العريق.

حضر المؤتمر فنانون مشاركون في العمل، والكوريغراف أليسار كركلا، والمطربة هدى حداد، والمطرب جوزيف عازار، والمطرب سيمون عبيد، كما المستشارة الإعلامية سارة بوضرغم وحشد من الإعلاميين والمثقفين ومريدين لمسرح كركلا.

عرض فيلم مصور تضمن مقتطفات من أبرز القنوات التلفزيونية وكبريات الصحف العالمية التي أجرت مقابلات وكتبت عن «مسرح كركلا» والتكريم الذي ناله المايسترو عبد الحليم والمخرج إيفان كركلا.

عبد الحليم كركلا ووزير الثقافة غسان سلامة وإيفان كركلا خلال المؤتمر الصحافي (الشرق الأوسط)

قال وزير الثقافة غسان سلامة إنه وبعد مشاهدة أبرز المحطات لتكريم مسرح كركلا، «نجتمع لكي نهنئ أولاً عبد الحليم كركلا وكل أعضاء فرقته على أمر يحصل للمرة الأولى بدعوة فرقة عربية لتقديم عروضها الإبداعية على خشبة مسرح البولشوي الذائع الصيت تاريخياً، وله من العراقة ما من الصعب أن يصل إليه أي مسرح آخر في العالم».

بعد أن هنأ وزير الثقافة كركلا على الدعوة إلى البولشوي، ذكّر بأن «فرقة كركلا دعيت إلى روسيا، قبل نصف قرن ثلاث مرات، وأن دعوتها هذه المرة لهي وسام آخر على صدر عبد الحليم كركلا وفرقته المبدعة. ومصدر فخر واعتزاز لنا جميعاً بصفتنا لبنانيين».

واستطرد قائلاً: «بلادنا مرت في الخمسين سنة الماضية بتقلبات وحروب ومشاكل وانهيارات مالية وكل أنواع المصاعب، لكن الفن بقي حياً، والثقافة بقيت مبدعة؛ لأن المجتمع استمر في إنتاج أفضل ما فيه من مواهب وقدرات. وهذا يدل على أن الثقافة لا تخلق بمرسوم حكومي، بل تنبع من مجتمع حي وطموح يتجاوز العقبات، ويبقى مبدعاً في كل ظرف ومكان». وذكّر سلامة بالدور المحوري الذي لعبه عبد الحليم كركلا في يقظة المجتمع ومقاومة الكسل واليأس واستمرار الإبداع والطموح. وأضاف: «نحن هنا لكي نشكر عبد الحليم كركلا وفرقته على هذا الإصرار والعناد الذي استمر عقوداً من الزمن، والذي يتوج اليوم بدعوة كريمة من أحد أهم المسارح العالمية».

بدوره شكر المايسترو عبد الحليم كركلا وزير الثقافة لاهتمامه بدعم مسرح كركلا، وقال إن «رسالة مسرح كركلا، منذ انطلاقِهِ، هي إرساءُ معالم إبداعيَّة جديدة، تُعلنُ بداية تحوّلٍ نوعي في الشَّرقِ العربي». وشرح: «حِرصَنَا على مُعاصرة حركة الزَّمانِ، هو بِقَدرِ حِرصِنا على التَّمسُّكِ بِتراثِنَا الأصيلِ، ليبقى الماضي حياً في ضميرِ الحاضرِ، كامناً في اللّاوعي بأناسهِ وأوطانهِ، بعاداتِهِ وتقاليدِهِ».

كركلا يبهر بمشهديات من قوس قزح (مسرح كركلا)

وهذا تماماً ما تجسده مسرحية «ألف ليلة وليلة»، من روائع عبد الحليم كركلا، حيث كانت قد قدمت في «مهرجانات بعلبك»، ثم أعيد إحياؤها على المسرح، وتعثرت انطلاقتها بسبب الحرب، لكن عودة الهدوء، أتاحت أمام الجمهور اللبناني في الأشهر الأخيرة، رؤية هذا العرض معدلاً ومطوراً بنسخة جديدة. والمايسترو كركلا الذي يحرص على تمارين صارمة لراقصيه ضبط إيقاعهم هذه المرة بمهارة أكبر ودقة أعلى.

وكما يوحي العنوان، فالحكاية مستوحاة من شهرزاد وشهريار وشقيقه الذي يرمي الفتنة بينه وبين زوجته. وقصة شهريار مع نساء مملكته نعرفها جميعاً، لكنها مع كركلا تكتسب نبضاً مختلفاً من خلال مرونة أجساد راقصيه، وكوريغرافيا اليسار كركلا، وبإخراج إيفان كركلا.

وإذا كانت موسيقى «شهرزاد» لريمسكي كورساكوف، هي التي تغلب في الفصل الأول، فإن هذا سمح لكركلا أن يطوع الأجساد التي تجمع في رقصها بين الشرقي والغربي، والباليه والعربي، والفولكلوري والحديث. كل هذا في عمل واحد، تلعب فيه الأزياء المبهرة دوراً يصل إلى مستوى الاندغام في الرقص حتى تصبح ألوان الفساتين وأشكال القبعات وقصات السراويل وغموض الأقنعة هي جزء لا ينفصل عن الحركة نفسها.

ألف ليلة وليلة إلى موسكو (كركلا)

وكما دائماً، براعة في استخراج الأدوات المكملة للمشاهد من السيوف إلى الدروع والأقنعة، وعربات الخضار، والبسط والسجاد والأرائك، إلى الخلفيات المشهدية التي توحي تارة بأننا في سوق، وتارة أخرى في قصر، وغيرها تأخذنا إلى مشاهد قتل واقتصاص، ومرات غيرها رقصات ثنائية تدخلنا في رومانسية غامرة مع عشيقين لهما من اللدانة الجسدية ما يجعل حبهما يترجم تناغماً وانسجاماً وانسيابية مبهرة على المسرح.

وإذا كان المشهد الأول بديعاً في تنويعات رقصاته، فإن القسم الثاني الذي يعتمد في جزء مهم منه على «بوليرو»، أجمل ما ابتكرت قريحة الموسيقى البديع موريس رافيل (1875 - 1937). هذه السيمفونية الشهيرة التي قدم على أنغامها مصمم الرقص بيجار، أروع أعماله، يمكن للمتفرج أن يرى في «ألف ليلة وليلة»، ما يوازيها أو ربما يتفوق عليها، إنما هذه المرة بكوريغرافيا كركلا ذات الروح الشرقية. ما يقارب نصف ساعة من الرقص المتواصل، المتناغم، الخلاّق، على إيقاعات بوليرو القوية التي تذّكر بالشطحات الصوفية، هي من بين أجمل ما يمكن أن تشاهد لعبد الحليم كركلا.

ولا يحرم المتفرج من رؤية الرقص اللبناني في نهاية المسرحية بذريعة العودة إلى لبنان، وإن كانت الدبكة التقليدية، غابت أو تكاد عن هذا العرس الفلكلوري الذي يشارك فيه غناء، فنانون كبار هم هدى حداد، وجوزيف عازار، وسيمون عبيد. وتحية خاصة للراحل الكبير أيلي شويري الذي «سيبقى صوته يرفرف في فضاء مسرح كركلا» كما جاء في الإهداء.

عشرات الراقصين يتحركون على المسرح بليونة مدهشة (كركلا)

يشار إلى أن المايسترو عبد الحليم والفرقة يغادرون لبنان في الـ20 من الشهر الجاري لتقديم 3 عروض على خشبة «مسرح البولشوي» أيام 23، و24، و25، ومن المقرر أن تستأنف العروض على خشبة «مسرح كركلا» في سن الفيل (بيروت) حتى نهاية شهر أغسطس (آب). وهي فرصة لمن لم ير العمل أن يغتنم الفرصة قبل انتهاء الحفلات الأخيرة.

وقبل موسكو كانت «ألف ليلة وليلة» قد جابت كبريات مسارح مدن العالم من لندن إلى باريس وواشنطن ونيويورك، وكذلك بكين وأوساكا، وفرانكفورت، وغيرها. وفي المؤتمر الصحافي تحدث كركلا عن الصعاب التي تخطاها بسبب الظروف التي مرت على لبنان ومع ذلك استمر بعنفوان: «حاولتْ تقديمَ أرقى ما يمكنني من إبداعٍ مسرحيٍّ، لأضعَ اسم لبنانَ على خريطة الفنِّ الرّاقي في المسرحِ العالميّ. كما حَرَصتُ على نشرِ رسالة عربيّة ثقافيّة على أرقى المسارح، في جولاتِنَا العالمية، كي نطوي الزَّمنَ الذي يُحاولُ أن يطوِينَا».