«هو وهي»... من «الصغيرة الشقراء الواهنة» إلى «العفريت الرهيب»

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

«هو وهي»... من «الصغيرة الشقراء الواهنة» إلى «العفريت الرهيب»

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

«لن تحصلنَ على الإطلاق على ما ترغبن فيه من الحياة، إذا لم تتقنَّ قدركن... ستتعفنَّ في هواء غرفكن الفاسد... لم تخلقن لصناعة أبناء حياة، أو خادمات، أو... انتفضن على وضعكن الشائن، وإلا؛ فلن أومن بكنّ أبداً». كانت هذه الدعوة المثيرة إلى حرية المرأة للكاتب والمؤلف الدرامي السويدي أوغست سترندبرغ، وهو أحد الشخصيات المشهورة بوقوفها ضد الحركة النسوية، وكان يوصف بالشراسة والعناد في مواقفه من المرأة بشكل عام. وفي إحدى المرات سأله صديق له كان مأخوذاً بامرأة جالسة في صمت وهي تنظر بعيداً شاردة الذهن لمدة ساعة كاملة، وكان سؤال الصديق: «من يعلم بأي شيء تفكر هذه المرأة؟»، فأجابه سترندبرغ بجدية: «أنا أدرى... أنها تفكر في لا شيء...». ورغم ذلك، أو ربما لهذا السبب بالذات، فإنه تزوج ثلاث مرات؛ ثلاث مرات من الفشل، ثلاث مرات من الطلاق العاصف، وفي كل مرة يصرح: «إذا كانت المرأة السابقة شيطاناً، فإن التي ستعقبها تبدو كأنها ملاك».
وخلال هذه الأيام صدر باللغتين الإيطالية والسويدية، ومعاً بشكل متزامن، كتاب جديد للكاتب سترندبرغ يحمل عنوان «هو وهي»، والكتاب مجموعة كبيرة من الرسائل التي كان الكاتب السويدي الشهير يكتبها إلى زوجته سيري فون إيترن، خلال فترة عشقهما. كان يريد نشرها عام 1886 على أنها جزء رابع من سيرته الذاتية، وقد اختار لها عنوان رواية جورج صاند الشهيرة «هي وهو» التي صدرت عام 1919. من خلال قراءة الرسائل يتضح أن «سيري» كانت بارونة شقراء عمرها 25 عاماً، وطلب سترندبرغ من «سيري» وزوجها كارل التدخل ليكونا عوناً له في حبه عازفة بيانو. وتدور الأيام ويعيشان في بيت جميل، ولها طفلة محبوبة. وكانت سيري فون إيترن تمتلك الرغبة الكبيرة في أن تصبح ممثلة مسرحية، ولكن حال دون تحقيق رغبتها، موقع أبيها وزوجها على السواء. وبداية علاقتها مع أوغست سترندبرغ؛ الذي كان في أول صعوده كاتباً، لا تتعدى إسداء النصائح بالابتعاد عن العمل المسرحي، وكان يحثها على أن تكون كاتبة، لأن ذلك سيكون أفضل بكثير من حياة المسرح، وترد عليه سيري: «قلتم لي بأن أمارس الكتابة... حسنا أريد أن أبدأ الكتابة. لقد عبرتم وفي مناسبات عديدة عن أحاسيسي نفسها، وأفكاري نفسها، إذن والحالة هذه؛ فلماذا علي أن أخشاكم؟ أجل أود الكتابة الآن، ولكن لكم وحدكم، لماذا؟ لأنكم تفهمونني، لأنكم تحسون وتعانون بالطريقة نفسها التي أحس وأعاني بها، لأنكم لا تعرفون الهدوء والسكينة مثلي».
وتقتنع سيري بأنها وجدت أخيراً روح الوئام بين عذابها الرومانتيكي ورغبتها في الفن المسرحي الدرامي. وأصبح حلمها هو تحقيق علاقة «نقية» روحية، وكان سترندبرغ يغذي أفكارها وأوهامها تلك، ويثير في الوقت نفسه ذاته غيرتها من خلال حديثه المستمر عن حبه عازفة البيانو الفنلندية «آنا فورستن»، بل كان يطلب من «سيري» وزوجها «كارل» التدخل ليكونا عوناً له في مساعي حبه لعازفة البيانو.
وتدور الأيام لتتكشف عن علاقة بين زوج «سيري» وابنة عمه الجميلة التي كانت تعيش معهم في بيت واحد وتدعى «صوفي»؛ مما يدفع بها إلى الطلاق من دون فضح الأسباب حفاظاً على سمعة العائلة وشرفها، ويأتي دور سترندبرغ ليشجعها على الدخول إلى التمثيل المسرحي، وسرعان ما يتم الزواج بينهما، بعد أن صعدت خشبة المسرح لتقوم بأدوار كان يكتبها سترندبرغ نفسه. إلا إن الحياة الزوجية لم تدم طويلاً بذلك الوئام؛ إذ سرعان ما تأزمت العلاقة، خصوصاً بعدما نشر سترندبرغ رواية «الزواج» التي وصف فيها «سيري» الزوجة بشكل مضحك، وكانت «سيري» في حينها تطمح للقيام بدور رئيسي في مسرحية «الآنسة جوليا» عام 1889، إلا إن العرض منعته الرقابة، وفرح «سترندبرغ» لأنه لم يكن يطيق رؤيتها على المسرح، فسحب منها الدور، وتبعه الطلاق الفني مباشرة، والطلاق القانوني عام 1891.
وعند كتابة سترندبرغ روايته التي بناها على الرسائل المتبادلة بينهما، عنون الفصل الأخير منها بـ«الزمن الضائع»، كما يوضح الناقد الإيطالي فولفيو فيراري في مقدمته كتاب «هو وهي». وكان سترندبرغ حذف العديد من الرسائل التي تشهد على عكس ذلك؛ إذ إن بداية علاقتهما كانت عاصفة بشكل لم يحتمل أي منهما مقاومته. تقول سيري في إحدى الرسائل المحذوفة: «هناك لحظات رهيبة أومن فيها بوجود الشيطان، وأحياناً تبدو أنت لي بتلك الهيئة».

ثم تخاطبه: «عشيقي العفريت الرهيب»، بينما توقع رسائلها بـ«العشيقة الحيوانية» و«الصغيرة الواهنة» و«اللبؤة الشابة» و«الدجاجة المعبودة»... وتتعهد في كثير من رسائلها بأن تكون له أباً وأماً وزوجة وابناً وخادمة. وتكشف في رسالة كتبتها له عام 1876: «إنك تعجبني؛ لأنك مجنون، وجنونك هذا يشبه إلى حد كبير أحد الأدوار التي تحتاج من يمثلها». وفي رسالة أخرى تصله بعد بضعة أيام تقول: «الآن عليك ألا تصدقني، فهل تعتقد أني شريرة؟ أجل، لك أن تعتقد ذلك، وسيكون ذلك سبباً ستجده بين يديك لاحتقاري».



«الشارقة الثقافية» تحتفي بأحمد شوقي

«الشارقة الثقافية» تحتفي  بأحمد شوقي
TT

«الشارقة الثقافية» تحتفي بأحمد شوقي

«الشارقة الثقافية» تحتفي  بأحمد شوقي

صدر أخيراً العدد (97) لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «الشارقة الثقافية»، وقد تضمن مجموعة من الموضوعات والمقالات والحوارات، في الأدب والفن والفكر والسينما والتشكيل والمسرح.

جاءت افتتاحية العدد بعنوان (معرض الشارقة الدولي للكتاب والتنوع الثقافي العالمي)، الذي يواصل مسيرته برؤية متجدّدة، انطلاقاً من أن الكتاب أصل كل شيء، وأنه الأمين على منجزات الشعوب وحكاياتها ورفيق مسيرتها، وأن بناء العقول هو الاستثمار الأكبر».

أما مدير التحرير نواف يونس؛ فكتب عن الاحتفاء بذكرى (أمير الشعراء) أحمد شوقي.

وفي تفاصيل العدد، كتب محمد نعمان عن أمير الشعراء أحمد شوقي (قيثارة الشعر وسلاسل الذهب)، وحاور حسن الوزاني الكاتب ماكس فايس الذي يدرس ويترجم الأدب العربي، فيما قدمت سوسن محمد كامل إطلالة على مدينة دير الزور.

أما في باب (أدب وأدباء)؛ فقدم كل من هشام أزكيض ود. عزيز بعزي استطلاعاً يحتفي بمجلة «الشارقة الثقافية» بمناسبة مرور تسع سنوات على إصدارها، وتوقف عادل البطوسي عند تجربة الكاتبة هان كانغ التي نالت (نوبل) ورفضت الاحتفال بها، فيما حاور خليل الجيزاوي الكاتبة زينب صادق التي شاركت في تأسيس مجلة (صباح الخير)، وتتبعت أنور محمد مسيرة إلياس خوري. أما أحمد فضل شبلول فكتب عن تأثر نجيب محفوظ بطه حسين، ورصد مصطفى القزاز المساجلات الأدبية التي أثْرَت المكتبة العربية، وقرأت ثراء هانئ سيرة فؤاد الشايب.

ومن الموضوعات الأخرى، كتبت د. زهرة بن يمينة عن الشاعر صالح الشرنوبي، وسلطت رويدا محمد الضوء على تجربة الأديب محمد العدناني الذي ترك دراسة الطب وتفرغ للشعر، وتناول هشام عدرة في عالم الشاعر وجيه البارودي، وغير ذلك من الموضوعات.

ونقرأ في باب (فن. وتر. ريشة) الموضوعات الآتية: «القاهرة تكرم سلطان القاسمي أحمد أهم رجالات المسرح في الوطن العربي» لعبد العليم حريص، و«مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة ملتقى فكري إلى جانب العروض المشاركة» – لعبد العليم حريص، و«أحمد الجسمي عميد المسرح في الإمارات» لأحمد الماجد، و«علي نفنوف في رحلته للبحث عن اللا مألوف» لرفاه هلال حبيب، و«محمد نصر الله يفتح الأبواب أمام حلمه» و«محمد العامري، فن الحقيبة وحّد مشاعر أهل السودان» لحجازي حسن أحمد، و«أندريا رايدر أجاد التعبير عن تفاصيل وخصوصية إنسانية» لأشرف بيدس، و«كيت وينسلت... أداء جدير بالجوائز» لأسامة عسل. ونقرأ حواراً مع مالك خوري أجراه محمد جمال الروح.

وقد أفرد العدد مساحة لمجموعة من القصص القصيرة والترجمات لمجموعة من الكتاب العرب.