ليبيا وتشاد تتفقان على تأمين الحدود لوقف «الجماعات المتطرفة»

الدبيبة بحث مع ديبي عملية إخراج «المرتزقة» والفصائل المسلحة

جانب من مباحثات الوفد الوزاري الليبي مع المسؤولين في تشاد أمس (الحكومة الليبية)
جانب من مباحثات الوفد الوزاري الليبي مع المسؤولين في تشاد أمس (الحكومة الليبية)
TT

ليبيا وتشاد تتفقان على تأمين الحدود لوقف «الجماعات المتطرفة»

جانب من مباحثات الوفد الوزاري الليبي مع المسؤولين في تشاد أمس (الحكومة الليبية)
جانب من مباحثات الوفد الوزاري الليبي مع المسؤولين في تشاد أمس (الحكومة الليبية)

اتفق عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبي، مع رئيس المجلس العسكري الانتقالي في تشاد، الفريق أول محمد إدريس ديبي، بالعاصمة التشادية إنجمينا، على تأمين الحدود المشتركة بين البلدين، بهدف وقف زحف المقاتلين و«الجماعات المتطرفة».
وزار الدبيبة تشاد أمس، على رأس وفد وزاري ضم وزراء: الداخلية خالد مازن، والخارجية نجلاء المنقوش، والاتصال السياسي وليد اللافي، بالإضافة إلى رئيس الأركان العامة اللواء محمد الحداد، ورئيس الاستخبارات العسكرية. وكان في استقبالهم رئيس الوزراء التشادي باهيمي باداكي، ووزير الخارجية التشادي محمد زين شريف.
وتم خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وتعزيز التواصل والتعاون في عديد من الملفات، وخصوصاً الملف الأمني، وما يتعلق بعملية إخراج «المرتزقة» والفصائل المسلحة.
وفي مستهل اللقاء، عبر الدبيبة عن عمق العلاقات التي تربط البلدين، والتي تمتد جذورها عبر التاريخ. وتطرقت المباحثات إلى عدد من القضايا التي تهم البلدين، وفي مقدمتها تأمين وإدارة الحدود المشتركة، وتفعيل الاتفاقية الرباعية التي تم توقيعها في 2018 لتدخل حيز التنفيذ.
وأوضح مكتب الدبيبة أن اللقاء تناول أيضاً سبل تعزيز التعاون الأمني، ووضع آليات للمتابعة الدقيقة، وتأمين تدفق المعلومات وتبادلها في الوقت المناسب، بينما شدد الدبيبة على ضرورة «دعم التعاون الأمني بين البلدين، من خلال الدوريات الصحراوية المشتركة، وإقامة الدورات وبناء القدرات».
كما طالب الدبيبة المجتمع الدولي «بالقيام بواجباته في دعم الجهود المبذولة» من قبل البلدين للسيطرة على الحدود التي قال إنها «أصبحت ملاذاً للجماعات المتطرفة، وعصابات الجريمة المنظمة، والمهربين»؛ مؤكداً أن «مُعالجة هذه الأزمات يجب ألا تقتصر على الحل الأمني وحده؛ لأن المُقاربة الأمنية وحدها لا تكفي».
في سياق ذلك، دعا الدبيبة إلى العمل على إنشاء لِجان مُشتركة، تضم خبراء من البلدين في جميع المجالات الاقتصادية والتجارية، لتحديد الأولويات المُشتركة، ووضع الآليات التنفيذية لها.
وعرض الدبيبة على تشاد حزمة من الإجراءات الاقتصادية، من خلال بحث سُبل زيادة حجم التبادل التجاري، وتسهيل حركة تبادل السِّلع، وإمكانية استفادة تشاد من المواني الليبية، بما يُعزز تحقيق الشراكة والاندماج الاقتصادي الحقيقي بين البلدين، إضافة إلى شق الطرق، وإنشاء شركات نقل مشتركة مساهمة، يتم تشجيعها لزيادة حجم التبادل التجاري.
وسبق أن اتفق عضو المجلس الرئاسي، موسى الكوني، وديبي، في نهاية أغسطس (آب) الماضي، على ضرورة إخراج الفصائل المسلحة التشادية من الأراضي الليبية، بالإضافة إلى ما يتعلق بملف أمن الحدود المشتركة.
كما توصل الطرفان آنذاك إلى ضرورة «تفعيل الاتفاق الأمني الرباعي الذي جرى توقيعه بين دول: ليبيا، وتشاد، والنيجر، والسودان، والذي يفصل آليات تكوين قوة مشتركة لحماية الحدود المشتركة، تسهم في سد الطريق أمام الإرهاب والجرائم الأخرى العابرة للقارات، كالاتجار بالبشر أو الهجرة غير الشرعية، وجميع أنواع التهريب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».