المغرب يطلق حملة لإقناع المغاربة بالتبرع بأعضائهم

بسبب التحفظ الديني والنقص الحاد في عدد المانحين

وزير العدل المغربي مصطفى الرميد ووزير الصحة الحسين الوردي لدى افتتاحهما اللقاء الوطني لتشجيع التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
وزير العدل المغربي مصطفى الرميد ووزير الصحة الحسين الوردي لدى افتتاحهما اللقاء الوطني لتشجيع التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

المغرب يطلق حملة لإقناع المغاربة بالتبرع بأعضائهم

وزير العدل المغربي مصطفى الرميد ووزير الصحة الحسين الوردي لدى افتتاحهما اللقاء الوطني لتشجيع التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
وزير العدل المغربي مصطفى الرميد ووزير الصحة الحسين الوردي لدى افتتاحهما اللقاء الوطني لتشجيع التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)

يعتزم المغرب إطلاق حملة إعلامية خلال الأيام المقبلة بهدف تشجيع المواطنين على التبرع بأعضائهم، بسبب النقص الحاد في عدد المتبرعين، سواء أحياء، أو بعد الوفاة، وذلك نتيجة التحفظ الديني إزاء هذا الموضوع.
وأقر الحسين الوردي، وزير الصحة المغربي أمس، خلال لقاء نظمته وزارته في الرباط، بدعوة من أطباء متخصصين وعلماء دين، بأنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت من طرف الوزارة للنهوض بمجال زرع الأعضاء والأنسجة، فإن النتائج تظل ضعيفة مقارنة مع الدول المجاورة والدول المتقدمة، مشيرا إلى أنه ما بين عامي 2012 و2014، جرت 125 عملية زرع للكلى، و5 عمليات زرع للكبد، في حين تقدر الأرقام المسجلة في فرنسا بـ9105 عمليات زرع للكلى، ونحو 3181 عملية زرع كبد، أما بخصوص نسبة المتبرعين من بين المانحين الأموات فقد وصلت فقط إلى 0.4 لكل مليون شخص في المغرب، مقابل 24.8 في فرنسا.
وأوضح الوردي أن السبيل لتجاوز النقص الحاد في مجال زرع الأعضاء والأنسجة يتمثل في إنجاز أكثر من ألف عملية زرع قرنية، و250 عملية زرع للكلى، و300 عملية زرع نخاع العظام سنويا، داعيا المؤسسات الدينية إلى المساهمة في إقناع المغاربة بالتبرع بأعضائهم والتخلص من تحفظهم في هذا الشأن.
واستجاب أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذه الدعوة، حيث تعهد بتوزيع خطبة الجمعة على الأئمة تتناول هذا الموضوع تحديدا، بالإضافة إلى تأهيل الأئمة واطلاعهم من قبل مختصين من وزارة الصحة على الجوانب العلمية والطبية لعمليات الزرع، مشيرا إلى أن المغرب حسم في الجدل حول شرعية مسألة التبرع بالأعضاء من الناحية الدينية، وذلك بصدور ظهير (قانون) ينظم هذا المجال، وقال إن الأمر يتطلب شجاعة كبرى للتخلص من التردد.
ويتوفر المغرب على قانون يسمح بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها، صدر عام 1999، ويتميز بصرامته بحيث يمنع بشكل مطلق الاتجار بالأعضاء.
بدوره، عد محمد يسف، الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، التبرع بالأعضاء بمثابة «جهاد بالنفس»، و«صدقة جارية»، وهو الرأي نفسه الذي عبر عنه مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، الذي سبق له أن أعلن عن تسجيل اسمه ضمن لائحة المتبرعين بأعضائهم بعد الوفاة. وقال الرميد بهذا الخصوص إن «المرضى الذين يحتاجون لهذه الأعضاء أولى بها من الديدان»، مضيفا أن «الحصيلة الهزيلة للمتبرعين، والتي لم تتجاوز 28 حالة خلال 10 سنوات كانت صاعقة ومؤلمة ولا تصدق»، وعد الأمر بمثابة «المنكر الذي ينبغي تغييره». كما دعا الرميد المغاربة إلى التخلص من الخوف والتردد والشك لأن التبرع بالأعضاء نوع من الإحسان والجهاد، وقال في هذا الشأن «إذا كان الغرب يتفوق علينا من الناحية التكنولوجية، فلا ينبغي أن نسمح بأن يتفوق علينا في القيم والأخلاق».
وكشف وزير الصحة أن المغرب كان سباقا على المستوى المغاربي في مجال زرع الأعضاء والأنسجة، حيث أجريت أول عملية زرع كلى على المستوى المغاربي سنة 1985 في الدار البيضاء، وعملية زرع القلب سنة 1995 بالمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط، لكنها ظلت العملية الوحيدة، كما أجريت أول عملية لزرع النخاع العظمي بالمركز الاستشفائي ابن رشد سنة 2004. أما زراعة القرنية فلم يبتدئ العمل بها إلا سنة 2009 رغم سهولتها التقنية، وذلك بسبب عدم توفر المغرب آنذاك على بنك للأنسجة، مما اضطره إلى استيراد القرنيات من بنك الأنسجة الأميركي لفائدة المراكز الاستشفائية الجامعيةً.
كما عرف المغرب انطلاقا من سنة 2010 إنجاز أول عملية زرع الأعضاء من مانحين في حالة موت دماغي بموافقة عائلاتهم، وذلك بالمستشفى الجامعي بالدار البيضاء، قبل أن تعمم بالمستشفيات الجامعية الأخرى. كما أنجز المستشفى الجامعي محمد السادس في مراكش سنة 2014 أول عمليتين لزرع الكبد، تلتها 3 عمليات أخرى في كل من الدار البيضاء والرباط. كما أجريت في المركز الجامعي الحسن الثاني بفاس عمليات معقدة لزرع الأطراف، عدت الأولى من نوعها سنة 2014.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.