«القاعدة» ترفض إعادة الأموال المنهوبة وتسعى إلى التمركز العسكري في حضرموت

طائرة من دون طيار تستهدف عددًا من عناصرها.. والمجلس الأهلي يطالب بتفويض رئاسي لإدارة شؤون المحافظة

مسلحون يمنيون من الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي أثناء مواجهات مع الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
مسلحون يمنيون من الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي أثناء مواجهات مع الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

«القاعدة» ترفض إعادة الأموال المنهوبة وتسعى إلى التمركز العسكري في حضرموت

مسلحون يمنيون من الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي أثناء مواجهات مع الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
مسلحون يمنيون من الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي أثناء مواجهات مع الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)

لقي عدد من المشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة، أمس، مصرعهم بصاروخ يعتقد أن طائرة أميركية من دون طيار أطلقته على المشتبهين في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، التي تخضع لسيطرة التنظيم. وذكرت مصادر محلية في المكلا، لـ«الشرق الأوسط»، أن ما لا يقل عن 6 من تلك العناصر المتشددة قتلوا في الغارة الجوية التي نفذت بالقرب من أحد المطاعم في شارع قريب من القصر الرئاسي في المدينة، والذي يتمركز فيه المسلحون المتطرفون.
وتزامن هذا الاستهداف لهذه العناصر مع رفض تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مطالب المجلس الأهلي في حضرموت بإعادة الأموال التي نهبت من البنوك وتسليم كل المعسكرات والمقار التي جرت السيطرة عليها مطلع أبريل (نيسان) الحالي في معظم محافظة حضرموت، في جنوب شرقي اليمن. وأعلن المجلس الأهلي بحضرموت أنه وصل إلى طريق مسدود مع تلك العناصر التي تطلق على نفسها تسمية «أبناء أو شباب حضرموت»، وأعلن المجلس الأهلي في حضرموت، والذي شكل عقب سقوط مدينة المكلا في أيدي عناصر «القاعدة»، أنه لن يتسلم «المرافق والإدارات والميناء والمطار والمعسكرات حتى يصدر بيان واضح من السلطة (الرئاسة) بدعم المجلس الأهلي في خطواته، وضخ الأموال التي تسيّر عجلة الحياة في المدينة (رواتب، ميزانيات تشغيلية، صيانة، وترميم)». وأضاف المجلس الأهلي ومجلس علماء أهل السنة والجماعة بحضرموت، في بيان مشترك حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أنه «ونظرا لما حدث اليوم من محاولة للسطو على البنك العربي، والذي تتحمل مسؤوليته القوة المسيطرة على المكلا (أبناء حضرموت)، لأن المجلس الأهلي لا يمكن أن يتحمل أعباء إدارة عاصمة المحافظة في هذه الفترة الحرجة، فإن المجلس إذ يعبر عن شكره للسلطة المحلية ممثلة بالأخ المحافظ على إيلائه الثقة في تسلم المرافق والمعسكرات من (أبناء حضرموت)، فإن هذا التسلم يتطلب صلاحيات ويفرض تبعات لم تفوّض السلطة بها المجلس الأهلي، ولذلك يعتبر هذا التكليف ناقصا، ويعتذر المجلس الأهلي عن عدم قبول التسلم ما لم يكتمل التفويض، ولا يتحمل أي تبعات الآن أو مستقبلا تنتج عن الأوضاع الاستثنائية أو الفراغ الأمني، وتتحمل الأطراف التي تمتلك اتخاذ القرار مسؤولية ذلك، وهم (أبناء حضرموت) الذين يسيطرون على المدينة والسلطة المحلية التي أعلنت في بيانها أنها تمارس مهامها وتقوم بدورها عبر مؤسساتها».
وشرح البيان المشترك تفاصيل تتعلق بسير المفاوضات مع عناصر «القاعدة»، وقال إنه وفي ضوء سقوط مدينة المكلا، عاصمة المحافظة، في أيدي من يطلقون على أنفسهم «أبناء حضرموت» من عناصر «القاعدة» وسيطرتهم على القصر الجمهوري وكل مؤسسات الدولية، جرى التواصل معهم «وبعد التواصل المستمر مع محافظ محافظة حضرموت بذل العلماء والقبائل والشخصيات التي استشعرت مسؤوليتها التاريخية في إنقاذ ما يمكن إنقاذه ولعدم السماح بتكرار ما حدث في محافظة أبين من سفك دماء وتشريد وتدمير كلي للبنية التحتية والمنشآت العامة ومنازل المواطنين، وحتى لا يحدث ذلك لا سمح الله، بذل العلماء والقبائل والشخصيات جهودا مضنية في إقناع (أبناء حضرموت) بخطورة بقائهم مسيطرين على مقرات الدولة السيادية وغيرها وما قد يجره ذلك من تدخلات عسكرية إقليمية ودولية ستكون عواقبها وخيمة على العباد والبلاد، ونتيجة لتلك الجهود تم التوصل إلى صيغة اتفاق يقضي بتسليم كل مرافق الدولة ومراكز الأمن العام إلى مجلس أهلي حضرمي يتشكل من علماء ووجهاء وقبائل، وقد سبق ذكر صيغة الاتفاق في بيان ماض». وأضاف البيان أنه «بعد أيام حدث انسحاب للقوات العسكرية المرابطة في المطار والضبة واللواء 27 ميكا واللواء 190 جوي، وليس صحيحا أن المجلس الأهلي الحضرمي قد تسلم هذه المعسكرات وسلمها (لأبناء حضرموت) بل سيطروا عليها». وقال إن المجلس اتخذ سلسلة من القرارات أبرزها «يستمر تفاوض المجلس الأهلي مع (أبناء حضرموت) ولا يتم تسلم المرافق وتحمل مسؤولية تسيير أعمال عاصمة المحافظة إلا إذا التزم (أبناء حضرموت) بالشروط الآتية: تسليم جميع مرافق الدولة للمجلس الأهلي بشكل تدريجي، وتسليم الميناء والمطار والمعسكرات للمجلس الأهلي، وتسليم المجلس الأهلي كميات كافية كمًا ونوعًا من الآليات والسلاح والذخيرة (بحسب طلب اللجنة الأمنية في المجلس) بما يحقق قيام المجلس بمهامه في حفظ الأمن العام والمعسكرات، وإرجاع ما لا يقل عن ملياري ريال إلى المجلس الأهلي لتسيير أعمال المحافظة من المبالغ التي أخذت من البنك المركزي، وعدم تنفيذ أي اعتقالات أو مداهمات بعد تسلم المجلس الأهلي إلا إذا ثبت أن شخصا ما يعمل على تقويض أمن المحافظة. ويستمر التواصل مع رئيس الجمهورية ونائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء ومحافظ المحافظة لاستصدار بيان منهم لدعم المجلس الأهلي في تحقيق الأمن والاستقرار وتطبيع الحياة بحضرموت، ويجب على اللجنة المكلفة بتنفيذ القرارات أعلاه العودة إلى المجلس الأهلي لإطلاعه على نتائج تنفيذ القرارات أعلاه في مدة لا تتجاوز ثماني وأربعين ساعة».
وقال المجلس الأهلي بحضرموت إنه وبعد نقاشات مطولة مع عناصر «القاعدة» وافق (أبناء حضرموت) على «تسليم المرافق والإدارات في أي وقت يريد المجلس الأهلي»، كما «وافقوا على تسليم الميناء والمطار والمعسكرات إلى المجلس الأهلي باستثناء اللواء 27 ميكا بحجة أنهم يريدون البقاء فيه لعدم وجود جيش يحمي حضرموت من هجمات الحوثيين»، ووافقوا، أيضا، على «تسليم المجلس الأهلي كميات الآليات والسلاح وسيارات النجدة والشرطة التي تسير عمل اللجنة الأمنية بالمجلس، باستثناء السلاح الخفيف لأنهم حسب قولهم لم يجدوا شيئا منه حيث إن العسكر قاموا ببيعه قبل مغادرتهم المكلا». وقال إن «أبناء حضرموت» اعتذروا عن عدم قدرتهم على إرجاع الأموال التي أخذت من البنك المركزي بحجة أنها أتلفت في القصف الذي تعرضوا له في منطقة المسيني بمديرية بروم وميفع، كما التزموا بعدم «تنفيذ اعتقالات أو مداهمات بعد تسلم المجلس الأهلي للمدينة إلا إذا تحقق خطر شخص ما على أمن حضرموت».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.