هلسنكي تعتزم تعزيز علاقتها الاقتصادية مع الرياض في التكنولوجيا والاتصالات والتعليم

السفير الفنلندي: نتطلع لزيادة الاستثمارات والتبادل التجاري

هلسنكي تعتزم تعزيز علاقتها الاقتصادية مع الرياض في التكنولوجيا والاتصالات والتعليم
TT

هلسنكي تعتزم تعزيز علاقتها الاقتصادية مع الرياض في التكنولوجيا والاتصالات والتعليم

هلسنكي تعتزم تعزيز علاقتها الاقتصادية مع الرياض في التكنولوجيا والاتصالات والتعليم

قال لـ«الشرق الأوسط»، بيكا فاوتيلاينين، سفير فنلندا لدى السعودية، إن حكومة بلاده المنتخبة في دورتها الجديدة ستمضي في طريق استراتيجية بلاده الثابتة تجاه السعودية، مبينا أنها ستضع علاقات هلسنكي بالرياض في مقدمة أولوياتها، مشيرا إلى أن علاقات البلدين في نمو مستمر.
ولفت إلى أن بلاده تجدد مرة أخرى للعالم، من خلال إنجاحها العملية الانتخابية في دورتها الحالية أنها إحدى أهم الدول المستقرة سياسيا، مؤكدا أن ذلك أساس الاستقرار الاقتصادي والتقدم التقني والتكنولوجي والصناعي عموما.
وتوقع السفير الفنلندي أن يشهد منتصف العام المقبل زيادة في حجم التبادل التجاري البالغ حاليا 500 مليون يورو، مبينا أنه لا يعبر عن حجم العلاقات بين البلدين، متطلعا إلى التوسع في الاستثمارات ذات القيمة المضافة، في ظل الاتفاقيات المبرمة بين الرياض وهلسنكي في مجال الاتصالات والتكنولوجيا والتعليم.
وقال فاوتيلاينين: «العلاقات بين الرياض وهلسنكي جيدة جدا، ولدينا تواصل وزيارات متصلة على أعلى المستويات، كما يوجد عدد كبير من الشركات الفنلندية في السعودية، تتجاوز استثماراتها المليار يورو، وتوظف عددا من السعوديين في مختلف المهن».
وزاد: «إذا نظرنا لمجموعة قليلة فقط من الشركات الفنلندية العاملة في السعودية حاليا، نجد حجم استثماراتها يتجاوز المليار يورو، مما يعني أن هذه الشركات ذات قدرات كبيرة جدا، فما بالك إذا توسعنا في هذا النوع من التعاون في أوجه أخرى تمكن البلدين من تحقيق تكامل حقيقي».
وأضاف: «فنلندا جادة في تعزيز علاقتها مع السعودية، التي تتمتع بسوق كبيرة غنية بالفرص الاستثمارية في مختلف المجالات، وفي المقابل، فإن فنلندا تشهد تطورا كبيرا في مختلف محركات الاقتصاد، من حيث نمو الاستثمارات والفرص التجارية والصناعية، ولديها تطور كبير في مجال الرعاية الصحية والتكنولوجيا والتعليم».
وأوضح أن البلدين شهدا اتفاقيات عدة، ارتبط بعضها بعملية تأمين المعلومات والإنترنت واللوائح والخدمات الرقمية، وأخرى موجهة لإحداث نقلة في جودة المخرجات ووضع استراتيجية متكاملة لمنظومة التعليم، مشيرا إلى أن قطاعي التكنولوجيا العالية والخدمات المعلوماتية احتلا المرتبة الثانية عالميا.
ولفت فاوتيلاينين إلى أن فنلندا تعتبر من أكبر بلاد العالم في مجال الصناعات التكنولوجية والبرمجيات، مبينا أن هذا القطاع يشهد تطورا مذهلا ومستمرا وأنه أساس تحريك الاقتصادات الكبيرة وسبب نموها، مشيرا إلى أن هناك فرصة لتعزيز التعاون في هذا المجال بين البلدين.
وتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة في ظل الحكومة الجديدة المنتخبة، تعزيزا أكبر في مجال التعاون الاقتصادي مع السعودية في مختلف المجالات، مشيرا إلى أن العملية الانتخابية انتهت بسلاسة، مبينا أنها تجرى كل أربعة أعوام لتجديد الدماء في تشكيلة الحكومة.
وأكد فاوتيلاينين أن انتهاء العملية الانتخابية بهذه السلاسة، يعني مزيدا من التطور الاقتصادي، منوها بأن الاقتصاد ينمو سريعا، مبينا أن فنلندا أصبحت دولة رفاه اجتماعي واسع ومتوازن بين الشرق والغرب من حيث الاقتصاد والسياسة العالمية، مشيرا إلى أنها تتصدر المقارنات الدولية في الأداء الوطني.
ونوه بأن تعداد فنلندا يبلغ نحو 5.4 مليون شخص، حيث تعد البلد الثامن من حيث المساحة في أوروبا وأقل بلدان الاتحاد الأوروبي كثافة سكانية، مشيرا إلى أن فنلندا جمهورية برلمانية ذات حكومة مركزية مقرها هلسنكي وحكومات محلية في 336 بلدية.
ووفق فاوتيلاينين، فإن فنلندا تتصدر قائمة أفضل بلد في العالم، من حيث الصحة والدينامية الاقتصادية والتعليم والبيئة السياسية ونوعية الحياة، كما تعتبر ثاني أكثر البلاد استقرارا في العالم، والسابعة في التنافسية، إلى جانب أنها تعد ثالث دولة من حيث نسبة الخريجين إلى السكان.
ونوه بأن قطاع التكنولوجيا وتقنية الإلكترونيات والبرمجيات، من أكبر الصناعات في البلاد، مبينا أن الإلكترونيات تمثل 21.6 في المائة، منوها بأن هناك تطورا في مجال الآلات والمركبات وغيرها من المنتجات المعدنية ذات الاستخدام الهندسي، بنسبة لا تقل عن 21.1 في المائة، فضلا عن صناعات أخرى متعددة.
وأكد السفير فاوتيلاينين أن التجارة الدولية تمثل ثلث الناتج المحلي الإجمالي، وتمثل 60 في المائة من إجمالي التجارة مع الاتحاد الأوروبي، مبينا أن هولندا والصين وألمانيا وروسيا والسويد وبريطانيا والولايات المتحدة أكبر الشركاء التجاريين، وأن فنلندا هي البلد الوحيد من الشمال الأوروبي الذي انضم إلى منطقة اليورو.



ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
TT

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي وتوريد الأعمال، وربما تؤدي إلى مغادرة مئات الآلاف من العمال الفيدراليين للحكومة.

ووفقاً لثلاثة مصادر مطلعة، ناقش ترمب رغبته في إصلاح الخدمة البريدية خلال اجتماعاته مع هاوارد لوتنيك، مرشحه لمنصب وزير التجارة والرئيس المشارك لفريق انتقاله الرئاسي. كما أشار أحد المصادر إلى أن ترمب جمع، في وقت سابق من هذا الشهر، مجموعة من مسؤولي الانتقال للاستماع إلى آرائهم بشأن خصخصة مكتب البريد، وفق ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست».

وأكد الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظراً للطبيعة الحساسة للمحادثات، أن ترمب أشار إلى الخسائر المالية السنوية لمكتب البريد، مشدداً على أن الحكومة لا ينبغي أن تتحمل عبء دعمه. ورغم أن خطط ترمب المحددة لإصلاح الخدمة البريدية لم تكن واضحة في البداية، فإن علاقته المتوترة مع وكالة البريد الوطنية تعود إلى عام 2019، حيث حاول حينها إجبار الوكالة على تسليم كثير من الوظائف الحيوية، بما في ذلك تحديد الأسعار، وقرارات الموظفين، والعلاقات العمالية، وإدارة العلاقات مع أكبر عملائها، إلى وزارة الخزانة.

وقال كيسي موليغان، الذي شغل منصب كبير الاقتصاديين في إدارة ترمب الأولى: «الحكومة بطيئة جداً في تبنِّي أساليب جديدة، حيث لا تزال الأمور مرتبطة بعقود من الزمن في تنفيذ المهام. هناك كثير من خدمات البريد الأخرى التي نشأت في السبعينات والتي تؤدي وظائفها بشكل أفضل بكثير مع زيادة الأحجام، وخفض التكاليف. لم نتمكن من إتمام المهمة في فترتنا الأولى، ولكن يجب أن نتممها الآن».

وتُعد خدمة البريد الأميركية واحدة من أقدم الوكالات الحكومية، حيث تأسست عام 1775 في عهد بنيامين فرنكلين، وتم تعزيزها من خلال التسليم المجاني للمناطق الريفية في أوائل القرن العشرين، ثم أصبحت وكالة مكتفية ذاتياً مالياً في عام 1970 بهدف «ربط الأمة معاً» عبر البريد. وعلى الرغم من التحديات المالية التي يفرضها صعود الإنترنت، فإن الخدمة البريدية تظل واحدة من أكثر الوكالات الفيدرالية شعبية لدى الأميركيين، وفقاً لدراسة أجراها مركز «بيو» للأبحاث عام 2024.

ومع مطالبات الجمهوريين في الكونغرس وآخرين في فلك ترمب بخفض التكاليف الفيدرالية، أصبحت الخدمة البريدية هدفاً رئيسياً. وأفاد شخصان آخران مطلعان على الأمر بأن أعضاء «وزارة كفاءة الحكومة»، وهي لجنة غير حكومية يقودها رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، أجروا أيضاً محادثات أولية بشأن تغييرات كبيرة في الخدمة البريدية.

وفي العام المالي المنتهي في 30 سبتمبر (أيلول)، تكبدت الخدمة البريدية خسائر بلغت 9.5 مليار دولار، بسبب انخفاض حجم البريد وتباطؤ أعمال شحن الطرود، على الرغم من الاستثمارات الكبيرة في المرافق والمعدات الحديثة. وتواجه الوكالة التزامات تقدّر بنحو 80 مليار دولار، وفقاً لتقريرها المالي السنوي.

من شأن تقليص الخدمات البريدية أن يغير بشكل جذري صناعة التجارة الإلكترونية التي تقدر قيمتها بتريليون دولار، ما يؤثر في الشركات الصغيرة والمستهلكين في المناطق الريفية الذين يعتمدون على الوكالة بشكل كبير. وتُعد «أمازون»، أكبر عميل للخدمة البريدية، من بين أكبر المستفيدين، حيث تستخدم الخدمة البريدية لتوصيل «الميل الأخير» بين مراكز التوزيع الضخمة والمنازل والشركات. كما أن «التزام الخدمة الشاملة» للوكالة، الذي يتطلب منها تسليم البريد أو الطرود بغض النظر عن المسافة أو الجوانب المالية، يجعلها غالباً الناقل الوحيد الذي يخدم المناطق النائية في البلاد.

وقد تؤدي محاولة خصخصة هذه الوكالة الفيدرالية البارزة إلى رد فعل سياسي عنيف، خصوصاً من قبل الجمهوريين الذين يمثلون المناطق الريفية التي تخدمها الوكالة بشكل غير متناسب. على سبيل المثال، غالباً ما يستدعي المسؤولون الفيدراليون من ولاية ألاسكا المسؤولين التنفيذيين في البريد للوقوف على أهمية الخدمة البريدية لاقتصاد الولاية.

وفي رده على الاستفسارات حول خصخصة الوكالة، قال متحدث باسم الخدمة البريدية إن خطة التحديث التي وضعتها الوكالة على مدى 10 سنوات أدت إلى خفض 45 مليون ساعة عمل في السنوات الثلاث الماضية، كما قللت من الإنفاق على النقل بمقدار 2 مليار دولار. وأضاف المتحدث في بيان أن الوكالة تسعى أيضاً للحصول على موافقة تنظيمية لتعديل جداول معالجة البريد، وتسليمه لتتوافق بشكل أكبر مع ممارسات القطاع الخاص.

كثيراً ما كانت علاقة ترمب مع وكالة البريد الأميركية متوترة، فقد سخر منها في مناسبات عدة، واصفاً إياها في المكتب البيضاوي بأنها «مزحة»، وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفها بأنها «صبي التوصيل» لشركة «أمازون».

وفي الأيام الأولى لجائحة فيروس «كورونا»، هدد ترمب بحرمان الخدمة البريدية من المساعدات الطارئة ما لم توافق على مضاعفة أسعار الطرود 4 مرات. كما أذن وزير خزانته، ستيفن منوشين، بمنح قرض للوكالة فقط مقابل الحصول على وصول إلى عقودها السرية مع كبار عملائها.

وقبيل انتخابات عام 2020، ادعى ترمب أن الخدمة البريدية غير قادرة على تسهيل التصويت بالبريد، في وقت كانت فيه الوكالة قد مُنعت من الوصول إلى التمويل الطارئ الذي كان يحظره. ومع ذلك، في النهاية، تمكنت الخدمة البريدية من تسليم 97.9 في المائة من بطاقات الاقتراع إلى مسؤولي الانتخابات في غضون 3 أيام فقط.

وعند عودته إلى منصبه، قد يكون لدى ترمب خيارات عدة لممارسة السيطرة على وكالة البريد، رغم أنه قد لا يمتلك السلطة لخصخصتها بشكل أحادي. حالياً، هناك 3 مقاعد شاغرة في مجلس إدارة الوكالة المكون من 9 أعضاء. ومن بين الأعضاء الحاليين، هناك 3 جمهوريين، اثنان منهم تم تعيينهما من قبل ترمب. ولدى بايدن 3 مرشحين معلقين، لكن من غير المرجح أن يتم تأكيدهم من قبل مجلس الشيوخ قبل تنصيب ترمب.

ومن المحتمل أن يتطلب تقليص «التزام الخدمة الشاملة» بشكل كبير - وهو التوجيه الذي أوصى به المسؤولون خلال فترة ولاية ترمب الأولى - قانوناً من الكونغرس. وإذا تم إقرار هذا التشريع، فإن الخدمة البريدية ستكون ملزمة على الفور تقريباً بتقليص خدمات التوصيل إلى المناطق غير المربحة وتقليص عدد موظفيها، الذين يقدَّر عددهم بنحو 650 ألف موظف.

وقد تؤدي محاولات قطع وصول الوكالة إلى القروض من وزارة الخزانة، كما حاولت إدارة ترمب في السابق، إلى خنق الخدمة البريدية بسرعة، ما يعوق قدرتها على دفع رواتب موظفيها بشكل دوري وتمويل صيانة مرافقها ومعداتها. وقال بول ستيدلر، الذي يدرس الخدمة البريدية وسلاسل التوريد في معهد ليكسينغتون اليميني الوسطي: «في النهاية، ستحتاج الخدمة البريدية إلى المال والمساعدة، أو ستضطر إلى اتخاذ تدابير قاسية وجذرية لتحقيق التوازن المالي في الأمد القريب. وهذا يمنح البيت الأبيض والكونغرس قوة هائلة وحرية كبيرة في هذا السياق».

وقد حذر الديمقراطيون بالفعل من التخفيضات المحتملة في خدمة البريد. وقال النائب جيري كونولي (ديمقراطي من فرجينيا)، أحد الداعمين الرئيسيين للوكالة: «مع مزيد من الفرص أمامهم، قد يركزون على خصخصة الوكالة، وأعتقد أن هذا هو الخوف الأكبر. قد يكون لذلك عواقب وخيمة، لأن القطاع الخاص يعتمد على الربحية في المقام الأول».

كما انتقدت النائبة مارغوري تايلور غرين (جمهورية من جورجيا)، رئيسة اللجنة الفرعية للرقابة في مجلس النواب، الخدمة البريدية في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وكتبت: «هذا ما يحدث عندما تصبح الكيانات الحكومية ضخمة، وسوء الإدارة، وغير خاضعة للمساءلة».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تعرضت الوكالة لانتقادات شديدة، حيث خضع المدير العام للبريد، لويس ديغوي، لاستجواب حاد من الجمهوريين في جلسة استماع يوم الثلاثاء. وحذر رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب، جيمس كومر (جمهوري من كنتاكي)، ديغوي من أن الكونغرس في العام المقبل قد يسعى لإصلاح الخدمة البريدية.

وسأل الجمهوريون مراراً وتكراراً عن استعادة التمويل لأسطول الشاحنات الكهربائية الجديد للوكالة، والخسائر المالية المتزايدة، وعن الإجراءات التنفيذية التي قد يتخذها ترمب لإخضاع الخدمة.

وقال كومر: «انتهت أيام عمليات الإنقاذ والمساعدات. الشعب الأميركي تحدث بصوت عالٍ وواضح. أنا قلق بشأن الأموال التي تم تخصيصها للمركبات الكهربائية، والتي قد يجري استردادها. أعتقد أن هناك كثيراً من المجالات التي ستشهد إصلاحات كبيرة في السنوات الأربع المقبلة... هناك كثير من الأفكار التي قد تشهد تغييرات كبيرة، وإن لم تكن مفيدة بالضرورة لخدمة البريد».